الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) إذا استخلف الإمام مسبوقا [ ص: 356 ] وكان فيهم مسبوق أيضا وأتم الخليفة ما بقي من صلاة الأول وأشار لهم أن اجلسوا وقام لقضاء ما عليه و ( جلس لسلامه ) أي إلى سلام الخليفة ( المسبوق ) من المأمومين إلى أن يكمل صلاته ويسلم فيقوم لقضاء ما عليه فإن لم يجلس بطلت ولو لم يسلم قبله لقضائه في صلب من صار إماما له وأشبه في وجوب الانتظار قوله ( كأن سبق هو ) أي المستخلف وحده فإنهم ينتظرونه ويسلمون بسلامه وإلا بطلت عليهم ( لا ) يجلس مأموم لسلام الخليفة ( المقيم يستخلفه ) إمام ( مسافر ) على مقيمين ومسافرين وكأن قائلا قال له كيف يستخلف مقيما مع أن إمامة المقيم للمسافر مكروهة فأجاب بقوله ( لتعذر ) استخلاف ( مسافر ) لعدم صلاحيته للإمامة ( أو جهله ) أي جهل تعينه من المقيم أو جهل أنه خلفه ( فيسلم ) المأموم ( المسافر ) عند قيام الخليفة المقيم لما عليه بعد إكماله لصلاة الأول ولا ينتظره ليسلم معه ( ويقوم غيره ) أي غير المسافر بعد انقضاء صلاة الأول ( للقضاء ) أي للإتيان بما عليه أفذاذا لدخولهم على عدم السلام مع الأول [ ص: 357 ] وهذا ضعيف والمعتمد أنه يجلس المسافر والمقيم لسلام الخليفة كالمسبوق المتقدم .

التالي السابق


( قوله وإذا استخلف الإمام ) أي الأصلي [ ص: 356 ]

( قوله وكان فيهم ) أي في المأمومين وقوله أيضا كالخليفة أي وفيهم غير مسبوق .

( قوله وأشار لهم ) أي المأمومين كلهم مسبوقين وغير مسبوقين ( قوله وجلس لسلامه المسبوق ) أي وإذا قام لقضاء ما عليه جلس لسلامه المسبوق أي وكذا غير المسبوق فلا يسلم قبل سلامه .

( قوله فيقوم لقضاء ما عليه ) أي فإذا سلم ذلك الخليفة قام ذلك المسبوق لقضاء ما عليه منفردا وسلم غير المسبوق مع الخليفة ( قوله فإن لم يجلس بطلت ) أي فإن لم يجلس ذلك المسبوق وقام لقضاء ما عليه عند قيام الخليفة للقضاء بطلت وهذا هو المشهور ومقابله للخمي يخير المسبوق بين أن يقوم لقضاء ما عليه وحده إذا قام الخليفة للقضاء قياسا على الطائفة الأولى في صلاة الخوف أو يستخلف من يصلي به إماما فيسلم معه لأن كليهما قاض والسلامان واحد أو ينتظر فراغ إمامه من قضائه ثم يقضي منفردا قاله شيخنا .

( قوله كأن سبق هو ) أبرز الضمير لأجل إفادة قصر السبق في الخليفة وأيضا لو لم يبرز لتوهم أن الضمير عائد على المسبوق أي كأن سبق المسبوق ولا معنى له فلذا أبرز دفعا لذلك التوهم وقد أشار الشارح للأول بقوله أي المستخلف وحده ( قوله فإنهم ينتظرونه ) أي لقضاء ما عليه بعد إتمام صلاة الأول .

( قوله وإلا بطلت ) أي وإلا ينتظروه بل سلموا حين قام لقضاء ما عليه بطلت وذلك لأن السلام من بقية صلاة الأول وقد حل هذا الخليفة محله فيه فلا يخرج القوم عن إمامته لغير معنى يقتضيه وانتظار القوم لفراغه من القضاء أخف من الخروج من إمامته وقيل إن ذلك الخليفة يستخلف لهم من يسلم بهم قبل أن يقوم لقضاء ما عليه .

( قوله لا المقيم ) هو بالجر عطف على الضمير المضاف إليه سلام من غير إعادة الخافض أي جلس المأموم المسبوق لسلام الخليفة المسبوق لا يجلس المأموم المسبوق لسلام الخليفة المقيم كذا قيل لكن فيه أن هذا يقتضي تقييد المأموم هنا بالمسبوق وليس كذلك ولعل الأحسن قراءته بالرفع عطفا على معنى قوله وجلس لسلامه المسبوق والمعنى حينئذ الخليفة المسبوق يجلس المأموم لانتظاره لا الخليفة المقيم أو عطفا على المسبوق فتأمل وحاصله أن الإمام المسافر إذا استخلف مقيما على مسافرين ومقيمين وأكمل صلاة الأول فإن من خلفه من المقيمين يقومون لإتمام ما عليهم أفذاذا ويسلمون لأنفسهم لدخولهم على عدم السلام مع الأول ولا يلزمهم أن يسلموا مع الثاني والمسافرون يسلمون لأنفسهم عند قيام ذلك المستخلف المقيم لما عليه ولا ينتظرونه للسلام معه إذ لم يدخل هذا الخليفة المقيم على أن يقتدي بالأول في السلام حتى ينتظره المسافرون ليسلم بسلامه .

( قوله ويقوم غيره للقضاء ) إطلاق القضاء على إتيانه بما بقي من صلاته هنا تسامح لأنه مكمل لصلاته فهذا بناء لا قضاء لأن القضاء عبارة عن فعل ما فات قبل الدخول مع الإمام وهذا لم يفته شيء مع هذا الإمام ولا مع الأول لأنه دخل مع الإمام المسافر من أول صلاته فإن قلت لم لم يصح أن يقتدي المأموم المقيم بهذا المستخلف المقيم المساوي له في الدخول مع الإمام المسافر فيما بقي عليه مع أن كلا منهما بان فيه قلت لأنه يؤدي إلى اقتداء شخص في صلاة واحدة بإمامين ثانيهما غير مستخلف عن الأول فيما يفعله لأنه لم يستخلفه على الركعتين اللتين يتم بهما المقيم صلاته ولا يرد على هذا الجواب ما تقدم من قول المصنف في السهو وأمهم أحدهم لأنه استخلاف حقيقة لما سبق أن سلام الإمام عند سحنون بمنزلة الحدث فلذا طلب من القوم أن يستخلفوا لأنفسهم واعلم أنه يصح لأجنبي من غير مأمومي المستخلف بالكسر أن يقتدي بالمستخلف بالفتح فيما هو بان فيه سواء كان المستخلف بالكسر يفعله أم لا ولا يصح الاقتداء به فيما هو قاض فيه فإذا استخلف المسافر مقيما مسبوقا في الركعة الثانية فيجوز الاقتداء بذلك المستخلف بالفتح فيما هو بان فيه مما كان يفعله الإمام إذا صلى وهي الركعة التي حصل الاستخلاف فيها التي هي ثانية للأول وأولى [ ص: 357 ] للثاني المستخلف ومما لم يفعله وهما الركعتان بعد ركعة الاستخلاف لأن ذلك المستخلف بان فيهما وأما الركعة الرابعة التي يأتي بها ذلك المستخلف بدلا عن الأولى التي فاتته قبل الدخول مع الإمام وهي ركعة القضاء فلا يصح الاقتداء به فيها فإذا كان اقتدى به أجنبي في شيء من ركعات البناء فإنه يجلس إذا قام ذلك الخليفة لركعة القضاء فإذا أتى بها وسلم قام ذلك المقتدي الأجنبي لإتمام صلاته كذا ذكر عبق والحق خلافه وأن ذلك الخليفة لا يصح اقتداء الأجنبي به إلا فيما يبني فيه مما يفعله المستخلف بالكسر لا فيما لا يفعله ولا فيما هو فيه قاض فيصح للأجنبي أن يقتدي به في الركعة التي حصل الاستخلاف فيها التي هي ثانية المستخلف وأولى للخليفة وأما ما يفعله الخليفة دون المستخلف وهما الركعتان بعد ركعة الاستخلاف فلا يصح اقتداؤه به فيهما كما لا يصح اقتداؤه به في الرابعة وهي ركعة القضاء كما ذكر ذلك شيخنا العلامة العدوي .

( قوله وهذا ضعيف ) أي لأنه قول ابن كنانة ومقابله لابن القاسم وسحنون والمصريين قاطبة ا هـ بن ( قوله لسلام الخليفة ) أي فإذا سلم الخليفة سلم معه المسافر وقام المقيم للقضاء




الخدمات العلمية