الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إنفاق الأم على أبنائها من الفوائد الربوية

السؤال

أمي لديها مبلغ من المال تركه لها أبي منذ أن توفي، ولكنها أودعته في بنك ربوي منذ تسع سنين، وتأخذ فائدة ربوية، ولكنها ليست بالضخمة.
مع العلم أننا أربع أبناء، اثنان يعملان ويساعدان أمي، ومع ذلك تقول لي بعد أن نصحتها بالابتعاد عن البنك: من أين ننفق إذ المبلغ الذي يأتيني به أخواك ليس بكاف للمعيشة، وهما في حاجة للزواج؟
أخي دائما يعرض عليها فكرة أن تتاجر مع أحد، لكنها تخاف ضيعة المال؛ لكثرة الخبث في المجتمع وعدم الأمانة، أو أن تقوم بإنشاء مشروع، لكن المال للأسف لا يكفي لعمل مشروع، لقد كان يكفي لكن مع مرور الزمن أصبح لا يكفي.
أما أنا وأخي الآخر ففي فترة دراسة، ونحتاج أيضا إلى مصاريف. فهل يعتبر هذا المال حراما، ونحن آكلون للربا؟ وإذا كان كذلك فماذا أفعل؟
هل أنا بالفعل آكل ربا؛ لكوني آكل معهم وأشرب؟ مع العلم أنني تحدثت معها وحذرتها، وقلت لها: عندما أعمل سوف تنتهين عن هذا المال، وإلا فسوف أقطع الكلام معك للأبد.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن المهم أن تعلم أولا أن المال الذي تركه والدكم هو تركةٌ، وحق لكل الورثة يقسم بينهم القسمة الشرعية.

وليس لأمك حق في أن تستحوذ على نصيبهم، أو تتصرف فيه بتجارة أو غيرها بدون إذن من الورثة. فمن كان من الورثة بالغا؛ فله الحق في أخذ نصيبه.

ومن كان منهم دون سن البلوغ؛ فليس لأمك حق الوصاية على ماله لمجرد أنها أمّه، ولا تكون وصية على صغارها في أموالهم، إلا إذا أوصى والدك قبل وفاته بأن تكون هي الوصية عليهم، أو تم تعيينها من المحكمة وصية عليهم.

فإن لم يكن هذا ولا ذاك؛ فليس لها حق في التصرف في أموال الورثة الصغار.

وانظر الفتوى: 28545 في بيان من يتولى أموال القاصرين والعاجزين.

ولا شك في تحريم وضع المال في بنك ربوي، وأخذ الفائدة الربوية، فإن هذا من الربا الصريح، وتلك الزيادة الربوية لا يحل أكلها.

والواجب سحب أصل المال من المصرف، والتخلص من الفوائد الربوية بإنفاقها في المصالح العامة. وقد بينا في الفتوى: 126602 كيفية التخلص من الفوائد الربوية.

فاجتهدوا في نصح أمكم وتذكيرها بالله تعالى، وأن الحاجة لا تبرر أكل الربا، وأن ما عند الله تعالى لا ينال بمعصيته.

فإن استجابت للنصيحة فذاك، وإلا تعين على البالغ منكم سحب نصيبه من ذلك المال الموضوع في البنك الربوي إن أمكن.

وأما الأكل من نفقتها؛ فإن كان لها دخلٌ آخر حلال؛ كالمال الذي يكسبه أخواك، ويساعدان به أمك فيما ذكرت؛ فإن حكم الأكل من نفقتها هو حكم الأكل من المال المختلط، فمن أهل العلم مَن منع من الأكل منه مطلقا، ومنهم من أجاز مطلقا، ومنهم من فصل فقال: إن غلب الحرام فهو حرام، وإن غلب الحلال فهو حلال. وراجع الفتوى: 6880.

ومن كان منكم محتاجا، وليس له كسب، فنرجو أن لا يكون عليه إثم.

وأما إن لم يكن لها دخل آخر إلا ما تستفيده من ذلك الكسب الربوي؛ فلا يحل لكم الأكل من تلك الفوائد الربوية إلا عند الضرورة الملجئة، كأن يوجد منكم من هو صغير، وليس له من ينفق عليه، أو بالغ عاجز عن الكسب، أو لم يجد عملا.

وانظر الفتوى: 167569 في حكم استفادة الأبناء من أموال أمهم الربوية، ومثلها الفتوى: 38599.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني