الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعرق والرعشة تمنعاني من الانطلاق فيما أريد

السؤال

أكتب هذه الرسالة وأتمنى من الله أن يطلع عليها المختص بمثل حالتي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإخوة الأفاضل: لا أجد أحدا سواكم مرشداً لي في مثل حالتي.

أنا شخص ولله الحمد متعلم، وأحمل شهادة جامعية، وعمري 23 ولم أختلط في سلك العمل، وحديث التخرج، طموح، وأحب مزاولة الأعمال، وشخص فعال واجتماعي من الدرجة الأولى.

وأحب زملائي، وأحب أقاربي، ولله الحمد والمنة مرتاح مادياً، وليس لدي أي مشاكل فأنا خالي البـال، ودود، وأحب الخير، وعقلي الباطني ممتاز وايجابي، وأجد لنفسي حلولا على المدى القريب والبعيد، أقترح اقتراحات مميزة تثري كبار السن والقادة في المجتمع ومن يناقشني، لدي حلول لمن يأتي إلي يشتكي من موضوع أو يأخذ رأيي في موضوع، أحمد الله أنا بخير.

ولكن تعبت مع (نفسي وجسمي) وأنا مقبل على مجال عمل يجب أن أكون فعالا فيـه ولي اطروحاتي ونقاشاتي، جسمي تصيبه رعشه وانتفاضة، ولا أكاد أسيطر على جسمي، ولا على رأسي؛ فهو يتحرك دون شعور مني ويهتز، ويدي ترتعش، وقلبي ينبض بقوة وسرعة، ولكن ليست بالقوية إنها تجعلني خجولا كما أشرت لك، فأنا أسيطر عليها تماما، وأكمل ما أنا فيه، ولكنها تحرجني مع نفسي القوية ذات المعارف نفسي المطلعة، الجامعة للمعلومات، نفسي القيادية، ونزعاتي في جميع المعارف، أكاد أحيانا أمرر نقاشات خاطئة لمن حولي أو لا أتعمق في نقاش لكي لا يرتعش رأسي وترجف يدأي وجسمي، وتسيل يداي وجسمي عرقاً.

جسمي يسيل عرقاً -أكرمكم الله- ويداي تعرق، ولكن لا تؤثر علي نفسي قوية من الله -عز وجـل-.

وجدتكـم حلاً لي أثابكـم الله وأيدكم من عنده لترشدوني إلى الطريقة التي أفعلها بالذهاب إلى أحد المختصين ممن تعرفونه جيداً أنه يعرف هذه الأمور ويجيد حلها، وتشخيصها لأني متخوف أن أذهب إلى أحد يكون على غير اطلاع بمثل حالتي المتوقع أنها طبية وليست تنموية، وأتوقع أنها لدى أخصائي الأعصاب، وأريد منكم أن ترشدوني لأحد مميز في مثل هذه الأمور أو علاج مجرب على ضمانكم، ويكون نفس العلاج الذي لو ذهبت إلى طبيب يوصفه لي، وأريد علاجا لا يستمر معي طوال الحياة، علاج وقتي وفعال.

بحثت في الانترنت عن مثل حالتي وجدت: أنها قلق، وتوتر، وخوف شديد، وغيره يقول هذه ذنوب ومعاصي قد أكون اقترفتها وحقت عليّ عواقبها!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو خالـد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن رسالتك رسالة رائعة جدًّا ومعبرة، وأنا أقول لك أن الذي تعاني منه هو نوع من القلق النفسي الذي لا يخلو من وجود شيء من الوساوس البسيطة، والشخص المتميز مثلك خاصة في موضوع المعارف يكون لديه دائمًا درجة عالية من القلق، والقلق هي الطاقة النفسية التي تحركه، وبعد أن يُنجز إنجازًا معينا تجد أن هذا القلق يتحول من قلق إيجابي إلى قلق سلبي، فأنت انتهيت الحمد لله تعالى من المرحلة الدراسية، ولا شك أنها أخذت الكثير من طاقاتك النفسية والجسدية، وبعد ذلك حصل نوع من الركود والاحتقان الداخلي.

إلا أنك الآن ما بين فترة الدراسة والعمل، أصبحت الطاقات النفسية تتوجه داخليًا، وأصبح القلق يؤدي إلى توترات، وكما ذكرت وتفضلت فأنت تحس بشيء من الرعشة والاهتزاز في الجسم، وتسارع في ضربات القلب، وهذه كلها من صميم أعراض القلق الاحتقاني.

حقيقة أنا أهنئك أولاً على مقدراتك المعرفية، وهذا أساس عظيم وممتاز للإنسان لينطلق.

ثانيًا: أرجو منك أن تفكر إيجابيًا، فأنت لديك الكثير من الأشياء الجميلة والبديعة، وهذه يجب أن تجعلك دائمًا متفائلاً.

ثالثًا: اسع لأن تدير وقتك بصورة ممتازة، خاصة في هذه المرحلة، لا تدع للفراغ والخواء مجالاً ليسيطر على تفكيرك، فأنت رجل مطلع وقارئ وباحث، ولديك آمال واضحة وأهدافك أيضًا واضحة، فمن خلال إدارة الزمن بصورة جيدة سوف تجد أن نمط حياتك أكثر تواؤمًا وتماشيًا مع مقدراتك، لأن المقدرات العالية والمرتفعة إذا لم يوجهها صاحبها بصورة جيدة تنعكس عليه سلبًا، والتوجيه الجيد لا يتأتى إلا من خلال إدارة الوقت بصورة جيدة.

ممارسة الرياضة تعتبر مهمة ومهمة جدًّا في حالتك، والرياضة تبني لدى الإنسان طاقات نفسية إيجابية جديدة، وتخلصه من الشوائب النفسية.

التواصل الاجتماعي مهم ومفيد وضروري، والإنسان بحكم أنه كيان اجتماعي يحس بالارتياح حين يتواصل اجتماعيًا، فكن حريصًا على ذلك.

يمكنك أن تقضي وقتك في حلقات العلم والدروس، ولا شك أن الصلاة في المسجد وفي الصف الأول فرصة عظيمة للتعرف على الصالحين والأخيار من الناس، وهكذا.

إذاً أنت محتاج لأن تستثمر وقتك بقوة وشدة في هذه المرحلة، وأسأل الله تعالى لك أن تجد العمل المناسب، وأنا على ثقة كاملة أنك ستكون طالب دراسات عليا متميزًا -بإذن الله تعالى-.

رابعًا: لا بأس بالطبع من أن تذهب إلى الطبيب النفسي، أنا متأكد أنه سوف يوجهك إلى نفس هذا الإرشاد الذي ذكرناه، وأنت أيضًا في حاجة إلى علاج دوائي.

حقيقة من الصعب جدًّا أن أعطيك طبيبًا بالاسم، لأني لا أعرف المنطقة التي تعيش فيها، وكذلك أؤكد لك أن المملكة العربية السعودية مليئة الحمد لله تعالى بالمختصين والأطباء النفسانيين الجيدين، فإن أردت أن تذهب إلى أحد هؤلاء فهذا خير وجيد، وإن لم تستطع خذ بما ذكرته لك من إرشاد، والدواء المناسب لمثل حالتك هو عقار يعرف تجاريًا باسم (لسترال) ويعرف تجاريًا أيضًا باسم (زولفت) والذي يعرف علميًا باسم (سيرترالين) هو دواء ممتاز جدًّا لعلاج القلق والتوترات والمخاوف، ولا يحتاج إلى وصفة طبية، وجرعته هي أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة في اليوم، تناولها ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك اجعلها حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أخي الكريم: بالنسبة للذنوب والمعاصي، الإنسان يسأل الله تعالى أن يغفر له، وأن يرحمه، وأن يوفقه إلى الخير، فشعورك بأهمية التوبة حتى من صغائر الذنوب هذا شعور عظيم، وإن شاء الله أنت على خير وإلى خير، ونسأل الله تعالى أن يغفر لنا ولك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً