الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تهاوني بالصلاة تجاوز حدود المعقول، أريد نصيحتكم لكي يصحو ضميري

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة عمري 18 سنة، أعاني من التهاون الشديد في أداء الصلاة، كنت في أول سن البلوغ لا أصلي أبدا، ثم أصبحت أصلي بعض الصلوات بعد أن شعرت أن حياتي كلها صارت معكوسة بشكل واضح، الآن أنا لا أترك أي صلاة لكن أؤخرها كثيرا بشكل مخيف، أجمع صلوات اليوم السابق في صباح اليوم التالي، قرأت كثيرا عن حكم التهاون في الصلاة، وأنها من أعظم المحرمات وكبائر الذنوب، لكن يستمر مفعول ما قرأت ليومين فقط، وأرجع إلى ما كنت مرة، حاولت التوبة عدة مرات ولكن لا فائدة.

اليوم جمعت العشاء مع الفجر، عندما أشعر بالتعب، أو كنت أتابع مسلسلا مثلا ويأتي وقت الصلاة لا أكترث أبدا حينها، ثم أشعر بالندم وأعد نفسي أنها آخر مرة، ولا فائدة. المخيف بالأمر أن الصلاة أصبحت مزاجا بالنسبة لي، أصليها في الوقت الذي أريده حتى لو كنت جالسة لا أفعل شيئا، النصح والتخويف من العذاب لن ينفع معي، أريد أن يصحو ضميري بشكل دائم وقت الصلاة وليس بعد خروج وقتها، قبل أن أصبح بلا ضمير.

اعذروني ولكن عندي سؤال لا يتعلق بالموضوع: هل يوجد هنا قسم لتفسير الأحلام؟

وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تونة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة -، فإن المشكلة التي تعانين منها هي مشكلة خاصة، بمعنى أنه إذا لم يكن لديك الاستعداد لتغيير نفسك، فلا يمكن لأي قوة مهما عظمت أن تساعدك على التغيير، لأن هذه مسألة ذاتية داخلية، والله تبارك وتعالى أخبرنا بقوله: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} فإذا لم يكن لديك الاستعداد لعملية التغيير، فلن ينفع معك كلام ولا نُصح ولا غير ذلك إلى حد كبير.

لذلك أقول أولاً: عليك أن تتذكري أنه لو قدر الله تبارك وتعالى وجاءك ملك الموت وأنت لم تصلي صلاة، أردت أن تؤجليها أو تؤخريها عن وقتها إلى الوقت الذي يليها أو إلى وقت آخر، وجاءك ملك الموت في هذه الحالة، فعلى أي حال سوف تموتين؟ هل ستموتين على طاعة الله تعالى أم على معصيته؟ وأنت تعلمين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إنما يُبعث العبد على ما مات عليه) فإذا مُتَّ وكنت قد أديت الصلاة في وقتها فلقد توفاك الله على عمل صالح، وهذا من علامات حسن الخاتمة، أما لو قدر الله أن توفاك الله تبارك وتعالى وأنت تاركة للصلاة حتى خرج وقتها ولم تؤدها فيه، فمعنى ذلك أنه قد خُتم لك بسوء الخاتمة، وسوء الخاتمة من الأمور الصعبة التي تجعل الإنسان لا يستريح في قبره مطلقًا، وقد يخرج يوم القيامة من قبره أسود الوجه - والعياذ بالله - كحال أهل المعصية الذين توعدهم الله تبارك وتعالى بذلك، وأنت لا تعلمين متى تأتيك المنيَّة - يا بُنيتي -، فلا أحد منا يدري متى سيموت وفي أي أرض سيموت، ولا يوجد للموت مقدمات معينة حتى نتفادها، ولا علامات معينة حتى ننتبه لها، وإنما أنت تسمعين وترين كل يوم أُناس يموتون بالعشرات بل والمئات معظمهم في ريعان الشباب وفي عمر الزهور، ورغم ذلك توفاهم الله تبارك وتعالى، لأن هذا أجلهم ولقد انتهى أجلهم، وكما قال الله تعالى: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}.

لذا عليك - يا بُنيتي - ضرورة أن تجتهدي في أن تتذكري دائمًا هذه الصلاة التي أخرتها، قد تكون هي آخر صلاة تصلينها، فلماذا لا تقابلين الله تبارك وتعالى وأنت على غير طاعة؟ وماذا ستقولين لله تبارك وتعالى إذا قدر الله أن توفاك على هذا الحال عندما يسألك الله تبارك وتعالى؟ فهل عندك جواب - يا بُنيتي -؟ قطعًا لا يوجد هناك جواب مقنع أو جواب مريح أو جواب معقول، لذا أقول: عليك أن تنتبهي، وكلما جاءك التسويف تذكري بأنه احتمال أن تكون هذه آخر لحظاتك في الحياة، فعلى الأقل اختميها بعمل صالح.

كذلك عليك أن تستمعي إلى الأشرطة التي تتكلم عن الإيمانيات، وعن منزلة الصلاة في دين الله تعالى، لا أقصد من الجانب الفقهي، فأنت قد عرفته، ولكن من الجانب الإيماني والروحي، لأنه كما ذكر ابن القيم أن هذه الصلاة بالنسبة للإيمان كالماء للزرع، فكما أن الزرع لا ينبت ولا ينمو بغير ماء، كذلك الإيمان لا يزيد ولا يتأصل في قلب العبد المؤمن بغير الصلاة، ولذلك سمى الله الصلاة (إيمانًا) في قوله: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}.

فعليك - يا بُنيتي - المحافظة على الصلاة في أوقاتها، واجتهدي في ذلك، وخذي قرارًا بأن تُلزمي نفسك بذلك، -والحمد لله- لقد نجحت أنت عدة مرات، والذي ينجح مرة يستطيع أن ينجح مرتين وثلاثًا وأربعًا وعشرة، وهكذا. وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يوفقك لأداء الصلاة، وعليك بدعاء الخليل إبراهيم عليه السلام: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذُريتي ربنا وتقبل دعاء}، وحافظي عليها في أوقاتها، وحاولي دائمًا أبدًا إذا كان هناك أي صارف من الصوارف أن تنظري وأن تقولي: (هل هذا أفضل أم الوقوف بين يدي الله تعالى؟) وبذلك -بإذن الله تعالى- سوف تعانين على أداء الصلاة في أوقاتها، مع طلبك من والدتك أن تدعو لك أن الله تبارك وتعالى يعنيك ويوفقك ويسددك، ويحبب إليك العبادة والطاعة خاصة الصلاة.

وبالنسبة لسؤالك عن تفسير الأحلام، فللأسف لا يوجد قسم لتفسير الأحلام؛ لأنه لا يدخل ضمن اختصاص استشارات إسلام ويب.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً