الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقضي وقتي مع عدم اهتمام زوجي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوجة منذ 4 سنوات، ولدي طفل واحد -والحمد لله-، زوجي يمتلك صفات جيدة، ولكن أنا من يصرف على البيت، أو بالأحرى زوجي يأخذ راتبي كله، ويعطيني مبلغًا يكاد لا يكفيني أنا وطفلي، وأنا أقوم بكل أعمال المنزل من طبخ وتنظيف، وأشعر بالإرهاق النفسي، لأن زوجي يقضي وقته كله مع الهاتف.

علمًا أني طلبت منه الجلوس والتحدث معي، ولو لساعة واحدة، فأنا أشعر بالوحدة الشديدة، وأتجنب مجالس النساء التي فيها غيبة، لذا فليس لدي صديقات كثر، وزوجي يمنعني من زيارتهن أيضًا، وليس لدي أخوات، وأمي وأبي لديهما مشاكل نفسية عديدة: خيانات والدي المستمرة،، وشكوى والدتي من أبي منذ طفولتي، وهذا ولّد لدي مشاعر متناقضة، حول والدي والرجال بصورة عامة، وأحيانًا أشعر بأني لم أحظ بالحب.

أنا أعاني من مشاكل نفسية، مثل: ضعف الشخصية، وحاولت إصلاح ذلك، وأيضًا أتوتر من أبسط الأمور، ولدي مشاكل حول رغبتي بأن أكون الأفضل من الجميع، ولا أحب أن يكون هنالك شخص أفضل مني؛ لأن والدتي تقارن بيني وبين الناس منذ صغري.

وأخيرًا سأوضح بعض صفات زوجي: عند غضبه لا يتشاجر، بل يتجاهلني لفترة قد تطول لأسبوع أو أكثر، يحترمني ولكنه لا يقدر جهودي، كما أنه كريم في البيت، وتعامله جيد مع طفله، ولديه بعض الصفات الجيدة كذلك.

أشعر بأني محتاجة إلى العاطفة، وزوجي لا يقدمها لي مهما حاولت، فهل شعوري طبيعي؟ قررت أن أستمد عاطفتي من أشياء أخرى بالحلال، أشياء صحية، مثل: تربية الحيوانات، أو قراءة الكتب، وحفظ القرآن، هل يمكن أن يكون ذلك مفيدًا؟ وماذا أفعل مع زوجي؟ هل أكمل معه أو أطلب الطلاق؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم ليث حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، وشكرًا لك على الثناء على زوجك بما فيه من إيجابيات، وهذا إنصاف تشكرين عليه.

ونحب أن نخبرك أنك لن تجدي رجلًا بلا نقائص، كما أن الرجل لن يجد امرأة بلا عيوب، فنحن بشر والنقص يطاردنا، وطوبى لمن تنغمر سيئاته القليلة في بحور حسناته الكثيرة، نسأل الله أن يعينك على إكمال المشوار، وأن يعينك على استئناف حياة جميلة وعامرة، وتلاوة كتاب الله وحفظه.

ولا مانع من الانشغال مع هذا الطفل، ونفضل هذا ونقدمه على تربية أي حيوان، فإن الطفل يحتاج إلى الكثير من العناية والاهتمام، وكلما زاد اهتمام الأم بطفلها، وأشبعته من حنانها واهتمامها، وطورت ما عنده من مهارات، بأن تتكلم معه، بأن تلاعبه، فإنها تخرج للدنيا طفلًا مستقراً نفسيًا، وعنده مهارات عالية، وعنده سرعة في التعلم، هذا كله له علاقة بالحنان الذي يناله الطفل من أمه.

فأشغلي نفسك بهذا الطفل، ثم حاولي أن تقتربي من زوجك حتى لو ابتعد، وتحسني إليه، وتحاولي أن تدفعيه أيضًا إلى أن يقترب منك، ويقوم بواجباته تجاهك كزوجة، وأيضًا حاولي ربطه بطفله، فإن هذا من الأمور المهمة، وقد أشرت إلى أنه يحب هذا الطفل ويهتم به، وأنه يحترمك، ولكنه لا يقدر الجهود.

ولكي يقدر الجهد والعمل الذي تقومين به، لا بد من إشراكه في بعض الأحيان ببعض المهام، ودائمًا هذا من الذكاء الذي ينبغي، أو من الطرائق التي ينبغي أن تهتم بها كل امرأة؛ بأن تشرك زوجها، حتى لما تذهب لأي مهام تجعله يتولى مهمة الطفل، أو تتولى هي مهمة الطفل، ويساعدها في بعض الأشياء، لأن هذا ينقله إلى الشعور بالمجهود الذي تبذله الزوجة، وتقوم به، واجتهدي دائمًا في تحريض وتشجيع الزوج على أن يقوم بعمل، من أجل أن يوفر لك وللطفل حياة كريمة.

فنحن لا نريد أيضًا أن يعتمد على الأموال التي عندك، بل ينبغي أن يكون له دور في كسب الأموال، وفي جلب الأشياء التي تحتاجها الأسرة، ونحب أن نؤكد لك أن هذا الأمر قد يحتاج إلى بعض الوقت.

وأما ما تركته عليك التربية الأسرية والتنشئة من آثار سلبية؛ فنتمنى طي هذه الصفحات، وعدم الوقوف عندها طويلًا، استأنفي حياتك بأمل جديد، وبثقة في ربنا المجيد، وطوري مهاراتك بالتواصل مع الصديقات، أو التدرب على مهارات، والاهتمام بالهوايات التي تحبينها، والأمور التي تستطيعين أن تنجزي فيها، وإذا كنت -ولله الحمد- على صلة بكتاب الله تبارك وتعالى، وتعلم ما يفيد؛ فإن هذا يفتح لك أبواباً عظيمة جدًا.

أما الحب الذي فقدته بالصغر -كما أشرت- أن العلاقة لم تكن صحية؛ فلا تحرمي منه الطفل الذي عندك، واقتربي من زوجك، وابذلي له ما يحتاجه من العواطف والاهتمام، وحاولي أن تستفيدي من الجوانب الإيجابية عنده، بذكرها والثناء عليها، وتشجيعه عليها، ثم بعد ذلك اطلبي منه المزيد، فالإنسان إذا مدحنا ما فيه من إيجابيات، ثم طلبنا منه أن يتحسن، فإن هذا هو أقصر طريق، من أجل أن يتغير ويتحسن، نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد.

ونكرر الترحيب بك، ونرجو أن تتواصلي مع الموقع، وطبعًا نحن لا نؤيد أبدًا فكرة استعجال الطلاق؛ لأن هذا الوضع الذي ذكرته فيه إيجابيات كبيرة، هناك إمكانيات كبيرة للتحسن والتقدم في الاتجاه الصحيح.

نسأل الله لنا ولكما التوفيق والسلامة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً