الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من تلفظ بالطلاق بدافع الوسوسة

السؤال

لي صديق مريض بالوسواس القهري منذ 8 سنوات، ودائما يوسوس في طلاق زوجته لعدة شهور، وهو يتمنى الطلاق، لكن لا يريد أن يطلق، وفي آخر شيء امتنع عن الدواء لمدة أسبوعين، وبعدها وسوس له الشيطان أنه طلق زوجته ثلاث متفرقات، فجن جنونه، وخاف خوفا شديدا، فذهب وطرد زوجته عدة مرات بنية الطلاق بدافع الخوف، ولم يكن عنده مطلق الإرادة يعني مثل كل الناس، ولا عنده التفكير السليم يعني جاءت ألفاظه بناء على ذلك، وبعدها ظن أنه طلقت زوجته دون شك وهو ممكن أنه فرح لذلك بعد ما حصل لاعتقاده أنها طلقت وخلصت، لكن كان ذلك أثر الوسواس يعني اختلط الوسواس مع عدم الوسواس في آخر شيء، لكن لم يفعل شيئا عن طمأنينة وإرادة حقيقية، كان يود أن يصبر لكن الموسوس جهد عليه يعني الشيء مختلط ما بين الإرادة وعدمها، يعني صديقي من النوع الشكاك لا يعرف بالضبط ما هي ملابسات ما حصل معه، وكان دائم الشكوى في هذا الشأن، وكان عنده أيضا وسواس الكفر الذي بدوره جاء بوسواس فسخ العقد وما شابه، فأصبح يشعر دائما أن زوجته غير حلال له، ودائما متحرج ومتضايق وصدره مقبوض، مما أدى إلى ارتياحه عند معرفة أنه فصلت عنه زوجته لكن بوسواسه، وأصبح يفكر أفكارا شيطانية ألا وهي يجب طلاقها ثلاثا حتى لو تزوجت ورجعت له بعد ذلك ترجع نظيفة من غير ولا طلقة حتى يكون له متسع للوسوسة، والله تفكير غير عقلاني، وهو خارج عن شخص غير متزن عقليا، ولا يتكلم بكل قواه العقلية. فهل هذا الطلاق واقع علما بأن طرده لزوجته كان خمسين مرة بنية الطلاق حتى يخلص على كل الطلقات للأسباب تلك. فهل يقع طلاق من كان بهذا التفكير؟ وهل له أن يأخذ الرخص الشرعية لأنه مريض بالوسواس؟ ويأخذ فتوى ابن العثيمين وهي عدم وقوع طلاق العدة يعني كل الذي صار معه طلقة واحدة حتى يرتاح، والله إن حاله غير مطمئن ويفكر مجددا بطردها، لأنه لم يرتح ولم يشعر بأنها حلال له، وهو أيضا فكر في الانتحار لكن لم يفعل خوفا من الله. فما رأيكم؟ وهل طلاق من بهذا الحال واقع؟ أنا أريد إجابة واضحة وواحدة يريد أما تظل زوجته أم لا تظل عنده أريد أن أجعله يقرؤها حتى يرتاح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا في فتاوى سابقة أن طلاق الموسوس الذي غلب على عقله لا يقع، وقد نقلنا كلام أهل العلم في ذلك بالفتوى رقم: 62353 ، والفتوى رقم: 102665، فراجعهما. وهذا على فرض أنه قد تلفظ بالطلاق فعلا من غير قصده وإنما بدافع الوسوسة، وأما إذا لم يتلفظ به أصلا، وإنما حدث بذلك نفسه فطلاقه حينئذ أولى بعدم الوقوع.

والأصل بقاء المرأة في عصمة زوجها فلا تخرج عن عصمته بمجرد الشك، كما أوضحنا بالفتوى رقم: 72271.

وما ذكرنا من إجابة فإنما هي من جهة العموم، وقد وردت إلينا أسئلة مماثلة، وهي من صاحب الشأن نفسه فيما يظهر، وقد بينا له أن الأفضل أن يراجع المحكمة الشرعية أو أحد العلماء الموثوق بهم ليشرح لهم حقيقة ما حدث، فيحيبونه إجابة محددة بناء على ذلك. وقد نبهناه أيضا إلى خطورة الانتحار، وبينا له حكم أخذ العامي بفتوى عالم معين وتنزيله لها على حالته، وما هو واجب في حق العامي وهو سؤال أهل العلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني