الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي قاسية وسريعة الغضب، فكيف أتعامل معها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زوجتي عصبية، وكثيرة الشكوى، تغضب من أي شيء، وأحيانًا تسيء لي حينما تغضب، وقالت لي في إحدى المرات: إننا لا نحب بعضنا، وأنا حريص بين الحين والآخر على إرسال وجلب الورود لها، وأكون ودودًا معها، حاولت مرتين أن أحضر لها الإفطار لإرضائها، لكن بلا جدوى.

أرى من نظراتها أو تصرفاتها العصبية، حتى وإن لم أفعل شيئًا يسيء إليها، أو حينما تكون الأمور على ما يرام.

زوجتي قاسية القلب جدًا، انصحوني، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Anas حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الكريم والابن الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على حُسن المعاشرة للزوجة، التي نسأل الله أن يهديها لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يُبعد عنها سيئ الأخلاق والأعمال، لا يصرف سيئها إلَّا هو -سبحانه وتعالى-.

لا يخفى على أمثالك من الفضلاء أن المرأة كائن رقيقٌ لطيف، وأنه يحتاج إلى صبر، ويحتاج إلى فهم لنفسيتها، وللظروف التي تعتريها في أيام عُذرها الشرعي، أو في أيام حملها الأولى، وفي غير ذلك من الظروف، ولذلك جاءت الوصية النبوية: "استوصوا بالنساء خيرًا"، ودائمًا يوصى العاقل بغيره، ويوصى الكبير بالصغير، والوصيةُ توجّهت للرجل، وقُدوتنا في هذا هو رسولنا -صلى الله عليه وسلم- الذي كان في بيته ضحَّاكًا بسَّامًا، يُدخِلُ السرور على أهله.

وأرجو أن يعلم كل رجل أن حُسن المعاشرة لا يتحقق إلَّا ببذل الندى، ثم بكفِّ الأذى، وبالصبر على الجفا، ومن خلال التعامل مع زوجته ينبغي أن يُتأسى برسولنا -صلى الله عليه وسلم-.

وليس معنى هذا أننا نؤيد الزوجة في أسلوبها، لكن لنضع القاعدة الأولى، وهي أن حُسن المعاشرة يبدأ من تعامل الزوج، من صبره على زوجته (هذه الأسيرة). النبي -صلى الله عليه وسلم- حرَّج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة، ثم إن الشريعة تُوصي المرأة بأن تُقابل هذا الإحسان من الزوج بالإحسان، والمرأة بحاجة إلى أن تشعر بالحب والأمان، إذا وفّر لها الرجل هذا المعنى، فينبغي أن تُوفّر له التقدير وتغمره بالاحترام.

ونحن بحاجة إلى أن نُذكّرك أن تُدرك أن زوجتك كغيرها من النساء، فيها إيجابيات وبها سلبيات، ونحن أيضًا معاشر الرجال، ليس مِنًّا من فيه الكمال، فكلُّنا بشر والنقصُ يُطاردنا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يُعطي معيارًا جميلًا وعظيمًا عندما يقول: "لا يفركْ مؤمنٌ مؤمنة، إنْ كَرِهَ منها خُلقًا رضيَ منها آخر".

فكنَّا نتمنّى أن تذكر وتُشير إلى بعض الإيجابيات المتوفرة والموجودة في الزوجة، وهذا من الأمور المهمّة، فإذا كان فيها هذه السلبية والعصبية وحب النرفزة وتغيُّر المزاج؛ فأرجو أن تستحضر عند ذلك ما فيها من إيجابيات ومن جوانب مشرقة وحسنة وجيدة؛ لأن هذا من الأهمية بمكان، حتى تستطيع أن تُقيّمها التقييم الصحيح.

ثم عليك بعد ذلك أن تمدحها بما فيها من إيجابيات وجوانب مشرقة؛ لأن الإنسان إذا مدحنا ما فيه من إيجابيات، فإن هذا يُعطي مؤشرات في غاية الأهمية، ويجعل الإنسان فعلًا يشعر بالإنصاف، وهذا طريق إلى القلوب وإلى النُّصح، أن نذكر ما فيها من إيجابيات ونمدحها بها، ثم بعد ذلك نحاول أن نناقش أو نعرف أسباب تلك السلبيات.

لو أحببنا أيضًا أن نسأل: هل هذه النرفزة والطريقة من البداية أم في منتصف الحياة؟ وهل تشكو من أشياء مُعيّنة، آلام أو أمراض؟ وهل هناك مثلًا علاقة زوجية ناجحة واهتمام منك، وإعطاء الوقت وتخصيص بعض الأوقات للجلوس معها، بعيدًا عن الجوال وبعيدًا عن الشواغل؟ فإن هذه من الأمور المهمّة.

ولذلك نتمنَّى أن تُشجعها على التواصل مع الموقع لتعرض ما عندها، كما نرجو دائمًا في مثل هذه الأحوال أن تذكر الإيجابيات، وتذكر الأسباب التي تعتقد أن الزوجة تتوتر بسببها، ولا تُريدُها في حياتكم؛ لأنه ينبغي أن نبحث عن سبب هذا التوتر، فإن كان لمرضٍ عالجناه، وإن كان لسوء تفاهم أصلحنا ذلك التفاهم، وإن كان لغير ذلك حرصنا على الرقية الشرعية، والمعالجات الطبية النفسية، إلى غير ذلك من الأمور التي تجلب السعادة.

ونحن سعداء بهذا السؤال، ونتمنَّى أن يستمر التواصل مع الموقع، مع مزيدٍ من التوضيح لأسباب هذا التوتر والظروف والأوقات التي يكثر فيها، حتى نتعاون جميعًا في وضع النقاط على الحروف، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، ونذكّر بأن الحياة الزوجية طاعة لربِّ البريَّة، والذي يُحسن من الأزواج يُجازيه الله، والذي يقصر يُسائله الله، وخير الأزواج عند الله خيرهم لصاحبه.

نسأل الله أن يُعيننا وإيَّاكم على الخير والطاعة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً