الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توريث المال للورثة يُرجَى منه المثوبة

السؤال

إذا توفي الانسان وليس له أولاد, وله إخوة وأخوات وأبناؤهم, وأورثهم ماله وما يملك, فهل له أجر على توريثهم؛ لأن المال من كَدِّه وجهده؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فالمرجو للميت أن يؤجر على ما خلفه من مال لورثته إذا كان ماله حلالًا سواء كان من كدِّه - كما ذكر السائل -, أو حصله بطريق آخر مباح كميراث, أو هبة, ونحوهما, وسواء كان الورثة أولاده أو إخوته أو غيرهم من الورثة, ويدل على أنه يؤجر على توريثهم قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد - رضي الله عنه - لما مرض في مكة وعاده " إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ, وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ ", وقوله في الحديث "إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ " يحتمل أمرين ذكرهما أبو الوليد الباجي في المنتقى فقال: أَحَدُهُمَا : أَنَّ بَقَاءَ وَرَثَتِهِ فِي غِنًى عَنْ النَّاسِ أَطْيَبُ لِنَفْسِهِ مِنْ أَنْ يَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَهَذَا الَّذِي جُبِلَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ فَمَا مِنْ أَحَدٍ فِي الْأَغْلَبِ إِلَّا يُرِيدُ الْخَيْرَ وَالْخَصْبَ لِذُرِّيَّتِهِ, وَرُبَّمَا آثَرَهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ, وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُشِيرَ بِذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَم إِلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَأَكْثَرُ لِأَجْرِهِ. اهــ
وقال الحافظ في الفتح: قَوْله: " إِنَّك أَنْ تَدَع " وَهُوَ عِلَّة لِلنَّهْيِ عَنْ الْوَصِيَّة بِأَكْثَر مِنْ الثُّلُث، كَأَنَّهُ قِيلَ لَا تَفْعَل لِأَنَّك إِنْ مُتّ تَرَكْت وَرَثَتك أَغْنِيَاء, وَإِنْ عِشْت تَصَدَّقْت وَأَنْفَقْت, فَالْأَجْر حَاصِل لَك فِي الْحَالَيْنِ .. اهــ .
ومثله قول العيني في عمدة القاري: لأنك إن مت تركت ورثتك أغنياء, وإن عشت تصدقت وأنفقت، فالأجر حاصل لك حيًّا وميتًا .. اهــ
وقال ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - عن قوله في الحديث " إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ " قال: وفي هذا: دليل على أن الميت إذا خلف مالًا للورثة فإن ذلك خير له. اهـ, فيُرجى للميت أن يؤجر على توريثه المال لورثته.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني