الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أمنع حسد نفسي والآخرين؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كيف أمنع نفسي من حسد الآخرين، وحتي القريبين مني؟ وهذا يحدث بدون قصد في أهلي أو أصدقائي، وعند النظر إلى نعمة الآخر وهي ليست عندي، أتفاجأ بحدوث مشاكل له، ويكاد أن يفقد هذه النعمة، وفي بعض الأحيان يفقدها فعليًا.

لقد آذيتهم من دون قصد، كما أن هذا الأذى وصل لي بأن أحسد نفسي، فقد كنت أقول: بأني صحتي بخير، والآن حالتي صعبة بسبب حسدي لنفسي!

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فؤاد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

في البداية -أخي العزيز-: ينبغي أن تقطع على الشيطان طريق الاسترسال في إيهام نفسك أنك تصيب الآخرين بالعين؛ فإن الدخول في هذا الشك يصنع منه وسواسًا قهريًا يرافقك ويصعب علاجه، وكون بعض الحالات تحدث -بتقدير الله تعالى-، فلا يعني هذا أنك أصبحت ممن يصيب الناس بالعين أو الحسد، ولا ينبغي أن تعتقد هذا إلا في حال تكرار يصل إلى حد اليقين، فقد يحصل نوع من التوافق بين ما يتفوه به الإنسان وما يقدره الله تعالى، فيظن الشخص أنه هو من أصاب ذلك الشخص وليس كذلك.

فإن حدث وتيقن لك ذلك، فينبغي أن تعلم أن العين حق، وتعمد إصابة الآخرين بالعين والحسد هو إيذاء بغير حق، وقد قال تعالى: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبينًا)، فينبغي عليك التوبة والمجاهدة على تنقية نفسك من مرض الحسد والعين وسائر آفات النفس وأمراضها، وأما ما يحدث من العين عَرَضًا دون قصد، أو دون تعمّد، فينبغي الاجتهاد في علاجه ودفعه، ومما يعين على ذلك بعض الأمور التي نوصيك بها:

أولاً: الدعاء بالبركة عندما يعجبك شيء عند الآخرين، فقد جاء في مسند الإمام أحمد عن سهل بن حنيف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (علام يقتل أحدكم أخاه، هلا إذا رأيت ما يعجبك برَّكت)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق) رواه النسائي.

ثانيًا: قول: (ما شاء الله لا قوة إلا بالله)، قال تعالى: ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترني أنا أقل منك مالاً وولدًا)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما أنعم الله تعالى على عبد نعمة من أهلٍ ومالٍ وولدٍ فيقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرى آفة دون الموت) رواه ابن ماجه.

ثالثًا: جاهد نفسك في ترك فُضُول النظر والتطلع لما عند الآخرين، واجتهد في إصلاح وبناء نفسك وتزكيتها، قال تعالى: (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى).

رابعًا: التزم بأذكار الصباح والمساء، وتلاوة القرآن، والتعوذ بالله من العين والحسد، والإكثار من الأعمال الصالحة، ونفع الآخرين بأنواع البر والإحسان؛ فإن ذلك مما يُرقق القلب ويُزكي النفس، ويدفع عنها داء الحسد والغِل، روى ابن ماجه عن عائشة -رضي الله عنها-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (استعيذوا بالله من العين، فإن العين حق).

أخيرًا -أخي الفاضل-: اعلم أن أصل الحسد اعتراض على أمر الله تعالى، ولا يكون ذلك إلا لمرض وشهوة تستحكم في النفس، فعليك بتزكية نفسك، وطلب العلم، والاجتهاد فيما ذكرناه لك، مع مجالسة الصالحين، وأن تعمر وقتك بالأعمال الفاضلة لتتحقق لك التزكية، ويذهب عنك ما تجد -بإذن الله تعالى-.

وفقك الله وأعانك على الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً