الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعرفت عبر الإنترنت على رجل للزواج فإذا به سيئ!

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 28 سنة، تعرفت على شاب عن طريق موقع تعارف للزواج الإسلامي، أسأل الله أن يغفر لي ذنبي، في البداية كان يبدو لي صاحب دين وخلق، لكن مع الوقت اكتشفت فيه صفات سيئة، كالتقاعس عن العمل، والعصبية، وعدم التحكم في انفعالاته.

ابتعدت عنه لأشهر، بعدها قام بمراسلتي ليخبرني بأنه يريد الزواج مني، وأنه تحصل على وظيفة، أخبرته أن الوظيفة وجمع بعض المال وحده غير كاف لبناء أسرة، ولا تستقيم الحياة الزوجية إذا لم يكن هناك احترام متبادل، ورحمة، فصار يعدني بأنه سيعاملني معاملة حسنة.

أعطيته فرصة، لكنه سرعان ما عاد إلى صفاته السيئة، حينها قررت أن أقطع عنه كل الطرق، لكني بعد أيام تفاجأت بأنه اتصل بوالدي وطلبني منه، لم أفرح، أحسست كأنه يحاصرني ويضعني أمام الأمر الواقع، وفعلاً لم أستطع أن أصارح أهلي بما يفعله معي، واكتفيت بالموافقة، ولوهلة اعتقدت أني سأعيش حياة كريمة معه.

في البداية قال بأن طبيعة عمله لا تسمح له بأن يسافر، وأنه يريد أن نتزوج بالوكالة عن طريق السفارة، وأقنعت أهلي بذلك، ثم طلب مني أن أحدد مهراً، وعندما حددت غضب، وقال بأني أهتم للماديات، وليس للحلال.

علماً بأن المهر الذي طلبته ليس بالكثير أبداً، وأجبرني على أن أتنازل تقريباً عن نصف المبلغ الذي طلبته، وأخبرته أني أريد أن أقوم بإشهار زواجي وفق الشرع، فغضب وقال إنه لا يريد حفلات ولا معاصي، حاولت أن أقنعه بأن الدين لا يتناقض مع الفرحة، وأنه ليس بالضرورة أن تكون بالمعاصي، أي زواج هذا دون أي معالم فرحة؟! أليس من حقي كفتاة مسلمة أن أفرح بزواجي بما يرضي الله؟!

فهمت من كلامه أنه يريد أن نتزوج عن طريق السفارة، ثم يحول لي مهري، ويحجز لي تذكرة طيران لأسافر عنده، كل ذلك وأنا أتنازل عن حقوقي الشرعية، وأحاول إقناع نفسي أنه بعد الزواج سيعوضني، ثم أرسل لي مبلغاً يسيراً لإتمام الإجراءات، كجواز السفر وغيره.

منذ أن استلمت المبلغ زادت معاملته لي سوءاً، وأصبح يشتمني بعبارات بذيئة، ورخيصة، ويقذف في عرضي ويشتم أهلي، وعندما أقول له: هل ترضاه لأختك؟ يقول لي اخرسي، لا تقارني نفسك بأختي، هي أفضل منك أخلاقاً وأدباً، وليس لديها تطبيقات ولا تراسل رجلاً غريباً، وأنها عفيفة ومقدسة.

لم أعد قادرة على تحمل الإهانات فقطعت علاقتي به لكني أشعر بالندم، أحس وكأن الله عاقبني بهذا الشخص، وأصبحت أشعر بالنقص مقارنة بأخته، وأن الله أكرمها، بينما أنا عاقبني لذنوبي.

أرجو منكم النصح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابنتنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان ويرزقك الزوج الصالح.

ثانيًا: نوصيك - ابنتنا العزيزة - بأن تُفوضي أولًا أمورك إلى الله تعالى، وتعلمي بأن ما يُقدّره لك هو الخير، وإن كان مكروهًا لنفسك، فقد قال الله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].

ربما كانت هذه الأقدار التي قدّرها الله تعالى لك في أوّل الطريق خيرًا، ويدفع بها عنك شرورًا كثيرة تنتظرك في المستقبل، فلا ينبغي أن تُكثري من الحزن والأسف ممَّا واجهك به هذا الشخص، فإنك لا تزالين في أول الطريق، وتستطيعين التخلص دون أضرار تلْحقكِ، وهذا خيرٌ ممّا لو عاملك بالإحسان وهو يضمر خلاف ذلك؛ حتى إذا ارتبطت به بعقد زواج، وعَسُر عليك التخلص منه ظهرتْ لك الحقيقة التي كانت خافية عنك.

اشكري الله تعالى على ما قدَّره لك، وتوجّهي إليه سبحانه وتعالى بإصلاح حالك مع الله، بالتوبة النصوح وأداء الفرائض واجتناب المحرمات، وسيجعل الله تعالى لك عِوضًا عمَّا فقدتِ.

أمَّا ما مضى من التعرُّف على هذا الرجل؛ فإذا كان التعرُّف مع عدم الوقوع في المحذورات الشرعية، بأن لم يكن فيه كلام يُظهر اللين والخضوع ويُثير الغرائز، أو كان متضمّنًا لوضع الحجاب أمامه بما لم يُرخّص به الشرع، من حدود نظر الخاطب لمخطوبته، إذا لم يكن في هذا التعرُّف ما يُصاحب ما صاحبه من هذه المحرمات فإنك غير آثمة به.

ينبغي أن تتخذي منه درسًا لما يُستقبل من الزمان، وأن تعلمي بأن المرأة يُنظر إليها وتُوزن بقدر تحفُّظها وصيانتها لنفسها، وليس مجرد فقط اجتناب المحرم، ولكن المبالغة في حفظ نفسها وصيانتها، والابتعاد عن مواطن الشّبه والرِّيب، والتزام آداب الشريعة الإسلامية، كلُّ ذلك من شأنه أن يُعليَ مكانتها ويرفع قدرها في نظر الرجال، فيحرصون عليها.

خذي ممَّا سبق لك درسًا، تستفيدين منه في المستقبل، والذي فهمناه من سؤالك أن عقد النكاح لم يحصل بعد، ومن ثمَّ فإنك لا تزالين في عافية من هذا الاقتران بهذا الرجل، وأمَّا ما دفعه لك من الأموال فإن كان دفعه على أنه جزء من مهر الزواج، أو على أن يتمّ الزواج؛ فالواجب عليك أن ترديه إليه.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً