[ 7453 / 1 ] وعن قال: "أتيت حبيب بن أبي ثابت وهو في مسجد (خير ) فاعتزلنا في ناحية المسجد، فقلت: ألا تخبرني عن هؤلاء أبا وائل وحين فارقوه واستحل قتالهم؟ قال: لما كنا بصفين استحر القتل في أهل الشام ... فذكر قصة قال: فرجع القوم الذين قتلهم علي فيم فارقوه؟ وفيم استجابوا له حين دعاهم؟ إلى الكوفة، وقال فيه الخوارج ما قالوا، ونزلوا علي بحروراء، وهم بضعة عشر ألفا فأرسل علي إليهم يناشدهم الله: ارجعوا إلى خليفتكم، فبم (نقضتم ) عليه، أفي قسمة أو قضاء؟ قالوا: نخاف أن ندخل في فتنة. قال: فلا تعجلوا ضلالة العام مخافة فتنة عام قابل. فرجعوا، فقالوا: نكون على ناحيتنا فإن قبل القضية قاتلناه على ما قاتلنا عليه أهل الشام بصفين، وإن نقضها قاتلنا معه. فساروا حتى قطعوا نهروان، وافترقت منهم فرقة يقتلون الناس، فقال أصحابهم: ما على هذا فارقنا عليا. فلما بلغ عليا صنيعهم قام، فقال: أتسيرون إلى عدوكم، أو ترجعون إلى هؤلاء الذين خلفوكم في دياركم؟ قالوا: بل نرجع إليهم. قال: فحدث علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن طائفة تخرج من قبل المشرق، عند اختلاف من الناس، لا ترون جهادكم مع جهادهم شيئا، ولا صلاتكم مع صلاتهم شيئا، ولا صيامكم مع صيامهم شيئا، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، علامتهم رجل عضده كثدي المرأة، يقتلهم أقرب الطائفتين من الحق. فسار علي إليهم، فاقتتلوا قتالا شديدا، فجعلت خيول علي تقوم لهم فقال: يا أيها الناس، إن كنتم إنما تقاتلون في فوالله ما عندي ما أجزيكم به، وإن كنتم إنما تقاتلون لله فلا يكونن هذا قتالكم. قال: فأقبلوا عليهم، فقتلوهم كلهم، فقال: ابتغوه، فطلبوه فلم يوجد، فركب علي دابته وانتهى إلى وهدة من الأرض فإذا قتلى بعضهم على بعض، فاستخرج من تحتهم، فجر برجله يراه الناس، [ ص: 48 ] قال لا أغزو العام، فرجع إلى علي: الكوفة فقتل، واستخلف الناس فبعث الحسن بن علي، بالبيعة إلى الحسن معاوية، وكتب بذلك إلى الحسن قيس بن سعد، فقام قيس بن سعد في أصحابه، فقال: يا أيها الناس، أتاكم أمران لا بد لكم من أحدهما: دخول في فتنة، أو قتل مع غير إمام، فقال الناس: ما هذا؟ فقال: قد أعطى البيعة الحسن بن علي معاوية، فرجع الناس فبايعوا معاوية ولم يكن لمعاوية هم إلا الذين بالنهروان، فجعلوا يتساقطون عليه فيبايعونه، حتى بقي منهم ثلاثمائة ونيف ولهم أصحاب النخيلة ".
رواه بسند صحيح. إسحاق بن راهويه
[ 7453 / 2 ] وكذا وعنه أبو بكر بن أبي شيبة ولفظه: عن أبو يعلى عن حبيب بن أبي ثابت، قال: أبي وائل "أتيته فسألته عن هؤلاء علي قال: قلت: فيم فارقوه؟ وفيم استحلوه؟ وفيم دعاهم؟ وفيم فارقوه؟ وبم استحل دماءهم؟ قال: إنه لما استحر القتل في أهل الشام بصفين اعتصم معاوية وأصحابه بحيل فقال له عمرو بن العاص: أرسل إليهم بالمصحف فلا والله لا يرده عليك. قال: فجاء رجل يحمله ينادي: بيننا وبينكم كتاب الله ( القوم الذين قتلهم ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ) ... الآية. قال: قال: نعم بيننا وبينكم كتاب الله، أنا أولى به منكم. فجاءت الخوارج وكنا نسميهم يومئذ القراء وجاؤوا بأسيافهم على عواتقهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ألا تمشي إلى هؤلاء القوم حتى يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقام سهل بن حنيف، فقال: يا أيها الناس، اتهموا أنفسكم، لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا قاتلنا، وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين، فجاء رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: بلى. قال: أليس قتلانا في [ ص: 49 ] الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى. قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولم يحكم الله بيننا وبينهم؟ قال: يا ابن الخطاب، إني رسول الله ولن يضيعني أبدا. فانطلق عمر فلم يصبر متغيظا حتى أتى أبا بكر، فقال: يا أبا بكر، ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: بلى. قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى. قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ قال: يا ابن الخطاب، إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولن يضيعه الله أبدا. فنزل القرآن على عمر بن الخطاب محمد بالفتح، فأرسل إلى عمر، (فقرأه ) فقال: يا رسول الله أو فتح هو؟ قال: نعم. قال: فطابت نفسه ورجع، ورجع الناس، ثم إنهم خرجوا بحروراء أولئك العصابة من الخوارج بضعة عشر ألفا، فأرسل إليهم علي ينشدهم فأبوا عليه، فأتاهم فأنشدهم وقال: علام تقاتلون خليفتكم؟ قالوا: مخافة الفتنة. قال: فلا تعجلوا ضلالة العام مخافة فتنة عام قابل. فرجعوا، وقالوا: نسير على ما جئنا فإن قبل علي القضية قاتلنا على ما قاتلنا يوم صعصعة بن صوحان صفين، فإن نقضها قاتلنا معه. حتى بلغوا النهروان، فافترقت منهم فرقة جعلوا يهدون الناس ليلا، قال أصحابهم: ويلكم ما على هذا فارقنا عليا. فبلغ عليا، أمرهم فخطب الناس فقال: ما ترون؟ أنسير إلى الشام أم نرجع إلى هؤلاء الذين خلفوا في ذراريكم؟ قالوا: بل، نرجع، فذكر أمرهم فحدث عنهم بما فيهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن علامتهم رجل منهم يده كثدي المرأة. فساروا حتى التقوا فرقة تخرج عند اختلاف من الناس يقتلهم أقرب الطائفتين إلى الحق، بالنهروان، فاقتتلوا قتالا شديدا، فجعلت خيل علي لا تقف لهم فقام علي، فقال: يا أيها الناس إن كنتم إنما تقاتلون في فوالله ما عندي ما أجزيكم، وإن كنتم إنما تقاتلون لله فلا يكونن هذا فعالكم. فحمل الناس حملة واحدة، فانجلت الخيل عنهم وهم منكبون على وجوههم، فقال علي: اطلبوا الرجل فيهم. فطلب الناس الرجل فلم يجدوه حتى قال بعضهم: غرنا من إخواننا حتى قتلناهم، قال: فدمعت عين علي. قال: فدعا بدابته فركبها، فانطلق حتى أتى وهدة من الأرض فيها قتلى بعضهم على بعض فجعل يجر بأرجلهم حتى وجدوا الرجل تحتهم فأخبروه فقال ابن أبي طالب الله أكبر، وفرح وفرح الناس، ورجعوا، وقال علي: لا أغزو العام، ورجع إلى علي: الكوفة وقتل رضي الله عنه واستخلف [ ص: 50 ] حسن، وسار سيرة أبيه، ثم بعث بالبيعة إلى معاوية ".
وأصله المرفوع منه في صحيح مسلم وغيره وإنما سقت هذا لأن فيه زيادات على الطرق التي أخرجوها أصحاب الكتب والإمام وليس هو بهذه السياقة عند أحد منهم، وفي الصحيح بعضه من قول أحمد، أسيد بن الحضير وبعض قول علي.