الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجاتي في الامتحان لا تتناسب مع مجهودي، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة أدرس الطب، ودائمًا هدفي أن يستعملني الله لإفادة الأمة الإسلامية، وأن أسعد أبي وأمي؛ لأن الفضل يعود لهما بعد الله فيما وصلت له، أتمنى العمل كمعيدة في كلية الطب، ثم التطور إلى باقي المناصب، وأن أصبح طبيبةً ممتازةً في عملي، وبالتأكيد الطريق الذي اتبعته لتحقيق هذه الأهداف هو الاستعانة بالله، وترك ما يغضبه، والاقتراب إليه بالأعمال التي يحبها، وأرى نفسي -إلى حد ما- نجحت في ذلك، وإن لم يكن بقدر كبير، وبعد التخرج أرغب في معاملة المرضى معاملةً طيبةً، وأن لا أكون سببًا في تعبهم.

مشكلتي أنني أسير على الخطة التي وضعتها لتحقيق هدفي، وفي النهاية لا أحصل على الدرجات التي أستحقها، أذاكر باجتهاد، ولا أدع الدروس تتراكم علي، ولو ضاق الوقت أترك الباقي لأذاكره في نهاية الأسبوع، وقبل الاختبار تعفينا الكلية من الدوام لمدة 5 أيام حتى نستعد للاختبار، وخلال هذه الفترة أستيقظ من الساعة 5 صباحًا، أقرأ القرآن والأذكار، وأصلي الفجر، وأتوكل على الله، ثم أبدأ في المذاكرة حتى الساعة 11:30 مساءً، وفي وقت النوم أقرأ القرآن والأذكار، علمًا بأني ملتزمة بقراءة الأذكار والقرآن يوميًا.

وحينما يحين وقت الدرجات أجد أنني حصلت على أقل درجة بين زملائي -وفقهم الله-، وهم لا يذاكرون ولا يراجعون مثلي، ومنهم من يفعل أشياء تغضب الله، أعتقد أن حلمي في العمل كمعيدة في كلية الطب لم يعد متاحًا، أصبر نفسي وأقول: إن الله يعلم كل ما أبذله من جهد، ولكنني أريد إسعاد أهلي، فقد تعبت من تكرار الأمر.

أريد أن أعرف هل هناك شيء يمكنني أن أضيفه في مذاكرتي أو يومي لكي يحسن من درجاتي؟ فأنا أدخل إلى الامتحان، وعند رؤية الأسئلة أعرف إجابتها كلها، وأنا متأكدة منها، ولكن الدرجات لا تكون مثل توقعي، لدرجة أنني تخيلت أن شخصًا ما في غرفة تصحيح الأوراق يقوم بوضع درجات خاطئة لي، ويتعمد ذلك -مجرد تخيل-!

أصدقائي يخرجون من قاعة الامتحان دون حل الأسئلة، وأتفاجأ أنهم حصلوا على الدرجة النهائية، وأنا كتبت الإجابة بالتفصيل، ولا أحصل على درجات تناسب مجهودي، هل ما يحدث يعتبر خيرًا لي؟ وهل أستمر بطريقتي هذه في المذاكرة؟ وهل التعيين في الكلية لم يكن خيرًا لي؟ وهل يمكن أن يرسل الله لي إشارةً كي يطمئن قلبي أني فعلت كل ما بوسعي، وأنه سوف يعوضني خيرًا في المستقبل؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك التوفيق والنجاح، وأن يبلغك آمالك التي يرضاها وفيها خيرك وسعادتك.

قد أصبت كل الإصابة -ابنتنا العزيزة- حين أدركت أن طاعة الله سبحانه وتعالى، والتقرب إليه مفتاح كل خير، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).

والسعادة كل السعادة -أيتها البنت العزيزة- أن تكوني مع الله تعالى، راضيةً بتدبيره وقضائه، متيقنةً بأنه سبحانه وتعالى يقدر لك الخير، ويختار لك أرشد الأمور، وهو أرحم بك من نفسك، وأعلم بمصالحك، وهذا لا يعني إهمال الأسباب، بل لا بد من الحرص والجد والاجتهاد بقدر الاستطاعة، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز"، وقد بذلت جهودًا طيبةً في مذاكرتك لدروسك، ولا ينبغي أبدًا أن تسمحي لشعور اليأس أن يتسلل إلى قلبك، وأن هذه المذاكرة لم تفد ولم تجدي، بل إنها أفادتك إفادةً كبيرةً، فقد نجحت -والحمد لله-، وهذا النجاح في حد ذاته إنجاز عظيم.

وما يدريك أنك كنت ستنجحين لو لم تبذلي كل هذه الجهود، فجهودك لم تذهب سدى، أما التميز أو التقدم على دفعتك، فهذا أمر يقدره الله سبحانه وتعالى وفق مصلحتك، فلا تدرين أين الخير.

لا شك أننا في كثير من الأحيان نحرص على أشياء نظنها هي المصلحة والمنفعة، وينبغي لنا أن نفعل ذلك، ونجتهد في الوصول إلى ما نظن فيه الخير والمنفعة، ولكن إذا قدر الله تعالى فواته علينا، فينبغي أن نكون على يقين تام من أن تقدير الله وتدبيره هو الخير، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

اجتهدي في مذاكرة دروسك، واستشيري من يدرسك من المدرسات في كيفية مذاكرة هذه الدروس، والتأكد من أنك تفهمين مسائلك ودروسك فهمًا سليمًا صحيحًا، حاولي أن تتشاوري مع زميلاتك، فإذا بذلت ما بوسعك فلا ينبغي لك أبدًا أن تقلقي أو تنزعجي بعد ذلك، بل فوضي أمورك إلى الله، وسيقدر الله لك الخير كله -إن شاء الله-، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً