الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت فتاة أجبرت على الزواج بغيري، ما العمل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنتُ قد تعرفتُ على فتاةٍ، وهي شخصيةٌ طيبةٌ ومحترمة، كان التعارفُ صدفةً، وبعد فترةٍ من معرفتي بها اتفقنا على أن نُكمل علاقتنا بالخطبة، ولكن بعد فترةٍ قصيرةٍ مرت بظروفٍ نفسيةٍ جعلتها غيرَ راغبةٍ في الزواج في ذلك الوقت.

كانت ترفضُ كلَّ من يتقدمُ لها، لعدم استعدادها ولأجلي أيضًا، ولكن أهلها أجبروها على الزواج من شخصٍ لا ترغبُ به، وهي الآن في حيرةٍ من أمرها، وأسئلتي كالتالي:

هل تصرفُ أهلها صحيح؟
هل يصحُ عقدُ الزواجِ بالإجبار؟
هل يصحُ أن تكونَ متزوجةً من شخصٍ وهي لا تزالُ تفكرُ بي وغير قادرة على نسياني؟
هل يحقُ لها أن تخبرَ زوجها بأنها لا ترغبُ به وأنها ستظلمُه؟
هل يكونُ حراماً عليها إذا استمرتْ في الزواجِ دونَ إخبارهِ بمشاعرها؟
هل يجوزُ لها أن تستمرَ في هذا الوضعِ وتظلمَ نفسَها وزوجَها لإرضاءِ أهلها؟

أرجو الرد في أقرب وقت، وشكرًا لسعة صدركم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونحن نريد أن نجيب على أسئلتك الكثيرة هذه في نقاط:

أولًا: إجبار الوالد لابنته على الزواج بشخص -إن كانت هذه المرأة بكرًا-، فهذا الإجبار صحيح عند كثيرٍ من العلماء، وذلك لأن الأب رحيمٌ بابنته، وحريصٌ على مصالحها، وهو أعلمُ بالرجال منها، وما دامت المرأة قد تزوجت، فإن حمل العقد على الصحة أولى، وننصحك أنت بأن تُعرض عن هذا الموضوع تمام الإعراض، وتترك هذه المرأة لشأنها، والمرأة قد تتزوج برجلٍ في أوّل الأمر وهي لا تُحبُّه، ثم تحدث هذه المحبّة، أو يحدث نوع من الألفة بسبب المعاشرة بين الزوجين بالمعروف، وتبادل الإحسان فيما بينهما.

فلا يجوز لك أنت أن تُكدّر على هذه المرأة حياتها الزوجية بتواصلك معها أو بغير ذلك؛ فإن هذا من التخبيب -أي إفساد المرأة على زوجها- والتخبيب محرّم، وقد تبرأ النبي ﷺ ممَّن خبَّب امرأةً على زوجها، فقال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ‌خَبَّبَ ‌امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا»

وأمَّا هل ستنساك أو لا تنساك؟ فهذا أمرٌ راجعٌ إليها هي، فإذا كانت تُريدُ البقاء مع زوجها أو صبرت على ذلك وإن كانت لا تُحبُّه؛ فهذا أمرٌ راجعٌ لها، لا يجوز لك أنت أن تكون سببًا في فراق هذه المرأة لزوجها.

وليس حرامًا عليها أن تصبر على زوجها وعلى البقاء معه، وإن كانت لا تُحبُّه، فالواجب عليها فقط أن تقوم بالفرائض الشرعية التي فرضها الله تعالى للزوج على زوجته.

ونصيحتنا لك أنت في شخصك أن تتسلّى عن هذه المرأة بغيرها، فإن النساء غيرها كثير، والنفس إذا يئست من الشيء سَهُلَ عليها نسيانه، فأنت ذكّرْ نفسك دائمًا بهذه الحقائق الواقعة، وهي أن هذه المرأة قد تزوجت وأصبحت زوجة لرجل آخر، وأن هذا هو ما قدّره الله تعالى، وما يُقدّره الله تعالى هو الخير، وهو أفضل الاختيار، وليس بالضرورة أن يكون ما تحرص أنت عليه هو الخير لك، فقد قال الله تعالى: {وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ‌وَعَسى ‌أَنْ ‌تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}.

فاعلم أن الله سبحانه وتعالى لم يصرفها عنك إلَّا لعلمه سبحانه وتعالى أن الخير لك في غيرها، وما يستهويك بهذه المرأة ويدعوك إلى التعلُّق بها موجودٌ في غيرها من النساء، الأمر يحتاج فقط إلى قليل من التعقُّل والتروّي والتأمُّل.

نسأل الله تعالى أن يوفقكم للخير، وأن يكتب لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً