قال وذلك مثل قولهم للرجل يعق والديه ، ويدخل عليهم الأذى ، ويجرم عليها الجرائم : ليس ذاك بولد ، إنما هو عدو ، وكذلك قول الرجل لمملوكه إذا كان مضارا له : ما أنت بعبد ، وهم يعلمون أن ذلك ابن هذا لصلبه ، وأن هذا ملك يمينه ، ولكنه لما كان أكبر من الحقوق الواجبة على الولد ، وكان على المملوك الطاعة ، أزال ذلك عنهم ، أمكنهم أن يصفوهما بزوال البنوة ، والعبودية في المنطق ، فإذا صارا في الأحكام ردت الأشياء إلى أصولها ، فجرت بينهم الموارثة في النسب وغيره ، وكذلك العتق ، والبيع ، ونحوه في المملوك ، فكذلك هذه أبو عبد الله : ، فقيل : ليس بمؤمن من فعل كذا إنما أحبطت الذنوب عندنا حقائق الإيمان ، ونفت اسم استكماله التي نعت الله بها أهله ، فهم في الأسماء ، والأحكام مؤمنين ، وهم في الحقائق على غير ذلك كالذي مثلت لك في الصانع ، والولد ، والمملوك . قال : وقد وجدنا لمذهبنا بيانا في التنزيل ، والسنة ، قال عز وجل : ( الذنوب التي ينفي بها أهلها من الإيمان وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم ) . [ ص: 581 ]
قال أما إنه كان بين أيديهم ، ولكنهم نبذوا العمل به ، فجعلهم في الحقيقة نابذين له ، ثم قد أحل لنا ذبائحهم ، ونكاح نسائهم ، إذ كانوا بالألسنة له منتحلين ، وبه مقرين ، وفي الحقيقة للكتاب مفارقين ، وهم بالأحكام ، والأسماء فيه داخلون . الشعبي :
قال : وأما السنة فحديثه في صلاة المرأة العاصية لزوجها ، والعبد الآبق ، والمصلي بالقوم الكارهين له أنها غير مقبولة ، ومنه حديثه في شارب الخمر أن صلاته غير مقبولة . [ ص: 582 ] وقول لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد . وقول علي : من قدم ثقله ليلة النفر ، فلا حج له . عمر :
فكل هذه الأحاديث إنما معناها عندنا لا على إبطال الحقائق ، والاستكمال ، فأما الأسماء ، والأحكام ، فإن لهم في ذلك مثلما لغيرهم . إلى ههنا كلام أبي عبيد .
[ ص: 583 ]