الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قطعت علاقتي بصديقتي لأنها تجرحني، وأصبحت أشعر بتأنيب الضمير!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

أنا فتاة عمري 17 عامًا، أكملت دراستي الثانوية، وكانت لي صديقة قريبة مني، كما أنني انتقلت من قسمي إلى قسمها.

علمًا أنا صدقتنا دامت لـ 5 سنوات، لكن معاملتها تغيرت كما أنها أنشأت علاقات أخرى، علمًا أننا كنا صديقتين مقربتين جدًا، وأنا حزنت كثيرًا؛ لأنني كنت أظن أننا سنبقى أصدقاء، وكما أنني سألتها عن سبب تغير معاملتها، فاعتذرت، وقبلت الاعتذار، لكن معاملتها لم تتغير.

كانت تقول لي كلامًا جارحًا، وتبرر موقفها بأنني حساسة، وأغضب بسرعة، وكنت متعلقة بها جدًا، ولم يكن لي صديقة غيرها، وهذا ما جعلني أشعر بالوحدة، وهذا ما كان يجعلني أبكي كثيرًا.

كما أنني دائمًا ما كنت أشعر بالحزن، ودائمًا ما أبادر للتحدث معها، فقررت أن أغير رقم هاتفي، وأن أمسح حساباتي التي كنت أتواصل بها معها لكي أتفادى التحدث معها، فهل أنا آثمة لأنني قطعت العلاقة، وأشعر بتأنيب الضمير؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما تمرين به ليس سهلاً، وهو جزء من التجارب الإنسانية الطبيعية، من الطبيعي أن نشعر بالألم عندما تتغير العلاقات التي كنا نعتز بها، بالنسبة لقرارك بقطع العلاقة، فمن المهم أن نفهم الأسباب والنيات وراء ذلك.

دعينا نضع لك بعض الإيضاحات:
1. إذا كانت نيتك في الابتعاد عن هذه الصداقة هي حماية نفسك من الألم، أو الحفاظ على صحتك النفسية، فهذا ليس إثماً، قال النبي ﷺ: "لا ضرر ولا ضرار"، حماية نفسك من الضرر النفسي هو أمر مشروع.

2. ديننا يشجع على الوسطية في العلاقات، وعدم التعلق الزائد بأي شيء أو شخص، قال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما."

3. قد قمت بما عليك من الاعتذار، ومحاولة إصلاح العلاقة، إذا كنت تشعرين أن استمرار العلاقة سيجلب لك المزيد من الألم، فلا حرج في التخفيف من هذه العلاقة أو إنهائها.

4. الشعور بالوحدة والحزن بعد انتهاء علاقة قوية هو أمر طبيعي، وقد تكون هذه فرصة لكِ لإقامة علاقات جديدة، أو تقوية علاقات أخرى، يمكنكِ محاولة الانخراط في أنشطة جديدة، أو مجموعات اجتماعية قد تفتح لكِ أبواباً لعلاقات مثمرة.

5. إذا كنت تشعرين بتأنيب الضمير، فتذكري أن لكل منا الحق في الحفاظ على صحته النفسية، هذا لا يعني أنكِ قطعت العلاقة بشكل نهائي، أو غير قابلة للإصلاح، ولكن ربما تحتاجين وقتاً ومسافة لتقييم الأمور بطريقة أفضل، يمكنك دائماً أن تكوني على علاقة طيبة معها، دون أن تكون بنفس الدرجة السابقة من القرب، يمكنك أن تسلمي عليها إذا لقيتِها، وأن تزوريها إذا مرضت، وتعزيها إن حدث لها مكروه، أي: أن تعطيها حق المسلم على أخيه المسلم.

إذًا فلا حرج عليك إذا كانت نيتك هي حماية نفسك، فمن المهم أن تعتني بنفسك، وأن تحاولي تطوير علاقات جديدة، وتحاولي الاعتدال في التعلق بالعلاقات، والله سبحانه وتعالى يعلم نياتنا وهو الغفور الرحيم.

وفقك الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً