السؤال
كتبت كتابي، وفرحي بعد العيد. حدثت مشاكل بيني وبين زوجتي، وقلت لها: والله عندما نتزوج، سيكون حالك مثل حال فلانة، وذكرت اسم أختي. وكل شخص سينام في مكان.
فهل يقع هذا ظهارا أو طلاقا، مع العلم أني لم أدخل بها، وكانت نيتي تخويفها، ولتشعر بالذنب؟
أرجو الرد، ففرحي بعد 15 يوما.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعبارة التي تلفظت بها؛ تحتمل أن تكون وعيدا وتهديدا، وتحتمل أن تكون تعليقا للتحريم على الزفاف.
فإن كنت قصدت الوعيد ولم تقصد تعليق الظهار؛ فلا يترتب على هذه العبارة ظهار ولا طلاق، ولا يلزمك إنفاذ الوعيد، وتكفيك كفارة اليمين بالله تعالى، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
وأمّا إذا كنت قصدت تعليق تحريمها على زفافها إليك؛ فهذا ظهار؛ لأنّك شبهتها بأختك على وجه التحريم.
قال البهوتي -رحمه الله- في الروض المربع: فمن شبه زوجته، أو شبه بعضها أي: بعض زوجته ببعض من تحرم عليه، أو بكل من تحرم عليه أبدا بنسب كأمه وأخته، أو رضاع كأخته منه أو بمصاهرة ...... فهو مظاهر. انتهى مختصرا.
والظهار يصح معلقا، كما يصح معجلا.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المقنع: ويصح الظهار معجلاً ومعلقًا بشرط، ومطلقاً، وموقتاً. انتهى.
وأكثر أهل العلم على أنّ الظهار يصحّ قبل الدخول بالزوجة.
جاء في الفتاوى الهندية: يصح الظهار من الصغيرة والرتقاء والقرناء، والحائض والنفساء والمجنونة، وغير المدخول بها. انتهى.
وقال الحطاب -رحمه الله- في مواهب الجليل: والظهار لازم في كل زوجة مدخول بها، أو غير مدخول بها على أي حال، من زوج يجوز طلاقه. انتهى.
وجاء في البيان في مذهب الإمام الشافعي: ويصح الظهار من كل زوجة، صغيرة كانت أو كبيرة، عاقلة كانت أو مجنونة، يمكن جماعها، أو لا يمكن. مدخولا بها أو غير مدخول بها؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3]. انتهى.
وقال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ويصح الظهار من كل زوجة، كبيرة كانت أو صغيرة، مسلمة كانت أو ذمية، ممكنا وطؤها، أو غير ممكن.. انتهى.
وعليه؛ فإنّ زوجتك إذا زفت إليك؛ لم يجز لك الاستمتاع بها إلا بعد أن تكفر كفارة الظهار، المذكورة في قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا {المجادلة:3-4}.
وذهب بعض أهل العلم، كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أن الظهار المعلق بقصد التهديد ونحوه؛ حكمه حكم اليمين بالله تعالى؛ فتكفي فيه كفارة اليمين بالله، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
قال الرحيباني الحنبلي -رحمه الله-: اخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي رِسَالَتِهِ "لَمْحَةُ الْمُخْتَطِفِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْحَلِفِ" وَغَيْرِهَا: لَا وُقُوعَ فِي الْحَلِفِ بِنَحْوِ طَلَاقٍ كَظِهَارٍ، وَعِتْقٍ، بَلْ يَلْزَمُ الْحَالِفَ بِذَلِكَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. انتهى.
والله أعلم.