الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد علاجات سلوكية للتردد والقلق والرهاب الذي أعاني منه.

السؤال

السلام عليكم..

أشكركم على مساعدتكم للكثير من أمثالي، فأنا لا أستطيع صلاة الجمعة داخل المسجد، وإنما يمكن ذلك في الساحة، أو في آخر المسجد، وفي آخر وقت الصلاة، وهذا يسبب لي ألمًا نفسيًا شديدًا، حيث أعيش في المدينة المنورة الآن، وكذلك الحال في معظم الصلوات، وأيضا يستحيل أن أسافر في الطائرة.

وفي قريتنا -في مصر- حيث المجاملات والمناسبات، لا أستطيع تقديم الواجب بشكل لائق، خصوصًا واجب العزاء في السرادق حيث لا أستطيع الخروج من العزاء، وأيضا أحيانا لا أستطيع السير بمفردي في شوارع القرية، كذلك أماكن أخري تضايقني مثل: الجلوس عند الحلاق أثناء الحلاقة، كذلك الخوف من الإصابة ببعض الأمراض، وللمعلومية لدي قولون عصبي، وثلاسيميا.

أمارس حياتي بشكل ظاهره كأنه عادي، غير أني في المشادة الكلامية تتغير أحوالي، ويحدث عند التعرض للمواقف السابقة قلق شديد، وسرعة نبضات، وغيرها.

أتردد كثيرًا في اتخاذ القرار بحجة دراسته بشكل جيد، التردد أثر علي حياتي وأولادي -ستة أولاد- أخشى من قيادة السيارة، لا أريد أدوية إدمانية، مع العلم أن الحالة تزداد في حالة الضغوط المعيشية، وتقل في الفترات التي يزداد فيها الإيمان والطاعة، وأنا أؤمن بالعلاج السلوكي، وشكرًا لحضراتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

تُعرض علينا حالات نفسية كثيرة وسلوكيات مختلفة لم أر مثل حالتك صعوبة وسهولة في نفس الوقت، صعوبة عليك لأن الخوف الاجتماعي منعك من الصلاة في داخل المسجد وأي مسجد (المسجد النبوي الشريف)، وفي ذات الوقت الحل سهل جداً، وهي أن تراجع موقفك، وأن تتناول أحد الأدوية وهو لسترال Lustral، والذي يعرف باسم زولفت (Zoloft )، واسمه العلمي سيرترالين Sertraline تتناوله لمدة أسبوعين متتاليين، ثم بعد ذلك اذهب مباشرة إلى الروضة الشريفة صل بها، قال صلى الله عليه وسلم: (بين حجرتي ومنبري روضة من رياض الجنة).

كيف يفوتك هذا -أيها الفاضل الكريم-، الأمر في غاية السهولة، جرعة السيرترالين أن تبدأ بنصف حبة، تتناولها يومياً لمدة أربعة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة استمر عليها لمدة أسبوعين، ثم اجعلها حبتين ليلاً، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، وهنالك عقار آخر يعرف باسم إندرال، واسمه العلمي برراناول تتناوله بجرعة 10 مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم 10مليجرام صباحاً لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء، هذه أدوية سليمة وممتازة لا تتعارض مع الثلاسيميا، وهي ليست إدمانية، ليست تعودية -وإن شاء الله تعالى- يجعل الله لك فيها خيراً كثيراً.

بعد أن تصلي في الروضة سوف تهون الأمور وتسهل كثيراً، موضوع الحلاق، موضوع التواصل مع الآخرين، وحين تذهب إلى قريتك، هذا كله سوف يكون أمراً من الماضي، إذاً أنت تحتاج إلى تغيير فكري معرفي يتم من خلال تحقير فكرة الخوف هذه، وأن تقدم بكل عزيمة وشكيمة وتكسرها تماماً ،وبعد ذلك تبدأ في التطبيق، وأن أؤكد لك أن مشاعرك الداخلية هي مشاعر خاصة بك لا أحد يعرفها لا أحد يطلع عليها، ولن تفقد السيطرة على الموقف، لن تسقط أمام الآخرين، لن تتصبب عرقاً، لن ترتجف، لن تتلعثم، هذه كله مفهوم خاطئ، وأنا أؤكد لك أن الخوف من هذا النوع ليس ضعفًا في إيمانك، أو ضعفًا في شخصيتك إنما هو أمر سلوكياً مكتسب، ويعالج سلوكياً بما ذكرناه لك -أي مبدأ التحقيري والتعريضي، ومنع الاستجابة السالبة-.

وعلى المستوى الاجتماعي العام أرجو أن تكون في مقدمة الصفوف في المناسبات الاجتماعية، وأن تصل رحمك، وأن تكون على تواصل مع أصدقائك، هكذا تبني مهاراتك -وإن شاء الله تعالى- تجد أن هذا الخوف قد انتهى تماماً، طور نفسك معرفياً، وكذلك مهنياً، وهذا أيضاً يضيف إضافة إيجابية كبيرة جداً لمقدرتك المعرفية، والاجتماعية ويزيل الخوف عنك، وأريد أن أذكر لك أمرًا آخر هو أن الدواء سوف يحسن كثيرًا من مزاجك ويزيل القلق، وهذا سوف يحسن من الدافعية عندك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً