السؤال
السلام عليكم
هل هناك حديث أو شيء يدل على أنه إذا كان هناك علاقة - ككلام بالهاتف وما شابهه- بين الشاب والفتاة، فلا يمكن أن يتزوجا؟
وما موقف الشرع ممن تزوج عن حب؟
السلام عليكم
هل هناك حديث أو شيء يدل على أنه إذا كان هناك علاقة - ككلام بالهاتف وما شابهه- بين الشاب والفتاة، فلا يمكن أن يتزوجا؟
وما موقف الشرع ممن تزوج عن حب؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صمت حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يسرنا أن نرحب بك في موقعك (إسلام ويب)، فأهلًا وسهلًا ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمُنَّ عليك بزوجةٍ صالحةٍ طيبةٍ مباركةٍ تكون عونًا لك على طاعته ورضاه، وأن يرزقك ذرية طيبة، كما نسأله تبارك وتعالى أن يجعلك من صالح المؤمنين.
وبخصوص ما ورد برسالتك: حقيقة لا يوجد هناك حديث مباشر عن الكلام الذي ذكرته، ولكن هناك أحاديث أخرى تتكلم حول هذا الموضوع، ومنها قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه) ومعنى ذلك لو أن الإنسان ترك العلاقة المحرمة، حتى وإن كان يشتهي امرأة بعينها، إلا أنه تركها حياءًا من الله تعالى، فإن الله تبارك وتعالى يمُنَّ عليه بأن يُكرمه بها، ولذلك ورد في بعض التفاسير أن يوسف –عليه السلام– عندما دعته امرأةُ العزيز لأن يفعل معها ما حرَّم الله تعالى، واستعاذ بالله تعالى من هذا الفعل، في نهاية الأمر بعد أن برَّأه الله تبارك وتعالى، قال بعض العلماء: بأنه قد تزوَّجها بعد وفاة زوجها.
ولذلك الآن عندما تشتهي نفس الإنسان شيئًا ويتركه حياءً من الله، وخوفًا من الله، ويقول: (يا رب إني تركته حياءً منك، وخوفًا منك، فأسألك اللهم أن تجعله من نصيبي)، فثق وتأكد أن الله سيمُنَّ عليك به؛ لأنه على كل شيء قدير، فما دمت قد تركت هذا الأمر من أجله، سواء كانت العلاقات ما بين الرجال والنساء، أو كان أي أمر آخر؛ فقد يكون هناك أمر من الأمور، النفس تشتهيه، كالمال أو غيره، وبمقدوره أن يأخذه، وألا يعلم بذلك أحد، ولكنه يُعفَّ نفسه عن ذلك خوفًا من الله، وحياءً منه، فاعلم أن النتيجة ستكون أن الله تبارك وتعالى قد يُكرمك به، وقد يُعوضك خيرًا منه، سبحانه وتعالى جل جلاله، وهو على كل شيءٍ قدير.
إذًا أقول لك: هذا الذي يتعلق بموضوعك الأول: من ترك شيئًا لله تعالى عوضه الله خيرًا منه، ومن عفَّ نفسه عن شيءٍ في الحرام، ناله في الحلال.
الأمر الثاني: عن الكلام بالهاتف، وموقف الشرع ممن يتزوجون عن حب: الإسلام لا يمنع الحب حقيقة، بل إن الإسلام دين الحب أصلاً، والحب جزءٌ من دينك، وجزءٌ من عقيدتك، بل إن العبادة لله تعالى تقوم على غاية الحب، والتعلق مع غاية الذل والخضوع، فالحب عندنا مقصدٌ شرعي؛ ولذلك قال الله تعالى: {والذين آمنوا أشدُّ حُبًّا لله}.
لكن الحب الذي تتكلم عنه لا بد أن يكون في إطار الشرع الذي حدده الله تعالى، يعني أنا أحب زوجتي، وأنا أحب أولادي، وأحب أمي، وأحب أبي، وأحب أخي، وأحب إخواني من الرجال المسلمين، وأحب عامَّة المسلمين، وأُحبُّ لهم الخير. ولكن الحب بمعنى التعلق إذا كان مع امرأة لا تحلُّ لك فهو معصية.
أما إذا كان هناك –مثلاً- تعلق قلبي، بمعنى أنني رأيت فتاة وأحببتها وتعلقتُ بها وهي تعلقتْ بي، ولكن لم يكن بيننا كلام، ولم يكن بيننا لا مكالمات عبر الهاتف، ولا لقاءات، ولا مقابلات، ولا غيره، ولكن أنا اشتهيتها وتعلقتُ بها، باعتبار أنها قد تكون جارة من الجيران، وقد تكون زميلة في العمل، وقد تكون زميلة في الدراسة، وقد تكون تعمل في مكان وأنا أمرُّ بهذا المكان بقدر الله تعالى فتعلقتُ بها، التعلق القلبي لا إثم عليه ولا معصية، إلا إذا شغلك عن طاعة الله تعالى.
أما المكالمات بالهاتف: فتُكلمها على أي أساس؟ هل هي زوجتك؟ وهل أنت ترضى –أخِي الكريم أحمد– أن يتكلم رجلٌ أجنبي مع أختك؟ أو يتكلم مع زوجتك؟ أو يتكلم مع ابنتك؟ أو مع أُمِّك؟ قطعًا أنت لن تقبل ذلك، فما لا ترضاه لنفسك، لا ترضاه لغيرك.
إذًا فالحب في حدِّ ذاته ليس فيه شيءٍ كتعلقٍ قلبي، ولكن هذه الأشياء الأخرى هي التي تحرم شرعًا؛ لأن الحب بما أنه عبادة وضع الله له إطارًا شرعيًا، ينبغي أن يحيى فيه، وأن يتواجد في داخله، ولا يتجاوزه.
أسأل الله أن يمُنَّ عليك بطاعته ورضاه، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.