السؤال
أحب القراءة والمطالعة في الأمور الفقهية، ولكن في المسائل الخلافية دائماً أرى جميع الآراء وأعرضها على الأدلة. فأحياناً يقع في قلبي ترجيح أحد الآراء، إلا أني أخشى أن أتعدى حدودي؛ لكوني لست فقيهاً. ففي مسألة الطلاق، سمعت وقرأت، ورأيت أن الخلاف وقع بين العلماء في ألفاظ السراح والفراق على أنها صريحة أو غير صريحة، ووقع الخلاف فيمن إذا سُئل: هل طلقت زوجتك، فقال: نعم، وهو كاذب، أو سئل: هل لك زوجة؟ فقال: لا، ولم ينو طلاقاً، أو قال: هل لك زوجة، فقال: طلقتها، وهو كاذب. ورجحت أن الطلاق لا يقع في هذه الحالات ديانةً أبداً؛ لأن النكاح ثابت بيقين، ولا بد من عزم وقصد إنشاء حتى يزال هذا اليقين.
أما في مسألة السراح والفراق، فقد قرأت كلاما لابن القيم يقول فيه: عندما شرع الله الطلاق لم يجعل له لفظاً صريحاً، فكان اللفظ الصريح ما يرجع إلى عرف الناس. ففهمت من هذا الكلام أن لفظ الطلاق لم يوضع لحل العصمة الزوجية، فلو شرحناه لغةً لكان كل شيء اندفع وخرج من شيء كان مقترنا به، فمثلاً نقول أطلق الرصاص من البندقية، ولكن الناس في جميع الأزمان والبلدان تعارفوا على هذا اللفظ أنه خاص فقط لحل العصمة الزوجية، فأصبح صريحاً لذلك، ولأن الله سبحانه وتعالى لم يذكره في القرآن إلا لحل العصمة الزوجية، بخلاف الفراق والسراح الذي لا يستعمله أحد لحل العصمة الزوجية لا سيما في أيامنا هذه، وجاء ذكر هذين اللفظين في القرآن في غير الطلاق، فرجحت أن لفظي السراح والفراق من الكنايات، و لو قرأ فقيه ألفاظ الطلاق لا يلزمه شيء، و لو تكلم أي شخص لديه زوجة بألفاظ الطلاق الصريحة على غير وجه الإنشاء لا يلزمه شيء، بخلاف من طلق زوجته مازحاً، أو يريد تخويفها بلفظ صريح. ورجحت أن الطلاق الكنائي لا يقع إلا إذا أراد الزوج طلاقاً، فلا يقع في حال خصومة، فليس كل من أراد الطلاق أراده بعد خصومة.
فهل فهمي صحيح؟ وهل أصبت فيما رجحت من آراء؟
وشكراً.