الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              باب ذكر خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه

              قال الشيخ : ونحن الآن ذاكرون من خلافة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وشارحون من أحوالها ، وما سبق من القول في النصوص عليها في وقتها من إجماع المسلمين على فضائله ومناقبه ومشاهير مقاماته ومآثره التي شاعت في الإسلام ، وذاعت فيهم ، فكثرت على الإحصاء ، فعظم في الإسلام غناؤه ، وحسن فيه بلاؤه ، مع ما ضام ذلك ، ولصق به من محبة الله تعالى له ، ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم له ، ومحبته لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم . [ ص: 204 ]

              وكل ما نحن ذاكروه من شأنه رحمه الله فمستنبط ذلك من كتاب الله ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأوامره ، وإن كانت إمامته وخلافته ومقاماته أظهر وأعلى ، وأشرف وأسنى من أن تحتاج إلى استخراج واستنباط .

              فأما ما نحن ذاكروه من كتاب الله تعالى فقوله : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ، ولا عمل هو أصلح ولا أجل ولا أعظم قدرا عند الله وعند رسوله من السبق بالإيمان فكان أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي رضي الله عنهم أرفع السابقين بالإيمان درجة ، وأعلاهم رتبة ، وأعظمهم قدرا وأزلفهم منزلة ؛ وكان علي ممن دخل في هذه الآية ، وفي نظائرها وما أشبهها ، [ ص: 205 ] وكان ممن وعده الله باستخلافه في هذه الآية ، والتمكين له .

              ومتى صارت الخلافة إليه بالتمكين له في الأرض ، أقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، وأمر بالمعروف ، ونهى عن المنكر ، فنجز في علي وعد الله ، وصارت إليه الخلافة ، فقام فيها بما وصفه الله حين يقول : الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر فكان علي عليه السلام داخلا في جملة أهل هذه الآية في حكمها ونصوصها .

              وجاءت الآثار الصحاح بالسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم مبينة للوحي ، مفسرة لما أنزل الله تعالى في علي وأصحابه المستخلفين معه رحمة الله عليهم أجمعين .

              فمن ذلك ما رواه سفينة ، وهو ما حدثنا به أبو القاسم عبد الله بن محمد الوراق ، قال : حدثنا علي بن [ ص: 206 ] الجعد ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن سعيد بن جهمان عن سفينة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يكون ملكا " ، قال : أمسك ، خلافة أبي بكر سنتين ، وعمر عشرا ، وعثمان اثنتي عشرة ، وعلي ستا . اهـ .

              [ ص: 207 ] قال الشيخ : فكانت هذه خلافة النبوة ، وهؤلاء الخلفاء الذين نزلت فيهم الآية وعلي آخرهم ، وبه تمت خلافة النبوة على ما بين النبي صلى الله عليه وسلم .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية