الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ويستحب للرجل أن يصلي في ثوبين فإن اقتصر على ستر العورة أجزأه إذا كان على عاتقه شيء من اللباس ، وقال القاضي : يجزئه ستر العورة في النفل دون الفرض .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ويستحب للرجل ) حرا كان أو عبدا ( أن يصلي في ثوبين ) ذكره بعضهم إجماعا ، قال ابن تميم وغيره : مع ستر رأسه بعمامة لما روى أبو هريرة : أن سائلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في ثوب واحد ، فقال : أولكلكم ثوبان متفق عليه ، زاد البخاري : ثم سأل رجل عمر فقال : إذا وسع الله عليكم فأوسعوا ، وقال إبراهيم : كانوا يستحبون إذا وسع الله عليهم أن لا يصلي أحدهم في أقل من ثوبين ، قال القاضي : وهو في الإمام آكد ، ونقله أبو طالب ، لأنه بين يدي المأمومين ، وتتعلق صلاتهم بصلاته ، وصرح ابن تميم أنه لا يكره أن يصلي في ثوب واحد إذا ستر عورته وعاتقيه قال في " الشرح " : فإن لم يكن إلا ثوب واحد فالقميص أولى ، لأنه أبلغ ، ثم الرداء ، ثم المئزر ، والسراويل ( فإن اقتصر على ستر ) هو بفتح السين : مصدر ستر ، وبكسرها : ما يستر به [ ص: 365 ] ( العورة أجزأه إذا كان على عاتقه ) هو موضع الرداء من المنكب ( شيء من اللباس ) يجب ستر عاتقه ، نص عليه مع القدرة ، ذكره الجماعة ، لما روى أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء رواه البخاري ، ومسلم ، وقال : على عاتقيه ، ولأحمد : اللفظان ، وظاهره لا فرق بين الفرض والنفل ، وهو ظاهر الخرقي لقول إبراهيم : كانوا يكرهون إعراء المناكب في الصلاة . رواه سعيد ، ولأن ما اشترط للفرض اشترط للنفل كالطهارة ، وعنه : سنة ، لأنه ليس بعورة أشبه بقية البدن ، وعلى الأول : يجزئه ستر أحد عاتقيه ، نص عليه ، وهو قول الأكثر ، وعنه : يجب سترهما ، ذكره السامري ، وصاحب " التلخيص " واقتصر ابن هبيرة في حكايته عن أحمد . وفي وجه يجزئه ستر عاتقيه أو أحدهما ، قدمه في " الرعاية " وفي آخر : يجزئه وضع خيط ، ونحوه ، لأن هذا شيء فيتناوله الخبر ، وفي آخر : يجزئه ما يسمى لباسا ، وإن قل دون حبل ، ونحوه ، وهذا ظاهر الخرقي ، وقدمه في " الكافي " ومتى قلنا بوجوبه فهو شرط لصحة الصلاة في ظاهر المذهب ، قال القاضي : وعليه أصحابنا ، لأن النهي يقتضي فساد المنهي عنه ، وعنه : ليس بشرط ، ذكره القاضي ، وابن عقيل ، وحملها المؤلف على أنه لا يجب ستر المنكبين جميعا لا أنها تنفي الشرطية ( وقال القاضي : يجزئه ستر العورة في النفل دون الفرض ) يعني إذا اقتصر على ستر العورة دون المنكبين أجزأه في صلاة النفل دون الفرض ، نص عليه في رواية حنبل ، ذكره السامري وغيره ، وجزم به في " الوجيز " وقدمه في " الرعاية " لأن مبناه على التخفيف ، ولذلك يسامح فيه بترك القيام والاستقبال في حال سيره مع القدرة ، فسومح فيه بهذا القدر .




                                                                                                                          الخدمات العلمية