الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توقفت عن الدواء فشعرت بأعراض، وكيف يتم التوقف عنه؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا جاءتني حالة دوخة وقلق قبل فترة، وراجعت جميع الدكاترة إلى أن زادت الوسوسة، وأصابتني حالات هلع.

ذهبت لدكتور وصرف لي (انتابرو 20) نصف حبة يوميا، وجئته بعد فترة قصيرة أشتكي له آلاما وأرقا وخوفا وشحوبا في الوجه، وزاد الجرعة إلى حبة، وأعطاني حبوبا منومة -لا أتذكر اسمها- آخذ نصف حبة وقت الحاجة.

بعد فترة ذهبت له أشتكي من ضيق بالصدر والتفكير، فزاد الجرعة إلى حبة ونصف، وقال لي: استمر إلى (3) أشهر، ومتى تحسنت حالتك؛ خفض الجرعة حبة، وبعد ذلك بفترة نصف حبة، وبعد ذلك كل يومين نصف حبة.

الحقيقة أني زرت دكتورا آخر عند أخذي نصف حبة، وكنت أشتكي من الضيقة، وقال لي: الدواء هذا لا ينفع. وأعطاني سيروكسات (25) وقال لي: استمر على (انتابرو) أسبوعين مع هذا الدواء، ثم توقف عن أخذ (انتابرو).

المشكلة أني لم أستفسر كم مدة العلاج؟ وهل أخفض الجرعة؟ ولكن بعد ما استخدمت سيروكسات شعرت بتحسن، وكنت في أحسن حال، وبعد انتهاء العلبة لم أذهب للدكتور؛ لبعده، ولغلاء استشارته.

وتوقفت لمدة (10) أيام بدون أي علاج، وكنت في أفضل حال، ثم أتتني أعراض أحلام وكوابيس، ثم اضطرابات في النوم، وقلق بسيط وتوتر، وتفكير.

رجعت لدكتوري السابق، ووبّخني كثيرا، وقال: الآن لديك أحد خيارين: إما الاستمرار بالسيروكسات لمدة (6) أشهر، أو انتابرو (6) أشهر.

هنا السؤال: هل أستطيع أن أتوقف عن تعاطي هذه الأدوية؟ وهل ما أشعر به هي أعراض انسحابية أم هي انتكاسة؟

لدي العزم للتوقف عن الأدوية، وتحمل الأعراض الانسحابية، ولكن أخشى من الانتكاسة، وأنا الآن أمارس الرياضة، وأحاول جاهدا إشغال نفسي عن التفكير، ولكن أخشى رجوع حالتي السابقة.

فبم تنصحني؟ وكم الجرعة -لو نصحت بالاستمرار على الأدوية؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مبارك حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهم ما في تشخيص الأمراض النفسية هي العلاقة العلاجية بين المريض والطبيب، والمعاينة أو الفحص والطبيب نفسه هو نوع من أنواع العلاج، إذِ من واجب الطبيب النفسي أن يترك مساحة للمريض؛ لكي يتكلم فيها، يبث فيها همومه ومشاكله، وهو في هذا الوضع ينصت بتمعُّنٍ، يُشخِّص، وفي نفس الوقت يُساعد المريض على إفراغ ما في داخله من توترات.

ولذلك أنصحك -يا أخِي الكريم- أن تلتزم دائمًا بطبيبٍ نفسي واحد؛ لكي يفهمك، ترتاح إليه، يفهم أعراضك، يفهم شخصيتك، ومن ثمَّ يعطيك العلاج المناسب. هذا من ناحية.

أما عن سؤالك عن الأعراض الانسحابية أو الانتكاسة: نعم الـ (زيروكسات Seroxat) معروف عند التوقف منه له أعراض انسحابية، ولكن عادةً الأعراض الانسحابية تبدأ مباشرة بعد التوقف من الدواء، أي في اليوم التالي مباشرة، ولكنك ذكرت أنك توقفت عشرة أيام، وكنت في أحسن حالة. إذًا فلنقل هذا هو ظهور للأعراض مرة أخرى، ولا نسميها انتكاسة، ولكن نسميها ظهور للأعراض التي تشكو منها مرة أخرى. هذا من ناحية.

أما من ناحية أيهما العلاج الأفضل؟ وما هي مدة العلاج المُثلى؟ فهذا يتم الاتفاق فيه بين الطبيب والمريض، والمدة عادةً مفتوحة، وتعتمد على تقدُّمك في العلاج واختفاء معظم أو كل الأعراض التي تُعاني منها، وأن تمارس حياتك بصورة طبيعية، سواء كان في العمل أو الدراسة، والعلاقات الاجتماعية أو العلاقات العائلية، فليس هناك شيء مطلق في مدة العلاج، ولكن هناك بعض الموجِّهات، فمثلاً إذا كانت هناك نوبة اكتئاب حادَّة يستحسن عادةً أن يستمر العلاج لمدة ستة أشهر؛ خوفًا من الانتكاسة.

ولكن في حالتك لا أرى أن هناك نوبة اكتئاب حادة، إنما أعراض قلق وتوتر، فإذًا هنا المدة تعتمد على مدى تقدُّمك في العلاج، مدى تحسُّن الأعراض، ومدى تحسُّن أدائك في الحياة.

ذكرتَ أنك تمارس الرياضة، ولكن أرى أنك إذا أضفت إلى العلاج الدوائي علاجًا نفسيًا قد يكون أفيد، جلسات نفسية مع معالج نفسي بصورة دورية؛ ليُعلِّمك كيف تسترخي، كيف تتغلب على مشاعر التوتر والغضب والضيق عندك.

وفَّقك الله، وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً