الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابتعدت عن صديقتي فوقعت في وحل العلاقات!

السؤال

السلام عليكم.
كانت لي صديقة مقربة، وكنا قلما نفترق، ولكني على رغم الود بيننا كنت أعتذر لها عن البقاء معها في مكتبة الجامعة؛ لأنني أدرس بعيداً جداً عن أهلي، وكنت في سنتي الأولى، فلا آمن على نفسي فيها، وهذه السنة ابتدأتها في حالة نفسية أقرب للاكتئاب؛ كون أهلي سخروا من مرتبتي التي نلتها في سنتي الأولى، فقد كنت من أوائل البلاد في الثانوية، وأضحيت في المرتبة الستين في جامعتي، فكنت إذا لقيت أصدقائي أتحاشى الحديث معهم، كما قلت آنفاً ليس كرهًا لهم، ولكني كنت أعيش حالة ضياع شديدة،
وما كنت أرجو أن أشاركهم همي، وكانت صديقتي هذه ممن تأثر بتصرفي، وقد حاولت إصلاحها حتى يئست من المحاولة، وبعد مدة عقلت، فتقربت إلى أصدقائي مرة ثانية، والحمد لله وجدت قبولاً بينهم، ونلت بحمد الله مرتبة أرضت أهلي الذين اعتذروا لي عن سخريتهم.

المشكلة في صديقتي آنفة الذكر، فلما أردت الاعتذار لها تفاجأت بموقفٍ لها مع أحد الشبان، وعلى الرغم أني ظننت خيراً، إلا أن ما رأيته كان حقاً، فصديقتي صارت تخالط هذا الشاب، كعهد بعض الفتيات في الجامعة على الرغم مما عهدت منها من حسن خلق، وصدق لسان؛ شعرت بالألم لذلك، وأردت نصحها، ولكنها لم تصارحني بالأمر، على عكس باقي أصدقائها لعلمها بأني سأحاول ثنيها.

أحسست أنني المسؤولة عن هذا، فلو لم أكسر قلبها لما كانت فريسة سهلة لهذه العلاقات، ولو كنت بقيت معها في المكتبة لما ظلت وحيدة تتقاذفها النظرات، شعرت أني خذلتها، وأنني السبب في ما وصلت إليه، دعوت لها كثيراً، فهل عليّ من إثمها شيء؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختي الفاضلة: نسأل الله أن ييسر لك أمرك، ويهديك إلى ما فيه الخير والصواب، سنحاول مساعدتك عبر توضيح بعض النقاط الهامة، وتقديم بعض النصائح:

- أولاً: عليك تفهم ظروفك النفسية، فقد مررتِ بظروفٍ صعبةٍ، من شعور بالغربة، والضغط النفسي بسبب النتائج الدراسية، وهذا طبيعي، ويحدث للكثير من الطلاب.
- على الرغم من تأثرك النفسي، لم تكن تصرفاتك تجاه صديقتك بنية سوء، كنت تعانين نفسياً، ولم تكوني قادرة على التواصل كالسابق.
- واجهي صديقتك بصراحة وصدق، وأخبريها عن الظروف النفسية التي مررت بها، وكيف أثرت عليكِ.
- اعتذري منها بصدقٍ، وأخبريها أنكِ تأسفين إذا كانت قد شعرت بالإهمال أو الخذلان.
- حاولي استعادة التواصل معها ببطء، وكوني داعمة لها، قد يكون من الصعب عليها قبولك فوراً، ولكن الصبر والمثابرة يمكن أن يساعدا.
- قدمي لها الدعم المعنوي والنصائح الأخوية بطريقة لطيفة ومشجعة.
- داومي على الدعاء لصديقتك بالهداية والثبات على الحق، قال الله تعالى: "ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ". والدعاء للصديق من أفضل العطاء الذي يمكن نفعه به.
- استغفري الله دائماً لنفسك ولها، فالاستغفار مفتاح الفرج.
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ دَلَّ عَلَى هدى كان مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ" (رواه مسلم)؛ لذا انصحيها برفقٍ ومحبةٍ، فإنما الدين النصيحة.
- إذا رأيتِ منها خطأً، فذكريها بالله والآخرة بأسلوب محبب ومشجع.
- كوني قريبة منها، وإذا شعرت بالحاجة، استعيني بشخص تثق به، ويمكن أن يؤثر فيها إيجابياً.

من المهم أن تدركي أنكِ لستِ مسؤولة عن أفعال صديقتك، كل شخص مسؤول عن أفعاله أمام الله، قولي ما تستطيعين من النصيحة، وافعلي ما بوسعك لدعمها والوقوف بجانبها، لكن لا تحملي نفسك الذنب، يقول الله تعالى: ﴿كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِینَةٌ﴾ [المدثر ٣٨].

أما نصيحتك لها بخصوص الشاب، فيمكن أن تكون أيضاً بأسلوبٍ حكيمٍ غير منفر، وبالطبع هذه النصيحة لا يحسن تقديمها لها إلا بعد أن تستعيدي علاقتك بها، أما إذا قدمت النصيحة قبل استعادة العلاقة فسوف تنفر منك أكثر.

تواصلي معها بصدقٍ وحب، اعتذري ووضحي لها موقفك، قدمي الدعم والنصيحة بلطف ورفق، وداومي على الدعاء والاستغفار لك ولها، وتذكري أن الهداية بيد الله، وأنتِ تقومين بواجبك تجاهها بما يرضي الله.

نسأل الله أن يصلح حالكم، ويوفقكم لكل خير، ويجعل صداقتكم سببًا في الخير والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً