الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاكتئاب الحاد وضعف الإيمان... كيف الخلاص منه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


أشكركم على هذا الموقع الرائع.

لدي مشكلة مذ أن أنهيت دراستي الثانوية ولم أحصل على المجموع الذي تمنيت، والمشكلة هي الاكتئاب الحاد وضعف الإيمان، أصبحت أشعر بأني بلا دين، وبأني أصلي ولا أعلم لماذا أصلي، ولا لماذا أصوم!

أصبحت أشعر بأني حقا بلا دين، تائهة، على الرغم بأني ملتزمة بصلاتي، ولا أذكر بأني ضيعت أو فرطت في أي صلاة من صلواتي منذ البلوغ والحمد لله، ولكن ليس لدي شعور بأن هناك قضاء وقدرا وجنة ونارا.

أفعل ما أريد وإذا لم أفعل فهو بدافع الخوف من الأهل والمجتمع، بل أصبحت أقوم بأمور دون وضع اعتبار لأهلي، الأهم عندي هو قضاء وقت ممتع.

أشعر بأني أقوم بأمور وأفكر بأمور ولا أدري لماذا، أشعر بأن العالم لا يوجد به أحد فقط أنا وأهلي. أصبحت أشعر بالوحدة ولا أريد إقامة أي علاقة جديدة مع من هم حولي.

أشعر بأني أصبحت أنتظر الموت فقط لا أريد أن أبدأ أي شيء، أخاف من الفشل، وأصبحت أشك بالقرآن والسنة! وكل ما هو خاص بالدين، وأشك بوجود الله، وهذا المرض جعلني أترك الدراسة الجامعية، على الرغم من تفوقي فيها، وبقيت أنتظر الزوج حتى حصلت على نصف رجل، والآن لا أستطيع التكيف مع شخصيته، وأتمنى الطلاق، على رغم معارضة أهلي للطلاق.

والله أصبحت قريبة من الجنون، وفركت بالانتحار أكثر من مرة!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وحيدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

من الناحية النفسية حقيقة الذي أود أن أوضحه أن نوعية الأفكار هذه حول العقيدة غالبًا ما تكون قد بدأت بأفكار وسواسية، والفكر الوسواسي قد يجر صاحبه إلى الكثير من الشكوك والآراء الفلسفية، خاصة فيما يتعلق بالعقيدة.

وموضوع الاكتئاب الذي وصفته أنه قد حدث لك بعد الانتهاء من الدراسة الثانوية ولم تتحصلي على المجموع المطلوب.

ربما تكون هنالك علاقة ما بين الوسواس وهذه النوبة الاكتئابية، وإن كنت أحب أن أصفها بأنها ربما تكون نوعًا من عدم القدرة على التواؤم أو التوافق مع ما حدث، وربما تكون شخصيتك أصلاً لديها القابلية لهذا النوع من الوساوس، وكذلك عسر المزاج واضطرابه.

الذي أنصحك به هو وبما أنك في دولة قطر هنالك خدمة نفسية متميزة جدًّا، فإذا تواصلت مع أحد الأطباء أو الطبيبات في قسم الطب النفسي هذا سوف يكون أمرًا جيدًا، وقسم الطب النفسي موجود بالقرب من دوار الجيدة.

إذا كان هذا ليس ممكنًا فأنت محتاجة لعلاج دوائي مضاد للوساوس، هذا العلاج يحتاج أن يتم تناوله بكل التزام وكل انضباط، الدواء يعرف تجاريًا باسم (فافرين) ويعرف علميًا باسم (فلوفكسمين) والجرعة المطلوبة هي خمسون مليجرامًا، تبدئين في تناولها ليلاً، وبعد أسبوعين ترفع إلى مائة مليجرام ليلاً، استمري عليها لمدة شهر، بعد ذلك ترفع إلى مائتي مليجرام في اليوم.

يمكن تناولها كجرعة مائة مليجرام صباحًا ومساءً، هذه الجرعة استمري عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك تخفض إلى مائة مليجرام يوميًا، استمري عليها لمدة ستة أشهر أخرى، ثم خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم يمكنك أن تتوقفي عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية الممتازة والفعالة جدًّا، والمفيدة جدًّا، لكن كما ذكرت لك أن الأفضل والأحوط هو أن تكون هنالك متابعة طبية نفسية، وهي الحمد لله تعالى متوفرة في دولة قطر وعلى مستوى جيد جدًّا.

هنالك طرق سلوكية كثيرة يجب أن تتبعيها، وهي أولاً: أن تحقري هذه الأفكار ولا تناقشيها.

الفكر الوسواسي أيًّا كان نوعه إذا حاول صاحبه أن يناقشه أو يسترسل فيه ويحلله ويخضعه للمنطق هذا كثيرًا ما يثبت الوساوس، بل يؤدي إلى تفاصيل مزعجة جدًّا مثل التي حدث لك.

اعتبري أن هذا فكر وسواسي يجب أن يُحقر يجب أن لا يُقبل، وحاولي أن تربطيه بما نسميه بالمنفرات، وهذه المنفرات تتكون من الآتي:
يمكنك أن تستحضري الفكرة الوسواسية وبعد ذلك فكري فجأة في حدث بشع وفظيع وغير جميل، كحادث احتراق طائرة مثلاً أو شيء من هذا القبيل، واربطي ما بين الاثنين، الفكر الوسواسي والحدث المنفر، كرري هذا التمرين عدة مرات.

تمرين آخر هو أن تخاطبي هذه الفكرة الوسوسية وتقولي لها: (أنت حقيرة، أنت وساوس، أنت حقيرة أنت وساوس، لن أستجيب لك) وهكذا. كرري هذا النوع من التمرين عدة مرات.

تمرين آخر وهو: أن تستحضري الفكرة أو إذا كانت تأتيك الفكرة قولي: (أقف، أقف، أقف) كرري ذلك حتى تحسين بالإجهاد.

تمرين آخر وهو: أن تفكري في الفكرة الوسواسية، وفي نفس الوقت قومي بالضرب على يدك بقوة وشدة شديدة حتى تحسين بالألم، والهدف من ذلك هو أن تحسي بالألم الشديد وربطه بالفكر الوسواسي، وهذا يضعف الفكرة الوسواسية.

هذا التمرين يتطلب تكراره عشر مرات متتالية، بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، ولابد أن يؤخذ بجدية كاملة وتركيز، ولابد أن توقعي الألم على نفسك بصورة واضحة، ويتم رفضه بالتفكير الوسواسي.

كإرشادات عامة: تمارين الاسترخاء أيضًا طيبة وجيدة، وتقلل من هذه الأفكار لأنها مرتبطة أصلاً بالقلق، هذا التمرين حين تذهبين إلى العيادة النفسية سوف تقوم أحد المختصات بتدريبك عليه، وإن لم يكن ذلك ممكنًا فأرجو أن تتصفحي أحد مواقع الإنترنت التي توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، وتذهبي إلى مكتبة جرير هنالك شريط جيد للدكتور (نجيب الرفاعي) يوضح كيفية ممارسة هذه التمارين.

لابد أن يكون فكرك إيجابيا خاصة فيما يخص الزواج، وأن تحقري فكرة الطلاق، وأن تسألي الله تعالى الزوج الصالح.

إدارة الوقت بصورة جيدة، وعدم ترك أي مجال للفراغ يعتبر من الأساسيات الضرورية جدًّا لمحاصرة الفكر الوسواسي.

عليك أيضًا أن تشغلي نفسك بالذهاب إلى مراكز التحفيظ، ومقابلة الداعيات، هذا إن شاء الله فيه خير كثير لك.

ولمزيد الفائدة يراجع التالي: علاج الشك في الدين (235054848 -2291- 2116388).

علاج وساوس العقيدة سلوكيا (244914 - 263422 - 259593 - 260447 - 265121).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً