الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف من المواجهة مع الارتباك الشديد وفقد التركيز

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أرجوكم ساعدوني وجزاكم الله ألف خير.

أنا شخص أعاني من الرهاب الاجتماعي منذ أكثر من 15 سنة، وأنا الآن عمري 24 سنة، وحالاتي كالآتي:
خوف شديد في مواجهة المواقف مع ارتباك شديد جداً وفقدان التركيز بصورة غير متوقعة عند مواجهة الموقف واحمرار الوجهة بصورة مذهلة.

السؤال: أرجوكم ما هو الدواء الذي يقضي على هذه الحالة بتاتاً؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:

فجزاك الله خيراً وبارك الله فيك.

فإن الخوف في مرحلة الطفولة لا نعتبره رهاباً اجتماعياً إنما نعتبره هو جزء من القلق والمخاوف المصاحبة للطفولة، والتي من المفترض أن تختفي بعد أن يتخطى الإنسان مرحلة اليفاعة والبلوغ.

حالتك وصفتها بأنها خوف شديد في مواجهة المواقف مع ارتباك شديد جدّاً.
هذه حقيقة لا نستطيع أيضاً أن نسيمها خوفاً اجتماعياً أساسياً، ربما يكون فيه جزئية نستطيع أن نفسرها على حسب المساقات التشخيصية لمرض الخوف الاجتماعي، ولكن أعتقد أن علتك الأساسية هي ما يعرف بقلق الأداء أو قلق الموقف، فبعض الناس يأتيهم نوع من القلق والارتباك والخوف حين القيام بأعمال معينة أو في مواقف معينة، ويبدأ القلق معهم كالقلق العادي، وهذا نوع من القلق المطلوب لأنه يحسن أداء الإنسان ويعطيه الدافعية، فعلى سبيل المثال: في بداية الامتحانات لابد للإنسان أن يقلق، وهذا القلق نحن نراه قلقاً إيجابياً لأنه يرفع من مستوى اليقظة والتركيز والدافعية لدى الإنسان، ولكن إذا اشتد هذا القلق لدرجة أصبح فيها ارتعاش واضطراب وتسارع في ضربات القلب، هنا يتحول القلق إلى قلق أداء وهو يعتبر حالة غير طبيعية أو ذات عائد نفسي سلبي على الإنسان.

أتصور أن هذا هو الذي يحدث لك، وليس القلق الاجتماعي بمعناه التشخيصي المعروف.

أعتقد أن تفهم الحالة ضروري جدّاً بالنسبة لك، وبالنسبة لاحمرار الوجه هو ناتج من زيادة تدفق الدم في الوجه، وهذا من خلال عملية فسيولوجية بسيطة جدّاً مرتبطة بالقلق، وهو لا يدل على أي خلل في الدورة الدموية لديك، فأرجو أن تطمئن لهذا كثيراً.

قبل أن أصف لك الدواء أريدك أن تتفهم حالتك كما شرحت لك، وهذا ضروري كعلاج سلوكي، وبعد ذلك أنصحك بتطبيق المبدأ السلوكي العام وهو مبدأ التعريض مع تجنب الاستجابة، أي أن تعرض نفسك لمواقف الخوف ولمواقف القلق، ولا تتجنبها ولا تهرب منها، وتمنع أي استجابة سلبية، والاستجابة السلبية هي الهروب من الموقف، وبتكرار هذا التعرض أو التعريض سوف تجد - إن شاء الله تعالى – أن مستوى القلق والارتباك بدأ في التخفيض وتجد أنه قد حدث لك توائم مع الموقف الذي كنت تحس فيه بالخوف.

أرجو أيضاً ألا تراقب نفسك مراقبة شديدة في هذه المواقف، حيث إن الإنسان الذي يراقب أداءه بيقظة عالية وتدقق وترقب تزداد لديه الظاهرة الفسيولوجية التي تتمثل في التعرق والاحمرار في الوجه وربما شعوره بالتلعثم وتسارع في ضربات القلب وضعف في التركيز.

إذن حاول أن تتجاهل الرقابة الذاتية الداخلية على أدائك وكن عفوياً بعض الشيء، وتذكر أن الآخرين يقومون بمثل هذه المهام التي تقوم بها، أو يقومون بمهام أصعب منها، دون أن يحدث لهم ما يحدث لك.

أرجو أيضاً أن تمارس الرياضة، فالرياضة جيدة جدّاً لامتصاص هذه الطاقات النفسية السلبية، وكذلك أداء ما يعرف بتمارين الاسترخاء يساعد كثيراً في القضاء على هذا الخوف والرهاب المرتبط بمواقف معينة.

توجد كتيبات وأشرطة موجودة في المكتبات توضح كيفية القيام بهذه التمارين، فأرجو أن تتحصل على أحد هذه الوسائط وتقوم بتطبيق وتنفيذ تمارين الاسترخاء كما هو مطلوب.

حاول أن تتواصل اجتماعياً مع زملائك، وممارسة الرياضة لو كانت جماعية سوف يكون علاجاً نفسياً أفضل بالنسبة لك.

وحاول أن تحضر أيضاً اللقاءات والمحاضرات والدروس وحلقات التلاوة، هذه كلها تجعل الإنسان يندمج اجتماعياً ويكون أكثر ثقة بنفسه وفي مقدراته في أوقات المواجهة والمواقف.

بالنسبة للعلاج الدوائي فإنه توجد أدوية كثيرة جدّاً كلها - بفضل الله تعالى – أدوية ممتازة، هنالك عقار يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil)، وعقار ثانٍ يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، وعقار ثالث يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، وعقار رابع يعرف تجارياً باسم (ايوراكس Aurorix) ويعرف علمياً باسم (ماكلوبمايد Moclobemide)، وعقار خامس يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو يسمى باسم (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline).

أرى أن عقار الزيروكسات سيكون مناسباً بالنسبة لك، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرام (نصف حبة) ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، واستمر عليها لمدة تسعة أشهر، بعد ذلك خفض الجرعة إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة كل يومين لمدة شهر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.

قصدنا بهذا الترتيب والتنظيم لتناول الدواء أن نبدأ بالجرعة البداية وهي دائماً جرعة صغيرة، ثم بعد ذلك تأتي الجرعة العلاجية، ثم جرعة الوقاية وسحب الدواء.

الزيروكسات يمكن أن يتم تناوله حتى أربعة حبات في اليوم، ولكن جرعتك التي تحتاج لها هي حبة واحدة في اليوم لأني أعتقد أن حالك بسيطة، وإذا قمت بتطبيق الإرشاد السابق من تمارين سلوكية ومعرفية واسترخائية بجانب تناول الدواء - إن شاء الله تعالى – سوف تكون النتائج رائعة جدّاً وسوف تتخلص من الحالة التي تعاني منها - بإذن الله تعالى - .

جزاك الله خيراً وبارك الله فيك، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً