الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أجد الراحة والاطمئنان مع زميلتي في السكن!

السؤال

السلام عليكم

حدثت مشكلة بيني وبين زميلة لي في السكن، لا أستطيع الراحة معها، ولا أعلم لماذا لا أجد اطمئناناً معها، حاولت أن أتعامل معها، في البداية ظننت أن المشكلة مني، وأكثرت من لوم نفسي، وعندما بدأ الأمر يضايقني حقاً، بدأت أسأل الناس من حولي، وأتكلم عنها بكل حيادية، وبأني لا أفهم لماذا يحدث معي هذا؟! ولا أستطع أن أخطئها.

بعد شهور فهمت أنها كانت تشد علي بشيء من العنف، وتعلق على أشياء تنازلت لها فيها، كنت أغسل الأطباق كلها، سواء كانت لي أم لها، وحين تركت طبقاً واحداً، والله يعلم إن كان لي أم لها، قالت: إن الطبق له شهر هنا فاغسليه، وتعلق على أشياء فعلتها، مثل عدم إدخال باقي أشيائي في الثلاجة، وعدم تنظيف الحمام، في حين أني لا أعلق، ولم أنظر حتى لعملها.

الآن أدركت أني كنت أتركها تفعل ذلك كما تريد، بالإضافة أنها كانت تتضايق من ريحة الطعام الذي أطبخه، وتغلق أنفها، ولفترة كنت أتضايق حتى من صنع الطعام بسبب ذلك، وما شكيت لأحد إلا وقلت إن هذا طبعها، وعندما أعاملها بعفوية أجد ردود فعل لا أجدها عند الناس.

أشعرتني أني لا أجيد التعامل، وبأني أضايقها، ومع الزمن انسحبت منها، حتى صرت لا أسلم عليها، وكنت في ضيق وتعب، وهي كذلك كما علمت فيما بعد.

المهم جاءت الإجازة، ورجعنا إلى أهلنا، وفي يوم سفرها أخبرتها أني من المحتمل أن لا أعيش معها عند عودتنا، وتفاهمنا في سوء التفاهم بيننا، وسافرت.

عندما عدت كنت قد وجدت شقة، وحصلت مشاكل، وخسرنا الشقة والمال، وبعد تعب حل الأمر، وانشغلت أنا، ولم أخبرها أني ذهبت، ولكن تركت باب غرفتي مفتوحاً لترى ذلك.

الآن أرسلت لها لتسليم الشقة، وقامت بحظري، وقالت: إني تركت البيت بحالة سيئة، وهذا لم يحدث، ربما أكون قد أخطأت في حقها، ولكن ليس بقدر رد فعلها، هل أخطأت؟ وماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ع.ن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات إسلام ويب.

اعلمي -وفقكِ الله- أن العيش في مكان واحد مع طرف آخر يؤدي بشكل طبيعي إلى بعض الاختلافات، وذلك بسبب تباين وجهات النظر، والاهتمامات والشخصيات، لكن الحكمة تقتضي التعامل مع هذه الاختلافات بأسلوب بنّاء، حتى لا تتحول إلى نزاعات أو شحناء، قد تؤثر على الأخوّة بينكما، ومن أهم القواعد لتحقيق التفاهم والانسجام، هو الحوار الصريح والواضح، والعفو والصفح والتماس العذر.

يظهر في حالتكِ أنكِ تواجهين صعوبة في التواصل مع زميلتكِ في السكن، كما أن شخصيتكِ الحساسة تزيد من تعقيد الموقف، واجتماع ضعف التواصل مع الحساسية الشديدة، قد يؤدي إلى تضخيم المشكلة، وتعقيد الحلول على المدى البعيد، إن لم يتم التعامل مع الأمر بوعي وحكمة.

لذا نقدم لكِ بعض النصائح التي قد تساعدكِ في إدارة هذه المشكلة، والخروج منها بأقل ضرر ممكن:

أولاً: التواصل الصريح والواضح: حاولي مواجهة زميلتكِ ومناقشة الأمور بوضوح وصراحة، وخصصي وقتًا هادئًا للجلوس معها، واشرحي وجهة نظركِ بشأن المشكلات التي تزعجكِ، مع التأكيد على رغبتكِ في تحسين العلاقة بينكما وتحقيق التعاون والمودة، قد يكون هناك سوء تفاهم، أو أحكام مسبقة يمكن تجاوزها من خلال الحوار الصريح.

ثانياً: وضع حدود وقوانين مشتركة: السكن المشترك يتطلب تنظيمًا واضحًا وعادلاً، لتجنب حدوث المشكلات، اجلسي مع زميلتكِ -إذا استمررتِ بالسكن معها- وضَعا معًا جدولًا عادلًا لتقسيم المهام المنزلية، مثل التنظيف والترتيب والطبخ، ثم قوما بوضع قوانين للمنزل يلتزم الجميع بها، هذا يساعد على تحقيق التوازن وتجنب الشعور بالظلم أو التعدي.

ثالثاً: تقييم الذات وتصحيح التصرفات: راجعي تصرفاتكِ بعناية وحيادية، فقد يكون بعض تصرفاتكِ عفويًا، لكنها قد تُفسَّر بشكل مختلف من قبل الطرف الآخر، فكري: هل بينكما من المودة ما يُمكنه إزالة أي سوء تفاهم؟ وهل الطرف الآخر يتقبل هذ العفوية ويرحب بها، هذا التقييم يُساعدكِ على تطوير العلاقة دون المثالية المفرطة أو جلد الذات.

رابعاً: فن الاحتواء والاعتذار: إذا ارتكبتِ خطأً غير مقصود، فاحرصي على الاعتذار بوضوح، مع شرح أسباب الخطأ إن لزم الأمر، هذه الخطوة تساعد على إزالة التوتر، وتفادي استخدام الأخطاء السابقة كأساس لأي نزاعات مستقبلية.

خامساً: التعامل باللطف واللين وحسن الخلق: فاللطف وحسن التعامل دليل على الأخلاق العالية، لكن في بعض الحالات، قد تكون العلاقة متوترة، وإذا فشلتِ في تحسينها ووجدتِ أنها تسبب لكِ ضررًا نفسيًا، فالانسحاب بهدوء قد يكون الخيار الأفضل، والبحث عن سكن أو زميلة أخرى يمكن أن يُوفر لكِ بيئة مريحة بعد العجز عن إصلاح أي شيء من هذه العلاقة.

أختي الفاضلة: علاقاتنا مع الآخرين لا تخلو من النقص أو الأخطاء، فالكمال في العلاقات أمر صعب، ونحن هنا لم نستمع إلى وجهة نظر الطرف الآخر ومبررات تصرفاتها، لكن المهم أن تتعلمي إدارة الخلافات لتقليل الأضرار.

كما أنه لا بد أن تتوقفي عن لوم نفسكِ أو جلد الذات، وركّزي على ما هو مفيد ونافع، لتشتيت الأفكار السلبية الناتجة عن هذه العلاقة، احرصي على الدعاء والتضرع إلى الله، والإكثار من الأعمال الصالحة، ليُصلح حالكِ وييسر أمركِ، ويسهل عليكِ بناء علاقة طيبة مع زميلتكِ، أو الانسحاب بسلام ورضا إن لم تفلح كل تلك المحاولات.

وفقكِ الله وسدد خطاكِ.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً