وقد ذكر غير واحد من العلماء أن الذي منهم معه من صورة الجنة والنار ونحوها على طريق التخييل لا الحقيقة في صحيحه واستدل بحديث ابن حبان في الصحيحين وغيرهما أنه قال المغيرة بن شعبة الدجال فقال لي وما يضرك ؟ قلت إنهم يقولون إن معه جبل خبز ؟ قال " هو أهون من ذلك " قال فمعناه أنه أهون على الله من أن يكون معه ذلك حقيقة بل يري ذلك وليس بحقيقة ، ويدل له أيضا الرواية السابقة أحدهما في رأي العين أبيض - الحديث . كنت أكثر من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن آية
وقال جماعة منهم ابن العربي : بل هي على ظاهرها امتحانا من الله تعالى لعباده . وحملوا قوله هو أهون إلخ أي من أن يخاف منه أو أن يضل الله به من يحبه .
قال في الإشاعة كالعلامة الشيخ مرعي ، والتحقيق الأول ، ويدل له ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم " " وبما في رواية : فالنار روضة خضراء . فمن أدرك ذلك منكم فليقع بالذي يراه أنها نار فإنه عذب بارد
وفي الصحيحين من حديث رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حديثا طويلا عن أبي سعيد الخدري الدجال فكان فيما حدثنا قال " الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه ، فيقول الدجال أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر ؟ فيقولون لا ، قال فيقتله ثم يحييه ، فيقول الرجل حين يحييه : والله ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن ، قال فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه " وأخرج يأتي وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خير الناس فيقول له أشهد أنك مسلم عنه أيضا في هذا الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدجال فيتوجه قبله رجل من المؤمنين [ ص: 93 ] فيلقاه المسالح مسالح الدجال - أي وهو جمع مسلحة قوم معهم سلاح والمسلحة كالثغر والمرقب وهو الذي يكون فيه قوم يرقبون العدو لئلا يهجم عليهم - فيقولون له أين تعمد ؟ فيقول أعمد إلى هذا الرجل الذي خرج ، قال فيقولون له أوما تؤمن بربنا ؟ فيقول : ما بربنا خفاء ، فيقولون اقتلوه فيقول بعضهم لبعض أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه ، قال فينطلقون به إلى الدجال فإذا رآه المؤمن قال : يا أيها الناس هذا الدجال الذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، قال فيأمر به الدجال فيشج فيقول خذوه وشجوه فيوسع ظهره وبطنه ضربا ، قال فيقول : أما تؤمن بي ؟ قال فيقول : أنت المسيح الكذاب ، قال فيؤمر به فينشر بالمنشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه قال ثم يمشي الدجال بين القطعتين ، ثم يقول له قم فيستوي قائما - وفي رواية قم حيا بإذني فيعود حيا - قال فيقول له أتؤمن بي ؟ فيقول ما ازددت فيك إلا بصيرة ، قال ثم يقول يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس ، قال فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاس ، فلا يستطيع إليه سبيلا ، قال فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس أنه قذفه إلى النار وإنما ألقي في الجنة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين . يخرج
قال القرطبي في تذكرته يقال إن هذا الخضر عليه السلام . قال العلامة الشيخ مرعي في بهجته ثبت أن الدجال لا يسلط على أحد بالقتل إلا على رجل واحد يخرج إليه وهو شاب حسن فيقول له الدجال أتؤمن بي وبألوهيتي فيقول له إنك اللعين الكذاب أو الدجال فيقتله ويشقه نصفين ويمشي الدجال بحماره بين الشقين ويقول له قم حيا بإذني فيعود حيا ثم يقول له بعد ذلك أتؤمن بي ؟ فيقول ما ازددت فيك إلا يقينا ، إنك اللعين ، قال إبراهيم بن محمد بن سفيان يقال إن هذا الرجل هو الخضر عليه السلام . وقد توهم القرطبي فزعم أن القائل ذلك إبراهيم أبو إسحاق السبيعي وليس كذلك وقال بعضهم إن الرجل المذكور من أصحاب الكهف وقد مر أنهم يكونون من أصحاب المهدي .
فإن قلت كيف يقال إنه لا يسلط إلا على واحد مع ما ورد عن حذيفة [ ص: 94 ] رضي الله عنه أن مع الدجال رجالا يقتلهم ثم يحييهم فالجواب أن هؤلاء الرجال إنما هم شياطين وقتله إياهم وإحياؤه لهم إنما هو في رأي العين لا على الحقيقة وأما قتل ذلك الرجل فعلى الحقيقة .