السؤال
كان عندي كفارة يمين، فوزعتها على العمال (عمال النظافة)، فطلب مني واحد من العمال أن أعطيه واحدا زيادة، ليعطيه لصاحبه الثاني، فهل هم من المستحقين للكفارة؟ وهل أعيد واحدة من الكفارة لأن واحدا أخذ طعامين، وقال: ليعطيه صاحبه؟
كان عندي كفارة يمين، فوزعتها على العمال (عمال النظافة)، فطلب مني واحد من العمال أن أعطيه واحدا زيادة، ليعطيه لصاحبه الثاني، فهل هم من المستحقين للكفارة؟ وهل أعيد واحدة من الكفارة لأن واحدا أخذ طعامين، وقال: ليعطيه صاحبه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالغالب على عمال النظافة أنهم من المساكين لكون راتبهم قليلا لا يكفيهم، فيجوز دفع الكفارة إليهم، وإذا كان ذلك العامل قد صرح لك بأن صديقه عامل نظافة أيضًا، أو بأنه مسكين، أو ظننت ذلك، فلا تطالبين بإخراج بدلها، فلو ظننت أن صاحبه من مصارف الكفارة، ثم ظهر أنه غني، أجزأك، ولم تطالبي بإعادة إخراجها عند بعض الفقهاء، جاء في كشاف القناع: والكفارة كالزكاة فيما تقدم، فلا يجوز دفعها إلا لمن يعلمه أو يظنه من أهلها، وإن دفعها إلى من لا يستحقها لم تجزئه، إلا لغني إذا ظنه فقيراً. اهــ.
قال ابن رجب، وغيره: ولو دفع صدقته إلى من يظنه فقيرًا، وكان غنيًا في نفس الأمر، أجزأته على الصحيح؛ لأنه إنما دفع إلى من يعتقد استحقاقه، والفقر أمر خفي، لا يكاد يطلع على حقيقته. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: وَإِذَا أَعْطَى مَنْ يَظُنُّهُ فَقِيرًا فَبَانَ غَنِيًّا، فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: يُجْزِئُهُ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْطَى الرَّجُلَيْنِ الْجَلْدَيْنِ، وَقَالَ: إنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا مِنْهَا، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ، وَقَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي سَأَلَهُ الصَّدَقَةَ: إنْ كُنْت مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ. وَلَوْ اعْتَبَرَ حَقِيقَةَ الْغِنَى لَمَا اكْتَفَى بِقَوْلِهِمْ. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدِ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ، فَأُتِيَ، فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُك فَقَدْ قُبِلَتْ، لَعَلَّ الْغَنِيَّ أَنْ يَعْتَبِرَ فَيُنْفِقَ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. اهـ.
والله تعالى أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني