السؤال
أنا شاب من المغرب، اشتريت بقعة أرض السنة الماضية بعد أن وقع عليّ تزييف وغبن من السمسار؛ فقد تبين لي بعد الشراء أن الأرض مخصصة لتصميم تهيئة مرور الطريق العمومي داخلها، ونهايتها هي 9 يونيو 2009، وعندها سترد الطريق إلى أصحابها؛ لأن عمر التصميم هو 10 سنوات، كما أن الطريق لم تبن؛ إذ بقيت مجرد مشروع، ورغم ذلك قمت ببيعها لشخص آخر، وخسرت فيها؛ لأني عقدت قِراني السنة الماضية، وهذا هو الدافع الذي دفعني إلى بيعها، ولا زلت نادمًا على بيعي شيئًا أنا أعرف أن فيه غشًاّ، رغم أن المحافظة العقارية أخبرتني أنه ليس هناك طريق، إلا أن الوكالة الحضرية أكّدت لي ذلك الشيء، وأخيرًا عند التقائي بالسمسار أكّد لي أن الأرض التي بعتها، لم يبق فيها الطريق، وأراني المشروع الجديد؛ لكني لم أصدّقه، وخفت أن يكون وراء ذلك الشيء مكيدة أخرى، مع العلم أنه ما فتئ يحلف بالله، ويتحدث معي في أمور الدِّين، كأنه ملاك؛ لذلك صدقته.
سؤالي هو: هل أنا مذنب في ما فعلت؟ وهل لي من توبة؟ وإذا كان الأمر صحيحًا، بكون الأرض لم يعد فيها الطريق، فهل يرفع عني الإثم خاصة، وأن البقعة التي اشتريتها، لم أكتشفها هي الأخرى إلا مؤخرًا؛ كونها غير مجهزة، لا بالماء، ولا بالكهرباء؟ جزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على البائع أن يبين ما في السلعة من العيوب قبل بيعها.
ومن باع سلعة، وكتم عيبها، فقد أثم بفعله، والبيع صحيح، فعن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعًا فيه عيب، إلا بينه له. رواه أحمد، وابن ماجه وهذا لفظه، وحسنه الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الفقهاء إلى أنه يجب على البائع إذا علم شيئًا بالمبيع يكرهه المشتري، أن يبينه بيانًا مفصلًا، وأن يصفه وصفًا شافيًا زيادة على البيان، إن كان شأنه الخفاء؛ لأنه قد يغتفر في شيء دون شيء، يحرم عليه عدم البيان، ويكون آثمًا عاصيًا.. وإذا وقع البيع مع كتمان العيب، فالبيع صحيح، مع الإثم، والمعصية، عند جمهور الفقهاء. انتهى.
وجاء فيها أيضًا: ضابط العيب في المبيع عند الحنفية، والحنابلة: أنه ما أوجب نقصان الثمن في عادة التجارة؛ لأن التضرر بنقصان المالية. انتهى.
فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى.
وإذا كان العيب باقيًا، فعليك أن تخبر المشتري بهذا العيب، ويثبت للمشتري الخيار بين الفسخ والإمساك، قال ابن قدامة في المغني: أنه متى علم -أي: المشتري- بالمبيع عيبًا، لم يكن عالمًا به، فله الخيار بين الإمساك والفسخ، سواء كان البائع علم العيب وكتمه، أو لم يعلم، لا نعلم بين أهل العلم في هذا خلافًا. انتهى.
أما إذا زال العيب، فتكفيك التوبة -إن شاء الله تعالى-؛ لأنه يشترط لثبوت خيار العيب -كما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية-: أن يكون العيب باقيًا بعد التسليم، ومستمرًّا حتى الرد؛ لأن الرد إنما هو للعيب -فهو سببه-، والمعقود عليه أضحى سليمًا، فلا قيام للخيار مع سلامته. انتهى.
وللمزيد من الفائدة، يمكنك مراجعة الفتاوى: 19683، 26111، 72896، 116120.
والله أعلم.