السؤال
كل ما أدخل في علاقة تفشل، ما هو السبب؟ فشلت بأكثر من خمس علاقات، هل يدل على أني بعيدة من ربنا، وكل ما أتعرف على شخص يقول: يريد صورة فأرسل له، فيرفض، لا أعرف سبب الرفض، ولماذا تفشل كل هذه العلاقات!
كل ما أدخل في علاقة تفشل، ما هو السبب؟ فشلت بأكثر من خمس علاقات، هل يدل على أني بعيدة من ربنا، وكل ما أتعرف على شخص يقول: يريد صورة فأرسل له، فيرفض، لا أعرف سبب الرفض، ولماذا تفشل كل هذه العلاقات!
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميعاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
أختي الفاضلة: لا شك في أن من أهم أسباب توفيق الله تعالى وتسديده لعباده تقوى الله وطاعته وامتثال أمره، وكل الفساد والشر قرين معصية الله تعالى ومخالفة أمره، لذلك قد يكون الفشل رسالة من الله تعالى أن الطريقة التي تبنى بها هذه العلاقة مخالفة لشرع الله تعالى، وهذا بحد ذاته رحمة من الله ليكون أساس البناء الأسري قائمًا على تقوى من الله ورضوان.
لا بد أن تعلمي -أختي الفاضلة- قضية مهمة، وهي أن علاقة التعارف بين الرجل والمرأة قبل الزواج نهى عنها الشرع، وكل ذلك حماية وصيانة للأعراض من عبث العابثين، وجعل الشرع للزواج وسائل تحقق التعارف وفهم ميل كل طرف للآخر، تحت مسمى (الخِطبة) يضمن فيها كل طرف جديَّة الطرف الآخر، ويحصل بها مقصود التعارف على مرأى من العائلتين وفق الضوابط الشرعية.
فالكثير من حالات التعارف بين الشباب والفتيات قبل الخطبة تنتهي بالعبث وعدم الجديَّة، وقد تصل في كثير من الحالات إلى الوقوع في الكثير من الأخطاء والانقياد لنزوات الشيطان، ومن أبرز تلك المخاطر تبادل الصور الذي فيه مفاسد عظيمة.
لذلك -أختي الفاضلة- عليك أولاً أن تبادري بالتوبة إلى الله تعالى من تلك العلاقات السابقة، واعلمي -أختي الفاضلة- أن الله غفور رحيم يقبل التوبة ويفرح برجوع عبادة إليه، فبادري بالتوبة النصوح وتحقيق شروطها من الإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم الرجوع إليه.
ولا تتنازلي -أختي- عن عفافك وعرضك بإرسال الصور، أو السقوط في المحادثات العاطفية مهما كانت الوعود، ومهما كانت الثقة، فالإسلام لم يمنع شيئاً إلا وفيه خير لعباد الله.
اعلمي -أختي- وفقك الله- أن من أهم أسباب عدم رفضك لإرسال الصور هو ضعف ثقتك بنفسك، وضعف إيمانك الداخلي أنك ذات قيمة كبيرة، فالخوف من عدم نجاح هذه العلاقة الذي تظهرين فيها كأنك الطرف الأضعف يدفعك للتنازل، لذلك تبادرين لعدم الرفض طمعًا في إرضاء الطرف الآخر، الذي يملك القرار في الاستمرار أو المغادرة، ولك أن تقارني بين هذا الرجل وبين ذلك الرجل الذي يأتي راغبًا فيك إلى بيت أهلك، ويطلب يدك من والديك، وكله رجاء أن توافقي وتقبلي به!
أختي الفاضلة: الرجل الجاد في الزواج وصاحب الخلق والدين لن يطلب منك صورًا أو ما شابها، يكفيه منك ما يسمع عن حسن خلقك ودينك ليذهب إلى خطبتك من عائلتك -حسب الأصول - وهذا أعظم التقدير والاحترام لهذه العلاقة وتأسيسها على تقوى من الله، أما الشخص العابث عديم الدين والخلق بمجرد أن يشعر أنك مندفعة وراغبة في الزواج سيبدأ يستغل هذا الضعف فيك.
لذلك تفشل الكثير من علاقات التعارف قبل الزواج؛ لأنها تقوم على أسس غير صحيحة، كتلك العلاقات التي لا تراعي حدود الشرع، أو تكون معايير الاختيار شكلية لا تراعي الدين والأخلاق، أو بسبب اختلاف التوافق النفسي والأخلاقي، أو تتجاهل الأعباء والمسؤولية بعد الزواج، ولكل هذه الاختلافات جعل الإسلام فترة الخِطبة الفترة المناسبة لمناقشتها وفهمها بين الطرفين وفق حدود الشرع.
أخيرًا -أختي الفاضلة- جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه)، فالمعاصي تحجب الرزق والخير وتجلب الهمّ، لذلك ننصحك- أختي الفاضلة- أن تُقبلي على الله تعالى بالإكثار من الخيرات، وأنت في هذا العمر لا يزال أمامك الكثير، فبادري إلى طاعة الله تعالى.
واعلمي -أختي الفاضلة- أن خطوة الزواج قد تأتي بتقدير الله وتوفيقه في أي لحظة يأتي بها الله تعالى، ففوضى أمرك لله تعالى وارضي بما قسم لك، ولا تتنازلي أبدًا عن عفافك أو دينك وأخلاقك في سبيل وهم -الخوف من ذهاب قطار الزواج-، أو تقليد الغرب، أو الانخداع بما يُقدم عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أوهام الحب غير الواقعية.
وحتى تتجاوزي التجارب الفاشلة ننصحك بتفعيل حياتك الاجتماعية، والإكثار من زيارة أرحامك وأقاربك، وأن تكون لك بصمة بينهم تظهرين فيها بجميل أخلاقك، وحسن أدبك وتعاملك، وحاولي عدم الانطواء أو الانعزال عن الآخرين، فكل هذا مما يساعدك على تجاوز تلك التجارب السابقة، ويفتح لك الفرصة لتجارب ناجحة ومنضبطة بالشرع، والانطلاق إلى حياة جديدة مليئة بطاعة الله، وتقديم أمره على ما سواه، وتذكري قوله تعالى: (إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين).
أسال الله لك التوفيق والسداد، وأن ييسر أمرك عاجلاً غير آجل.