الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام خدمة الوالدين عند العجز عن خدمة أنفسهما

السؤال

أصيبت والدتي بجلطة في المخ أدت إلى شلل نصفي، ولها من الأبناء: 4 أبناء وبنت، متزوجون جميعا إلا واحدا، وكانت قد أوصت -شفاها الله- قبل إصابتها -وهي في كامل وعيها- أن لا تكشف على أحد غير أختي في حال مرضت، وكانت غير قادرة على خدمة نفسها، وهو ما حدث بعد مرضها، وكان زوج أختي متفهما للوضع لفترة، والآن يقول إن أختي غير مكلفة شرعا بخدمتها، علما بأننا جميعا نتناوب على خدمتها، وتختص أختي بالجزء الخاص بوصية والدتي، فهل أختي غير مكلفة شرعا بخدمة أمها كما قال الزوج؟ وهل للزوج الحق في منع زوجته من خدمة أمها في ظل وصية الأم؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فخدمة الوالدين عند حاجتهما إليها، وعجزهما عن القيام عليها بالنفس، أو بالمال حق واجب على أولادهما جميعا -ذكورهم، وإناثهم- إما أن يقوموا بالخدمة بأنفسهم، أو يستأجروا من يقوم بخدمتهما إن حصلت الكفاية بذلك.

قال السفاريني -رحمه الله- في غذاء الألباب عند كلامه على حقوق الوالدين: ومن حقوقهما خدمتهما إذا احتاجا، أو أحدهما إلى خدمة. انتهى.

وقال الخادمي الحنفي -رحمه الله- في بريقة محمودية متحدثاً عن حقوق الوالدين: إذا احتاجا إلى الخدمة خدمهما. انتهى.

وجاء في الموسوعة الفقهية: أما خدمة الولد لوالده، أو استخدام الأب لولده: فجائز بلا خلاف، بل إن ذلك من البر المأمور به شرعاً، ويكون واجباً على الولد خدمة، أو إخدام والده عند الحاجة. انتهى.

وعليه؛ فإن كانت أمكم محتاجة للخدمة فالواجب عليكم جميعا خدمتها؛ وعلى أختكم أن تقوم بحصتها من خدمة أمها، وتلي أمورها الخاصة التي تحتاج إلى اطلاع على العورات، ونحو ذلك، لكون عورة المرأة مع المرأة أخف من عورتها مع الرجال المحارم، ولكون الأمّ أوصت بذلك؛ لكن إذا منعها زوجها من خدمة أمها؛ فهي معذورة، وعليها أن تقوم بما تقدر عليه من البر، والإحسان، وتستأجر من تقوم بخدمة أمّها، أو تساهم في أجرتها إن أمكنها ذلك، وراجع الفتوى: 190983.

ولا ينبغي للزوج أن يمنع زوجته من خدمة أمّها؛ لكن إذا تعارض ذلك مع حقّه فله منعها؛ لأنّ حق الزوج آكد من حقّ الوالدين، قال ابن تيمية -رحمه الله: الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا، وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَبُ. انتهى من مجموع الفتاوى.

وإذا دعت الحاجة إلى قيام الأبناء بخدمة أمّهم في الأمور التي فيها اطلاع على العورة ونحو ذلك؛ فلا حرج عليهم في هذه الحال، قال الرحيباني -رحمه الله- في مطالب أولي النهى: ولطبيب، ومن يلي خدمة مريض، أو أقطع يدين، ولو أنثى، في وضوء، واستنجاء نظر، ومس ما دعت إليه حاجة حتى الفرج؛ لأن ذلك موضع حاجة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني