الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشغل نفسك بصدق التوبة إلى الله ولا تلتفت للوساوس

السؤال

أعاني ـ عافاني وعافاكم الله تعالى ـ من أعراض الوسواس الذي بدأ في الأول يشغلني في الصلاة ـ والحمد لله ـ تمكنت من احتوائه إلى أن عصيت ربي ووقعت في الزنا ـ والعياذ بالله ـ فبدأت تراودني شكوك وأحاديث مع نفسي تؤرقني: محتواها أن لي طفلا من تلك العاهرة التي زنيت بها، مع العلم أنني استعملت العازل الطبي ورأيته بأم عيني مملوءا بالمني بعدما أزالته عن فرجها، لكنني لم أتمكن من القضاء على هذه الفكرة التي لم أعد أستطيع أن أمضي في حياتي وأنا أفكر فيها وأقول إن لي طفلا من صلبي ينمو في أحشاء عاهرة وسيولد ويكبر ولن أعرف عنه أي شيء وأنني سأحمل ذنبه إلى يوم الدين، وقد استعنت بالصلاة ومجاهدة النفس، لكن دون جدوى، والآن زاد هذا الوسواس، حيث أصبحت أشك كثيرا وألقي بالذنب على نفسي في أي فعل أقوم به فمثلا: اليوم أعطيت لصديق لي ـ يسكن وحده ـ سريرا لم تعد لي حاجة به، لكن ما انفككت أحاسب نفسي وأقول سيكون علي نصيب من الإثم إن زنا فيه؟ مع العلم أنني أعطيته له، لأنه كان في حاجة إليه وعلى أساس أن ينام فيه وحده.
فسامحوني أن أطلت عليكم، وأرجو منكم الجواب الشافي على معضلتي، لأنني ـ ولستة أشهر ـ أعاني هذه الوساوس القهرية التي أعلم أنها مجرد وساوس، لكنني لا أستطيع أن أقضي عليها وأخاف أن تكون من الوسواس الخناس، الذي أتعوذ بالله منه، ولكن سرعان ما تعود.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالزنا: جريمة شنيعة من كبائر الذنوب التي تجلب غضب الله، لكن مهما عظم ذنب العبد ثمّ تاب توبة صادقة، فإن الله يقبل توبته، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود له، مع الستر على النفس، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَيُّهَا النَّاسُ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطإ.

فالواجب عليك أن تشغل نفسك بتحقيق التوبة إلى الله ولا تلتفت إلى تلك الوساوس، واعلم أنّ التوبة النصوح تمحو أثر الذنب، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.

واعلم أنّ التمادي مع الوساوس عواقبه وخيمة، فعليك أن تجتهد في التخلّص من الوسوسة، ومن أعظم ما يعينك على ذلك: الاستعانة بالله وصدق اللجوء إليه وكثرة الدعاء، والإعراض عن هذه الوساوس وعدم الالتفات إليها وراجع في هذا الخصوص الفتويين رقم: 3086، ورقم: 51601.

ولتعلم أن هبة السرير للرجل المذكور لا حرج عليك فيها ولا إثم ولا أثر لكون الرجل يسكن وحده أو أنه قد يرتكب عليه إثما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني