السؤال
ما هو موقف أهل السنة من أهل البدع والأهواء، وهل يدخل من انتسب لجماعة من الجماعات في أهل البدع لما تقوم به هذه الجماعات من ابتداع في دين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟
ما هو موقف أهل السنة من أهل البدع والأهواء، وهل يدخل من انتسب لجماعة من الجماعات في أهل البدع لما تقوم به هذه الجماعات من ابتداع في دين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن منهج أهل السنة في التعامل مع أهل البدع والأهواء هو اعتزالهم، وعدم التعاون معهم فيما يدعون إليه أو يمارسونه من البدع، لأن التعاون معهم منهي عنه بعموم قوله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2].
ولا شك أن الدعوة إلى البدع من أكبر الإثم والعدوان الذي نهانا الله عنه، لأنه اتباع لشرعٍ لم يأذن به الله.
ولا شك أن القرب من أهل البدع فيه من الخطر على دين المرء ما فيه، فكيف إذا انضم إلى القرب منهم الانتماء لهم والعمل معهم؟! والفتن أخَّاذة تجذب من تعرض لها، وتُهلك من استشرفها.
لكن إذا وُجدت بعض الجماعات التي تدعو إلى الحق، وتتمسك بالكتاب والسنة، فلا مانع من التعاون معهم، فيما يدعون إليه من الحق، مع الحذر من التعصب لهم، والانغلاق على مفهومهم، لأن الغالب على هذه الجماعات أنها تخدم الإسلام من جوانب، وتهمل جوانب أخرى، فمن حصر نفسه في العمل مع جماعة معينة فاته من الخير الكثير.
قال ابن القيم في مدارج السالكين شرحاً لقول الهروي عن علامات اتباع الرسل: أنهم لم ينسبوا إلى اسم. فقال ابن القيم: أي لم يشتهروا باسم يُعرفون به عند الناس من الأسماء التي صارت أعلاماً لأهل الطريق، وأيضاً فإنهم لم يتقيدوا بعمل واحد، يجري عليهم اسمه، فيعرفون به دون غيره من الأعمال، فإن هذا آفة في العبودية، وهي عبودية مقيدة.
وأما العبودية المطلقة: فلا يُعرف صاحبها باسم معين من معاني أسمائها، فإنه مجيب لداعيها على اختلاف أنواعها، فله مع كل أهل عبودية نصيب يضرب معهم بسهم، فلا يتقيد برسم ولا إشارة ولا اسم، ولا بزي، ولا طريق وضعي اصلاحي.
بل إذا سُئل عن شيخه؟ قال: رسول الله، وعن طريقته؟ قال: الاتباع. وعن خرقته؟ قال: لباس التقوى. وعن مذهبه؟ قال: (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ). وعن رباطه وخانكاه؟ قال: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) [النور: 36-37]. وعن نسبه؟ قال:
أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم
وراجع الفتوى رقم: 7938، ورقم: 4321.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني