الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع التحكم في انفعالاتي وأشعر أن زوجي لا يحبني!

السؤال

السلام عليكم.

أرجو من فضيلتكم إرشادي إلى حل أو علاج حتى أرتاح.

صرت لا أقدر أن أتحكم في انفعالاتي وأستمر في الغضب والإحساس بالدونية، والتأكد من فعل الشيء مرارًا، مثلاً أتأكد من إغلاق الباب مرارًا، أو أحس أن زوجي صار لا يحبني كالماضي، وأنه يهتم بزوجته الأولى وأولاده أكثر، أشعر أني أعاني من الحرمان العاطفي، أخبرت زوجي أنه مقصر وأنه لا يحبني مثل ما كان من قبل، لكنه يرد ويقول كلامك افتراء، لكني لا أريد الكلام، أريد الفعل منه.

أحتاج إلى دفء الحب، أنا لست امرأة مادية، لا يمكن أن أرضى بالمال أو الذهب، وكل ذلك، أنا أريد الاهتمام والحنان.

كذلك أنا آخذ حبوب المنع الألمانية، هل يؤثر ذلك سلبًا على أعصابي وأصاب بالاكتئاب بسببه؟ هل هناك حل لحالتي؟ هل يمكنكم وصف حبوب مهدئة لأعصابي؟ أرجوكم تعبت من كثرة التفكير، حتى أني أعجز عن المشي حين أغضب بشدة، وأكاد أنفجر من الغضب كأن نارًا تغلي في رأسي، أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - أختنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك السلامة والتوفيق، وأن يُصلح الأحوال. ونسأله تبارك وتعالى أن يُعيننا على فهم هذا التساؤل والإجابة عليه بما هو مناسب.

أوَّلُ ما ندعوك إليه هو الاهتمام بأمر الصلاة والذكر والإنابة، فإن الطمأنينة مكانها واحد، قال العظيم: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]، وعليه أرجو أن تُصلحي ما بينك وبين الله تبارك وتعالى، وتُكثري من التوجُّه إليه، وتلاوة القرآن؛ فإن لذلك أثراً كبيراً على سعادة الإنسان. وأكثري من ترداد دعوة ذي النون (يونس عليه السلام): {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]، قال العظيم بعدها: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88].

ثم حاولي دائمًا أن تُحسني الظنّ بمن حولك، واعلمي أن زوجك يُقدّرُك، ومكانتك عنده لم تنزل، فاجتهدي في أن تُحسّني هذه الصورة التي يحاول الشيطان أن يُشوش بها عليك، وهمُّ الشيطان أن يُحزن أهل الإيمان، ليُحزن الذين آمنوا.

واعلمي أن للزوجة دوراً كبيراً في التحبُّب إلى زوجها والقُرب منه، وإذا قصّر الزوج فلا تُقصّري، واطردي عن نفسك هذه الوساوس التي يحرص الشيطان بأن يشوش عليك بها، لأن همَّ الشيطان أن يُخرّب البيوت، واعلمي «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً، أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا - يُوشكُ أن يتوب فيستغفر فيغفر الله له - ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى ‌فَرَّقْتُ ‌بَيْنَهُ ‌وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ. قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ - أو يقول: أنت أنت - ويَلْتَزِمُهُ».

إذا كان زوجك ينفي هذا التقصير فنتمنّى أن تُطالبيه بالوسائل التي تُريدين أن يُعبّر بها، وفعلًا الأنثى تحتاج إلى تعبير مباشر، وعليك أن تفهمي أن كثيرًا من الرجال يُعبّرون عن حُبِّهم واهتمامهم بالعطاء، وليتهم أدركوا أن الأنثى تحتاج إلى أن تسمع التعبير اللفظي، وهذا ما ينبغي أن تُوصليه لزوجك، وما تطلبينه من حاجة إلى دفءٍ واهتمامٍ هذه أمور مطلوبة، والأمور المادية وحدها لا تكفي، لكن حتى يتحقق هذا الفهم بين الرجال نحتاج إلى كثير من التوضيح، فحبذا لو شجعت زوجك حتى يتواصل مع الموقع.

الذي يهمُّنا هو أن تُكثري من الدعاء، أن تُصلحي ما بينك وبين الله تبارك وتعالى، أن تطردي الوساوس وسوء الظنِّ، تعوّذي بالله من شيطانٍ لا يُريدُ لنا الخير. عليك أن تُكثري من الصلاة على النبي (ﷺ) فإن فيها ذهاب الهموم ومغفرة الذنوب. عليك أيضًا أن تحاولي حشد المواقف الجميلة في حياتك مع زوجك، لأن حشد المواقف الجميلة وتذكُّر إيجابيات الزوج وإيجابيات مَن تتعاملين معه ممَّا يُعينك على إنصافه، وممَّا يجلب لك الراحة والطمأنينة، واعلمي أن ما عند الله من توفيق وخيرٍ لا يُنال إلَّا بطاعته.

أمَّا بالنسبة لأخذ الحبوب فسيُجيب عليك مستشارنا الأخصائي الطبيب، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعك بإجابته.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
_______________________________________
انتهت إجابة إجابة الشيخ الدكتور/ أحمد الفرجابي .. مستشار الشؤون التربوية والأسرية
وتليها إجابة المستشار الدكتور/ عبد المنعم محمود عبد الحكم .. استشاري الطب النفسي
_________________________________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اضطراب العلاقات الزوجية شائع بين الأزواج خاصة في الأوقات الصعبة التي تواجه الأسر من ضغوط اقتصادية واجتماعية متزايدة، وأحيانا يكون الغضب وسيلة للتعبير عن الشعور، لكن من المهم التعامل معه بطريقة إيجابية حتى لا يتسبب الغضب الخارج عن السيطرة في التأثير سلبًا على صحتك وعلاقاتك، فإذا سمحت للغضب والمشاعر السلبية الأخرى أن تطرد المشاعر الإيجابية فقد تجدين نفسك غارقًة في الشعور بالمرارة أو الظلم، وذكّري نفسك بأن الغضب لن يحل شيئًا، ربما يزيد الأمر سوءًا، وحاولي أن تكوني أكثر واقعية عند تحديد المشكلة بشأن ما يمكنك تغييره وما لا يمكنك تغييره.

ممكن أن يؤدي توجيه النقد أو إلقاء اللوم إلى زيادة التوتر، وتذكري دائمًا أن المشاكل تُحل بالاحترام، وأن التسامح وسيلة قوية للتغلب على مشاعر الغضب، وقد يتعلم زوجك من الموقف، وهذا يعزز العلاقة بينكما، وينبغي أيضًا إدراك أن بعض الأشياء قد تخرج عن سيطرتك، فقط انتظري لحظات قليلة لتجميع أفكارك قبل البوح بأي شيء.

واجعلي زوجك في الموقف ذاته يفعل الأمر نفسه، بدلاً من التركيز على ما سبّب غضبك، واختاري الوقت المناسب للعمل على حل المشكلة التي تواجهكما.

أيضًا يمكن للنشاط البدني المساعدة في تقليل التوتر الذي قد يسبب لك الشعور بالغضب، فإذا شعرت بأن غضبك يزداد حدة فمارسي أو اقضِي بعض الوقت في ممارسة أنشطة بدنية، مثل المشي المنتظم، وكذلك استخدام مهارات الاسترخاء وتمارين التنفس العميق، أو تخيل مشهد يساعد على الاسترخاء، أو تكرار كلمات أو عبارات مهدئة مثل الذكر والدعاء {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}.

قد يكون الغضب علامة على الشعور بالقلق النفسي أو الاكتئاب أو بعض سمات الشخصية خاصة ما يعرف بالشخصية الحدِّية، ومن الأفضل مراجعة العيادة النفسية للاستفادة من جلسات العلاج النفسي السلوكي المعرفي (CBT) لبناء وتعزيز الثقة بالنفس، ومناقشة نمط التفكير السلبي الذي يؤدي إلى الشعور بالدونية، والاكتئاب أو الغضب والوساوس والمخاوف المرضية، والعلاج الدوائي بمضادات الاكتئاب مثل (سيبرالكس Cipralex) 10 مليجرام، أو (سيروكسات Seroxat) 20 مليجرام، أو أدوية أخرى ذات فاعلية في التقليل من حدة الغضب.

نسأل الله لك الصحة والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً