الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالندم لتقصيري مع والدي قبل وفاته، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كنت مقصرًا مع والدي المريض بسبب الدراسة، وكنت أصرخ في وجهه وأتجاوز حدود الأدب معه! وفي بعض الأوقات كنت أفعل له ما يريده، ويكون والدي سعيدًا بذلك، لم أعتذر منه عن تقصيري وأفعالي، ولا أعلم إن كان راضيًا عني أم لا.

بعد وفاة والدي الوساوس تدفعني للانفعال من أي شيء، وأتضايق من نفسي، أرجو الإجابة دون جرح النفس.

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبده حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

رحمة الله على والدك وغفر له ولك. من المؤكد أن مشاعرك الآن مختلطة بين الحزن والندم، وهذا أمر طبيعي، التفاعل العاطفي بعد فقدان شخص عزيز، وخاصة الوالدين، يمكن أن يكون صعبًا، خاصة إذا كنت تشعر بالتقصير تجاهه في حياته.

أولًا: اعلم أن الله تعالى غفور رحيم، يفتح باب التوبة والاعتذار في كل وقت، ومن الممكن أن تعبر عن ندمك واعتذارك لله تعالى، وتطلب من الله أن يغفر لك، وأن يتقبل من والدك أي خدمة كنت تقدمها له وهو راضٍ عنك، قال تعالى: {فَمَن تَابَ مِنۢ بَعۡدِ ظُلۡمِهِۦ وَأَصۡلَحَ فَإِنَّ ٱللَّهَ یَتُوبُ عَلَیۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ} [المائدة ٣٩].

ثانيًا: الوساوس التي تعيشها الآن هي نتيجة للحزن الشديد والندم، وهي شائعة في مثل هذه الحالات، من المهم أن تدرك أن تلك الوساوس ليست حقيقة مطلقة، بل هي رد فعل طبيعي لحالتك النفسية الحالية.

ثالثًا: من الجيد أن تحاول توجيه تلك المشاعر إلى أعمال خيرية تقوم بها باسم والدك، مثل: التصدق، الدعاء له، أو القيام بأعمال صالحة تهدي ثوابها له، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سأله سائل فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبويّ شيء أبرهما به بعد موتهما؟ فقال -عليه الصلاة والسلام-: "الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما"، هذا كله من بر الوالدين بعد وفاتهما.

أخيرًا: تذكر أن الله يعلم ما في القلوب، وهو أرحم من الوالد بولده، إذا كنت تشعر بالندم وترغب في تصحيح الأمور حتى بعد وفاته، فإن ذلك يدل على حبك له ورغبتك في الخير له، وهذا أمر محمود.

حاول أن تتحدث مع شخص تثق به من الأهل أو الأصدقاء، أو حتى مع معالج نفسي إذا شعرت أن الأمور تزداد سوءًا، وأهم شيء أن تتذكر أن الله رحيم، ويريد لك الخير، لا سيما أنك تبحث الآن عن كيفية بر أبيك بعد موته.

رحم الله والدك، ويسر الله أمرك، وسهل لك طريقاً إلى بره.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً