الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صور من أعمال البر بالوالدة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

توفي والدي رحمة الله عليه وهو راض عني وعن إخوتي والحمد لله، وبقيت لي أمي التي أسعى أن أنال رضاها بإذنه تعالى، ولكني أجد صعوبة في التعبير وإيصال حبي لها، وبري بها.

فهل لكم أن تدلوني على سبل البر بالوالدة، وتنصحوني بالطرق العملية التي تورثني إرضاء أمي وإرضاء الله؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فإن هذه الروح تدل على ما في نفسك من الخير، ونسأل الله أن يزيدك حرصاً وأن يرزقك رضا والدتك، وكم أسعدني رضا والدك الذي نسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة، وهنيئاً لنا بفتيات يُفكرن بهذه الطريقة ويحرصن على البر والإحسان، ومرحباً بك في موقعك مع الآباء والإخوان.

ولا يخفى عليك أن بر الأمهات طاعة لرب الأرض والسماوات، وكل طاعة عمادها النية الصالحة واحتساب الأجر من الله، كما أن المسلمة تقدم طاعة الله وتجتهد في تلمس رضا والدتها؛ شريطة أن يكون ذلك بالأشياء التي يرضاها الله، أما إذا طلبت الوالدة شيئاً لا يرضاه الله فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله، ولكن الإنسان يحسن معاملة والديه حتى ولو أمراه بالمعصية، ولكنه لا يطيعهما في تلك المخالفة؛ لأن الله سبحانه يقول: ((وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ))[لقمان:15].

كما أن البر يكون بالعطف على الوالدة والحنان عليها، وتقديم راحتها على راحة النفس، وأرجو أن يكون الطعام الجيد لها والفراش الوفير فراشها، والكلمة كلمتها، والوالدة يرضيها اليسير، فلا تبخلوا عليها به.

ومن برها الهدوء عند نومها والابتسامة عند طعامها، وتقديمها في الجلوس والمرور، وتظليلها من الشمس وحمايتها من البرد، وتقبيل رأسها ويديها، والمسارعة إلى كل ما يرضيها.

ومن البر لها كذلك الدعاء لها والاعتراف بفضلها والصبر عليها، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بها، وإكرام من تحب من الناس، وقد لقي أبو هريرة شاباً يمشي مع رجل فقال له: من هذا الذي معك؟ فقال: أبي. فقال أبو هريرة: فلا تمشِ أمامه ولا تجلس قبله ولا تدعه باسمه ولا تستب له، وذلك لأن من الكبائر أن يسب الرجل والديه، وذلك بأن يسب أبا الرجل فيسب الرجل أباه وأمه.

وأرجو أن تنتقي الكلمات التي تخاطبي بها الوالدة وتتجنبي التضجر والغضب مهما حصل؛ لأن الله سبحانه نهى عن قول (أف) فكيف بما هو فوقها؟ وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (ما بر أباه من أَحَدَّ إليه النظر عند الغضب).

وهذه وصيتي لك بتقوى الله وبضرورة الحرص على إرضاء هذه الوالدة، فاسألي الله التوفيق والسداد، واعلمي أننا سعداء برغبتك في الخير، وها نحن نرفع أكفنا لله ونسأله أن يوفقك ويكثر في شبابنا من أمثالك، ونبشرك بأن الله سبحانه سوف يرزقك الأبناء البررة، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً