السؤال
السلام عليكم.
كنت أنتمي إلى مجموعة من الشباب، وارتكبنا الكثير من الأخطاء باسم الدين؛ لأننا اعتقدنا أننا على صواب، ولكن بعد وقت طويل اكتشفنا أخطاءنا، فماذا نفعل؟
السلام عليكم.
كنت أنتمي إلى مجموعة من الشباب، وارتكبنا الكثير من الأخطاء باسم الدين؛ لأننا اعتقدنا أننا على صواب، ولكن بعد وقت طويل اكتشفنا أخطاءنا، فماذا نفعل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ قيس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من الدعاة إليه على بصيرة، وأن يغفر لك ولإخوانك الذين كانوا معك ما وقعتم فيه باسم الدين وأن يتجاوز عن سيئاتكم وأن يبدل سيئاتكم حسنات، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك – أخي قيس – فنظراً لأنكم بعيدون عن بلاد الإسلام الأصلية، وهذا الجو الذي تعيشون فيه خاصة أنكم تعيشون وسط الكفر المظلم والمعاصي التي لا حد لها ولا نهاية، قد تدفع هذه البيئة الإنسان إلى أن يتمسك بالدين وأن يبحث عنه، ولكنه قد لا يوفق للوصول إليه؛ وذلك نظراً لقلة المرشدين أو العلماء الربانيين الذين يأخذون بأيديكم، وما وقعتم فيه قد يقع فيه غيركم من الشباب حيث إنهم يريدون الحق فيخطئونه، وذلك – كما ذكرت – بأسبال:
أولاً: قلة العلم الشرعي.
ثانياً: عدم وجود العلماء والدعاة الذين يأخذون بأيديكم.
ثالثاً: وجود هذه البيئة الكافرة التي تؤدي إلى نوع من إظهار التحدي الداخلي وإثبات الذات وإثبات الوجود، ولذلك تحملكم هذه الظروف على الغلو في الدين وإضافة أشياء للدين ليست منه، بل أحياناً قد تقضي على السماحة في الدين وعلى العفو، ولا يظهر الإسلام إلا بشدة العنف والقوة ظناً منكم أن هذا هو الصواب.
ولكن أحمد الله تعالى أن أكرمكم بمعرفة أنكم لم تكونوا على صواب وأنكم كنتم مخطئين في تصرفاتكم وتصوراتكم، واكتشفتم – ولله الحمد – أخطاءكم وهذه من رحمة الله بكم؛ لأن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبداً ورضي عنه أكرمه وبصره بعيوبه حتى يتوب منها، وهذه من فضل الله تبارك وتعالى علينا وعليكم، ولذلك أقول لسؤالك: (ماذا نفعل؟):
إن الأخطاء التي وقعتم فيها تنقسم إلى قسمين: أخطاء في حق الله تعالى، وأخطاء في حق عباد الله، أما ما كان في حق الله تعالى فالتوبة إلى الله تبارك وتعالى تمحوه، تتوبون إلى الله وتستغفرونه وتعقدون العزم على ألا تعودوا إلى هذه المعاصي أبداً وأن تندموا على فعلها.
ثانياً فيما يتعلق بحقوق العباد، إذا كنتم قد وقعتم في أي حق من حقوق العباد وتعرفون الأشخاص الذين وقعتم فيهم فينبغي عليكم أن تستسمحوهم؛ لأن حقوق العباد لا تسقط مطلقاً، التوبة تمحو المؤاخذة ولكنها لا تسقط الحقوق، فحق العباد يظل قائماً حتى مع التوبة، ويوم القيامة من حقهم أن يطالبوا به بين يدي الله تبارك وتعالى، ولذلك انظروا في الحقوق التي ضاعت والأخطاء التي وقعت، وفصلوها – كما ذكرتُ – : ما كان لله تبارك وتعالى فالعفو والتوبة من الله تبارك وتعالى مأمون، وما كان في حق أحد من عباد الله كغيبة بعض إخوانكم أو نميمة أو احتقاره أو السخرية منه أو الاستهزاء به، فينبغي عليكم أن تستسمحوه إن استطعتم، فإن كان في الأمر صعوبة فاستغفروا له واسألوا الله تبارك وتعالى أن يغفر لكم ما أخطأتم في حقه وأن يعفو عنكم يوم القيامة؛ لأن حقه لا يسقط بحال أبداً، ولكن الله تبارك وتعالى قد يعوضه خيراً نتيجة توبتكم إليه تبارك وتعالى.
وكم أتمنى أن تبحثوا عن عالِم صالح أو داعية مسلم صادق لتكونوا معه وألا تفهموا الإسلام من وجهة نظركم فقط وإنما افهموا الدين بفهم سلف هذه الأمة الأخيار، اقرؤوا دائماً الكتب المشروحة لأهل العلم المعتبرة، احرصوا على حضور حلقات التعليم التي توجد في بلادكم إن وجدت، اسألوا دائماً أهل الذكر، ادخلوا دائماً على هذه المواقع الطيبة وأرسلوا أسئلتكم وإن شاء الله ستجدون الجواب عليها.
أتمنى لكم التوفيق والسداد، وأسأل الله أن يجعلكم من الدعاة إليه على بصيرة، وأن يجعلكم سبباً في انتشال المسلمين من الغفلة وسبباً في انتشال الكفار من الكفر والضلال، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وأوصيكم بأن تتوقفوا - في آخر كلامي – عن هذه المسيرة التي أنتم فيها ولا تفهموا الدين من أفكاركم أنتم، وإنما لابد أن تأخذوه عن أهل العلم حتى لا تقعوا في الأخطاء مرة أخرى.
هذا وصلِّ اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك ورسولك محمد، والله ولي التوفيق.