الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مضى العمر بين الرجاء والانتظار ولم يتحقق شيء من أمنياتي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد مضى العمر بين الرجاء والانتظار، والصبر والأمل، والذكر والصلاة؛ لاستجابة الدعاء، وقضاء الحاجة، فقد كبرت ولم يتحقق شيء، لا زوج، ولا ولد، ولا علم أو عمل أنتفع به، ماذا أفعل؟!

خلقت وحيدة، وسوف أموت وحيدة! أستغفر الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nari حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يحفظك وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبعد:

ما تحدثت عنه -أختنا- من مآس يمكن تقسيمها إلى أمرين:
1- ما لا دخل لك فيه كالزواج والإنجاب.
2- ما لك دخل مباشر فيه كطلب العلم والعمل به.

ولابد من فصل الأمرين عن بعضهما ابتداء، حتى يمكن فهم المشكلة ومن ثم معالجتها، وهنا لابد أن نؤكد على حقائق تخص الابتلاء، نذكرها في العناصر الآتية:

أولاً: أقدار الله عز وجل عادلة؛ ولذا فالابتلاء لا يخلو منه أحد، ما من إنسان إلا وله نصيبه منه، تلك طبيعة الحياة التي أوجدنا الله فيها، من الناس من يبتلى في ماله أو بدنه أو أهله أو ولده أو جيرانه، ومنهم من يبتلى في زوج لا تستطيع العيش معه، ولا تقدر على الفكاك منه، ولا تأمن لحالها معه، وتعيش الهم والغم يومياً، المهم أن البلاء مدرك الجميع لا محالة، كل على حسب دينه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (يبتلى المرء على قدر دينه)، وعلة الابتلاء قد أخبر الله عنها بقوله: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) فالله يبتلي عباده بما شاء، لأجل رفع منزلة أو تكفير ذنب لمن صبر على ذلك.

ثانياً: قد تتعجبين إذا قلنا لك: أنت بالنسبة لما يرد إلينا من مشاكل، في نعمة وعافية يتمنى كثير من الناس مثلها أو بعضها، فهناك حبيس المرض والفقر والجهل، وهناك من ابتلي بالحرب في بلده؛ ففقد أهله وعاش وحده، وهناك من لا يسكن ألمه من جسده، فلا هو قادر على النوم، ولا مستطيع مواصلة الحياة، والمآسي هنا كثيرة!

نقول لك ذلك؛ لأن من أعظم آفات الابتلاء: من يظن أنه أكثر الناس بلاء، ولا يرى ما أنعم الله عليه به من نعم أخرى، فمثلاً: الفقير لا يرى نعمة الله عليه في صحته أو في عقله، وإنما ينظر من خلال فقره، وكذلك من ابتلي بالمرض، لا ينظر إلى نعم الله عليه في الغنى أو الزوجة الصالحة أو الولد البار، ويظل ينظر من خلال مرضه، وهذا سوء أدب مع الله عز وجل، ولو فتشنا في حياتنا لوجدنا نعماً كثيرةً تناسيناها، ولو أمعنا النظر فيها لعلمنا فضل الله علينا.

وعليه: فكل ما كان من أقدار لا دخل لك فيها، وإنما هي ابتلاء؛ فالواجب عليك:
- الصبر على أقدار الله، مع الدعاء أن يصرف عنك الشر.
- الشكر على ما أنعم الله به عليك، مع تذكير نفسك بتلك النعم دائماً.
- العمل على تقليل آثار الابتلاء بالتقرب إلى الله أكثر، والاجتهاد في إزالة رواسبها.

- أما ما له دخل مباشر لك ( كالعلم والعمل مثلاً) فلا بد من دراسة متأنية للأسباب التي تحول بينك وبين العلم أو العمل، والاجتهاد في إزالة تلك الأسباب، والتقدم إلى الإمام ولو خطوة كل يوم.

- أختنا الكريمة: قد ذكرت أنك محافظة على الصلاة والأذكار وقضاء الحوائج، وهذا فضل عظيم وأجر كبير، اجتهدي في المحافظة عليها، وثقي أن عطاء الله أقرب إليك من حبل الوريد، فلا تيأسي من روح الله، ولا تظني أن كل دقيقة مرت عليك وأنت لله طائعة أنها هدر، بل هي لك عند الله رصيد مدخر.

نسأل الله أن يتقبل منك، وأن يكتب أجرك، وأن يرزقك خيري الدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً