الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتوقف عن الحديث مع ابن عمي دون إحراجه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا وابن عمي نتحدث سويًا، في البداية لم يكن بيننا حديث، لكنهم استضافونا عندهم في رمضان، ومن بعدها تحدثنا سويًا على الأنستا، وكان كلامنا عاديًا، ثم قال بأنه معجب بي، وقد أخبرت أمي بذلك، فطلبت مني عدم التحدث معه مرةً أخرى، ولكننا للأسف تحدثنا، وحصلت بيننا تجاوزات، فشعرت بتأنيب الضمير، وطلبت منه عدم التحدث معي مرةً أخرى بهذا الشكل، وأن يكون كلامنا محصورًا في الصلاة والدراسة.

الآن هو يتحدث معي كل يوم تقريبًا، وهذا الأمر يجعلني مشتتةً، ولا أدرس، كما أنني أشعر بأن حديثنا حرام، ولا يرضي الله تعالى، كما أنني أشعر بأنه يتعلق بي أكثر كلما تحدث معي، عدا ذلك فأنا أخشى غضب الله، وألا يتقبل دعائي لأنني أتحدث مع رجل أجنبي.

أنا أريد رضا الله وتوفيقه في حياتي، وأعلم أن حديثنا لا يجوز، ولكن كيف أتوقف عن التحدث معه دون أن أجرحه؟ كما أنني لا أريد أن أفقد ثقة أمي بي.

وللعلم فإن عمر كلينا 18 عامًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فرح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، وشكرًا على هذه الاستشارة التي تدلُّ على رغبةٍ في الخير، ورغبةٍ في طاعة الله تبارك وتعالى، ورغبةٍ في برِّ الوالدة.

هذه الدلائل كلها تدلُّ على أنك على خير، فاثبتي على الخير، وتجنبي الحديث مع ابن العمِّ، ومع غيره، ومع كل أجنبي، والأجنبي هو كلّ مَن يجوز له أن يتزوّج الفتاة، حتى يأتي الموعد المحدد، ولا تجعلي حديثك إلَّا مع مَن يطرق الباب، ويُقابل أهلك الأحباب، ويتقدَّم لخطبتك بطريقة رسمية، وحتى إذا حصلت الخطبة، فالخطبة ما هي إلَّا وعدٌ بالزواج، لا تُبيح للخاطب ولا للمخطوبة أن يتوسَّعا في الحديث في الكلام، أو أن ينفردا بعيدًا عن الناس؛ لأن الخلوة ممنوعة، والشيطان هو الثالث، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

وهذا الشعور الذي تشعرين به، والحرص على عدم تجاوز الحدود يدلُّ على أنك على خير، لكن الاستمرار في هذا الطريق سيكون سببًا في زوال هذا الخوف من الله، وهذه المراقبة لله تبارك وتعالى، ولذلك من الأفضل سد هذا الباب حتى يحين الموعد الصحيح، وحتى يأتي مَن يريد أن يختارك لتكملي معه مشوار الحياة وطريقها، وعند ذلك ينبغي أن تبحثي عن دينه، وأن تبحثي عن أخلاقه، ومن حقه أن يسأل عنكم، سواءً ابن العم أو غيره، عندما يحين الوقت، ويأتي لطلب يدك بطريقة رسمية، فعند ذلك يمكن أن تتاح الفرصة للتعارف وللحديث.

أمَّا أن يستمر الوضع بالطريقة المذكورة، فهذا ليس في مصلحة أحد، بل هو سببٌ لشرور كثيرة عاجلًا وآجلًا، وسبب لآثار ضارَّة، حتى لو حدث بعد ذلك الزواج؛ فإن هذه التجاوزات والمعاصي لها شُؤمها وثِمارُها المُرَّة، فالإنسان ينبغي أن يسلك الطريق الذي يُرضي الله تبارك وتعالى، ويتجنّب كل ما يُغضبه، ونسأل -عز وجل- أن يُعينك على الثبات، وأن يُعينك على أن تشغلي نفسك بالخير.

وحاولي دائمًا أن تكوني إلى جوار الوالدة، واشغلي نفسك بالأعمال المفيدة، واهتمّي بدراستك، وتطوير مهاراتك، وبكل عملٍ نافعٍ مفيد، حتى يأتي الوقت المناسب، ويطرق الباب الرجل المناسب، الذي تشعرين أنه سيُعينك على طاعة الله تعالى وتُعينيه.

ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً