السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لا أدري إن كانت مشكلتي هي أنّي أفكر كثيرًا، أو أنّ الطريقة التي أفكر بها خاطئة، ولا أدري متى بدأت بهذا التفكير الذي بت أخشى أن يقودني للضلال، رُبما من عامين، رُبما أكثر، لا أتذكر.
أنا دائمة التفكير في معنى الحياة، والمغزى منها، لم وُجدنا؟ ولم خلقنا الله؟
الإجابة البديهية التي ترد لذهني حين أتساءل: لم خلقنا الله؟، هي: لكي نعبده،
لكن لماذا نعبده؟، لأنّه الذي خلقنا، وهو سبحانه أمرنا بعبادته، وهنا يظهر سؤال جديد: لماذا أمرنا بعبادته؟، أليس هو الغني عنّا؟ أليست عبادتنا له تعود علينا نحن فقط بالضر أو بالنفع؟ إذن لمَ خلقنا أساسا؟
ترد لذهني أفكارا سيئة، أخشى أن أنطق بها فأُحاسب عليها، لكني سأقولها: هل خلقنا الله ليتسلى برؤيتنا، هل نحن في لعبة تُسمى الحياة؟
إن كان الله أوجدنا، وخلقنا، وكتب لنا أقدارنا، ونهايتنا حتميّة، وحتى ما بعد النهاية - الموت - معلومٌ عنده، إذن ما الغاية من وجودنا، أليس الأمر يبدو كأنّنا في مسرحية قهرية؟ يجب على كلّ منّا أن يؤدي دوره فيها بإذعان واستسلام تام، لأنّنا أصلا لا نملك إلا أن نستسلم، ما الغاية من خلق الكون والبشر والحياة، ولو أنا ما خُلقنا، لما وُجد من يعصي الله أو يشرك به ويتكبّر.
أشعرُ أحيانا بالقهر والضياع، كلّما أفكر كيف أننا لا نملك من أمرنا شيئًا، وأننا فقط خُلقنا لنؤدي أدوارنا التي كتبها الله، ونستقبل أقدارنا، بلا اختيار، بصبرٍ ورضا، وبذلٍ تام.
كلّما أتساءل هكذا، أعود لكلام ربّي، فاقرأ: ( قال إني أعلم ما لا تعلمون )، وأقرأ : ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء)، وغيرها من الآيات، لكنّها لا تُرضيني، وأعود لأتساءل ذات الأسئلة مرّة أخرى.
تعبتُ من تفكيري هذا، أمقتُ تلك الأسئلة، لأني أعلم أني لن أنتهي بتساؤلي عنها إلى شيء، إنني الآن، رغمًا عنّي، وصلتُ لحالة من العجز والضياع، أفتح عيني كلّ صباح، وأقول: لازلتُ حيّة، نهايتي لم تأتي بعد، ماذا كتب الله لي في يومي هذا؟ متى ستنتهي الحياة؟ ما الغاية من وجودي؟
تفكيري هكذا يسلبني فرحة كلّ شيء، يجعلني أتحرك وأعيش كدمية أو آلة،
مستسلمة للقدر تمامًا، مستسلمة للغيب، أنتظر نهايتي، ونهاية العالم، ونهاية الحياة، تمنى كثيرًا لو أني أذهب للعدم، لو أني لم أكن موجودة أصلا، لو أن الحياة مجرّد حلم، وهم، شيء غير موجود.
أخبروني، ما الغاية من خلق كل تلك الأشياء الموجودة على الأرض؟ بل ما الغاية من خلق الأرض نفسها؟ ما الغاية من إيجاد الحياة والحساب، والجنة والنار؟
المهتدين، هل اهتدوا لأنهم اختاروا الهداية؟ أم لأن الله كتب لهم الهداية؟ والضالين، هل ضلوا لأنهم اختاروا الضلال؟ أو لأن الله كتب عليهم الضلال، لماذا هناك أناس يعيشون بسعادة؟ و أناس آخرين يعيشون في تعاسة؟
رغم أن الحساب سيكون واحدًا، والقواعد والأوامر والنواهي واحدة، والنهاية أيضًا واحدة، لماذا، هل هذا هو العدل؟
أنا لا أشك في عدل ربي، وأنا مؤمنة به، وأسلّم الأمر إليه، وهو يعلم كل شيء سبحانه، ولكني أريد جوابًا اُخرس به عقلي، ليكفّ عن تشتيتي بالتفكير في هذه الأشياء.
أنا أعاني من التفكير في مسألة التخيير والتسيير، وفي مسائل القدر، ومهما فكّرت و قرأت لا أجد جوابًا، وفي النهاية أضطر لتسليم الأمر لربّي العالم بكل شيء، والاستسلام بأنّ عقلي قاصر، ولن يبلغ الحقيقة، إلا إذا أراد الله له ذلك، ولكنّي أعود مرّة أخرى للتفكير في كل تلك الأسئلة، وكلّ مرّة يزداد تشتتي وضياعي أكثر وأكثر.
أصبحت أخشى على نفسي، أصبحت أتجنب التفكير في أيّ شيء، أصبحت أخاف، وأستحي من ربّي أني أفكر في أشياء كتلك.
انصحوني، ماذا عليّ أن أفعل؟ دلّوني على بعض الكتب التي قد أجد فيها إجابة تُرضيني، أو وسيلة تهدِي لبي وتُطمئنه.
حتى أنّي الآن وأنا أكتب لكم، أتساءل: هل أنا أكتب لكم لأني أردت واخترت أن أكتب ذلك؟ أو لأن الله كتب علي ذلك؟ وأن هذا ضمن دوري الذي ألعبه في الحياة؟
بمَ تنصحوني جزاكم ربّي خيرًا؟