الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل سأحرم التوفيق لوظيفة جديدة بسبب ذنب ارتكبته؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا موظف، وأعمل بكل ضمير، والزملاء يقدرونني جدًّا منذ مدة ١٣ عامًا، وفي لحظة استحوذ علي الشيطان، وتعثرت، وقمت بالاستفادة بشكل غير مباشر من أموال الشركة، والشركة أدركت، واتفقنا على الاستقالة، والزملاء يشعرون أني مظلوم لسمعتي الطيبة رغم ستر الله، ولكني أشعر أني أذنبت، ولا أستحق هذا الستر، والآن أبحث عن عمل جديد، وأدركت خطئي، وأكثر من الاستغفار، وعزمت ألَّا أعود لأي عمل يغضب الله، ولكني أشعر أن الله لن يعوضني؛ لأني ارتكبت الذنب وأستحق العقاب.

وأيضًا أسعى بكل جهدي في البحث عن عمل آخر، وأتقرب من الله، وأستغفر، وأشعر أنه سيعوضني بالأفضل؛ لأني أتوب إليه، هل الله سيعوضني أم بسبب الذنب لن أجد عملًا؟

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب..

أولًا ينبغي أن نذكرك - أيها الحبيب - بأن «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، ‌وَخَيْرُ ‌الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» كما قال الرسول الكريم (ﷺ)، فالإنسان معرض لأن يقع في الزلل والخطأ، ولكن الموفق هو الذي يتدارك ويصلح ما أفسد، ويقر بذنبه ويتوب إلى ربه، وقد وفقك الله سبحانه وتعالى للتوبة والندم على ما فعلت.

والندم هو أول أجزاء التوبة، وقد قال النبي (ﷺ): «النَّدَمُ تَوْبَة»، والعزم على عدم الرجوع في المستقبل إلى مثل هذا الذنب، مع الإقلاع عنه في الحال، ورد الحقوق المملوكة إلى أهلها، فإذا فعلت هذا فإنك تائب، والرسول (ﷺ) يقول: «‌التَّائِبُ ‌مِنَ ‌الذَّنْبِ، كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ».

فبعد توبتك ينبغي أن تحسن ظنك بالله تعالى، وتعلم بأنه غفور رحيم، يقبل التوبة عن عباده كما أخبر في كتابه، ويعفو عن السيئات، بل ويبدل سيئات التائب حسنات، كما جاء هذا في كتاب الله تعالى في آخر سورة الفرقان، واعلم بأن التوبة التي تمحو الذنب هي مظهر من مظاهر التقوى، والله تعالى وعد المتقين بالرزق الحسن، وقال سبحانه وتعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

فنوصيك بالاستمرار على هذه التوبة والإكثار من الاستغفار، فإن الاستغفار سبب جالب للأرزاق، كما قال الله تعالى في كتابه: {فقلت استغفروا ربكم أنه كان غفارًا * يرسل السماء عليكم مدرارًا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا}، وقد قال الله تعالى في كتابه: {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرًا}.

فأحسن ظنك بالله تعالى، والجأ إليه بصدق واضطرار، وأكثر من دعائه أن ييسر لك الرزق الحلال، ويعفك بالحلال عن الحرام، فهذا من أدعية النبي (ﷺ) المأثورة، فقد روي عَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ مُكَاتَبَتِي فَأَعِنِّي، قَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللهِ (ﷺ)؟ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ اللهُ عَنْكَ، قَالَ: قُلِ اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي ‌بِفَضْلِكَ ‌عَمَّنْ ‌سِوَاكَ».

نوصيك بالصحبة الصالحة، وبمراقبة حالك مع الله تعالى بأداء الفرائض خاصة الصلاة في أوقاتها، واجتناب المحرمات، وستجد من ربك خيرًا كثيرًا.

نسأل الله تعالى أن يفتح لك أبواب الرزق الحلال، وأن يُقدِّر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً