الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما احتاجتني صديقتي تجدني، ولا أجدها حين أحتاجها!

السؤال

السلام عليكم

أتقدم أولاً بالشكر والثناء لكل القائمين على هذا الموقع، وأن يحتسبه الله في ميزان حسناتكم.

أكتب إليكم هذه الرسالة لأطلب نصيحتكم في أمر يقلقني بشدة، لدي صديقة مقربة جداً، علاقتنا ببعضنا قوية، وقد اعتبرتُها كأختٍ لي. المشكلة تكمن في أن هذه الصداقة بدأت تتحول إلى عبءٍ كبير عليّ.

دائمًا ما تطلب مني مساعدات كبيرة في دراستها، وأنا لا أتردد في مساعدتها بكل ما أستطيع، مهما كان الأمر صعباً، أضحي بوقت فراغي، وراحة بالي من أجلها، لكن المشكلة تكمن في أنها لا تفعل الشيء نفسه، عندما أطلب منها مساعدة، وتكون بسيطة جدًا ليس مثل الذي تطلبه هي، تتعلل بأعذار واهية، وتتجاهل طلبي، للعلم أنني كنت دائمًا أحسن الظن بها.

اكتشفت مؤخرًا بأنها تكذب عليّ في كثير من الأمور، وأنا متأكدة من ذلك تمامًا، وأنه كان بإمكانها مساعدتي، ولكنها ترفض، هذا الاكتشاف جعلني أشعر بالخيانة والحزن.

أصبحت أشعر بالاستغلال، وأنني أتحمل عبئًا لا أستحقه؛ لأنني حتى بعدما اكتشفت ذلك مازلت أقدم لها المساعدة، وأقسم بالله أنها تكون أشياء صعبة التنفيذ.

وللعلم أيضا هذه الفتاة من النوع الذي لديه وسواس بفكرة أن الجميع يريد أن يحسدها، وهي لا تحب الخير لغيرها، بحيث أنها ترفض مساعدتي لكي لا أحصل على نتائج أعلى منها، لكنها لا تفهم أن هذا رزق من عند الله، لا يمكن لشخص أن يأخذه منه، ولكن لن أقول غير: (اللهم اهدها لما تحب).

سؤالي هو: هل من الخطأ أن أرفض مساعدتها في المرة القادمة؟ لأنني حقاً سئمت منها وفاض بي الكيل لأبعد الحدود.

أرجو أن تساعدوني في فهم هذا الموقف المعقد وتقديم النصيحة المناسبة.

مع خالص الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيكِ على ثقتكِ ومشاركتكِ لهذا الأمر الحساس، من الواضح أنكِ إنسانة طيبة القلب، وتسعين لمساعدة الآخرين بما تستطيعين، ولكن من المهم أن تحافظي على توازن صحي بين تقديم الدعم للآخرين، ورعاية نفسكِ واحتياجاتكِ.

أولاً: دعينا نناقش بعض النقاط المهمة في هذا الموقف:
1. من الطبيعي أن تتوقعي أن تكون العلاقات متبادلة في الدعم والتعاون، عندما تشعرين بأنكِ تقدمين الكثير ولا تحصلين على شيء بالمقابل، فإن هذا يعكس عدم توازن في العلاقة.

2. من المؤلم أن تشعري بأنكِ مستغلة، خاصة عندما تكتشفين أن الشخص الذي كنتِ تثقين فيه لا يقدركِ بالطريقة التي تستحقينها، يبدو أن صديقتكِ تعتمد على مساعدتكِ بشكل غير عادل، وربما تتجنب مساعدتكِ لأسباب غير مبررة.

3. يبدو أنكِ قدمتِ مساعدتكِ بنية طيبة، ولكن حينما يتجاوز الأمر حدود الاستفادة المتبادلة ليصبح استغلالًا؛ فمن حقكِ أن تعيدي النظر في تلك العلاقة.

4. ديننا يدعو إلى مساعدة الآخرين والإحسان إليهم، ولكن مع ذلك هناك توازن مطلوب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا ضرر ولا ضرار)، بمعنى أنكِ لستِ ملزمةً بتقديم المساعدة إذا كان ذلك يضر بكِ، أو إذا كنتِ تُستغلين، من المهم أن تكون نيتكِ صافية، ولكن في نفس الوقت تحافظين على حقوقكِ.

إليك بعض الإرشادات:
1. ضعي حدوداً واضحة معها، ليس من الخطأ أن ترفضي مساعدتها إذا شعرتِ بأنكِ تُستغلين، من المهم أن تضعي حدوداً واضحة في علاقاتكِ، حتى تحمي نفسكِ من الأذى العاطفي والنفسي.

2. قد يكون من المفيد أن تتحدثي مع صديقتكِ بصراحة وتخبريها بمشاعركِ، اشرحي لها كيف تشعرين وأنكِ تحتاجين إلى علاقة متوازنة وأكثر إنصافاً.

3. إذا استمرت الأمور على ما هي عليه دون تغيير، فقد يكون من المناسب التفكير في تقليل التواصل، ويمكن جعله في الحد الأدنى.

4. تذكري أن الله هو الرازق والمحيي، وما من رزق يأتي من البشر، قومي بالدعاء لها بالهداية، ولكِ بالتوفيق والراحة النفسية، ولا تنسي أن تبقي نيتكِ صافية.

أخيراً: مع كل ما ذكرناه فلا تنسي أن اليد العليا خير من اليد السفلى، وأنك حين تساعدينها تكونين في موقف الفضل، وإن من مكارم الأخلاق أن تعطي من حرمك، وتصلي من قطعك، وتعفي عمن ظلمك.

نسأل الله أن يهديها، وأن يوفقكِ لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً