( ( الحمد لله القديم الباقي مسبب الأسباب والأرزاق ) ) ( ( حي عليم قادر موجود
قامت به الأشياء والوجود ) )
( ( الحمد ) ) لغة : الثناء باللسان على الجميل الاختياري على جهة التعظيم والتبجيل ، وعرفا فعل ينبئ عن تعظيم المنعم على الحامد وغيره . والشكر لغة : هو الحمد اصطلاحا ، وعرفا : صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه في ما خلق لأجله ، فبين
nindex.php?page=treesubj&link=29484الحمد والشكر عموم وخصوص من وجه ، يجتمعان فيما إذا كان باللسان في مقابلة نعمة ، وينفرد الحمد فيما إذا كان ( باللسان لا في مقابلة نعمة ، وينفرد الشكر فيما إذا كان ) بغير اللسان في مقابلة نعمة . واختار الجملة الاسمية الدالة على الدوام والثبات على الجملة الفعلية الدالة على التجدد والحدوث ; لأنه مع كونه على نسق الكتاب العظيم أليق بالمقام ، وتفاؤلا بذلك . وهي وإن كانت خبرية لفظا ، فهي إنشائية معنى . واختار مادة الحمد ; لاشتماله على الحاء الحلقية ، والميم الشفوية ، والدال اللسانية في استعمالها بالثناء على رب البرية ، حتى لا يخلو مخرج من نصيبه من ذلك بالكلية . و " ال " في الحمد للاستغراق ، أو الجنس ، أو العهد ، أي كل الحمد مستحق ، أو جنسه مختص ومملوك " لله " ، وعلامة ال الاستغراقية أن يخلفها كل ونحوها ، وال الجنسية إذا تعقبتها لام الاختصاص كان المعنى : جنس الحمد مختص ومملوك له - تعالى - فتفيد ما أفادته ال الاستغراقية ضمنا . وإن كانت ال للعهد ، فالمعهود ثناء الله على نفسه ، وثناء ملائكته ورسله وأنبيائه وخواص خلقه ، ولا نظر لغير ثنائهم . واللام في لله للملك أو الاستحقاق أو الاختصاص . ولما ابتدأ بالبسملة ابتداء حقيقيا ، وهو الإتيان بها قبل كل شيء أعقبها بالحمدلة ابتداء إضافيا ، أي بالنسبة لما بعدها ، وهو ما يقدم على الشروع في المقصود بالذات جمعا بين حديثي البسملة والحمدلة ، ولم يعكس لموافقة الكتاب العزيز ، فإن الصحابة
[ ص: 38 ] افتتحوا كتابته في الإمام الكبير بالتسمية ، والحمدلة تلوها ، وتبعهم جميع من كتب المصحف بعدهم في جميع الأمصار ، سواء في ذلك من يقول بأن البسملة آية ، ومن لا يقول ذلك ، فكان أولى .
( ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الْقَدِيمِ الْبَاقِي مُسَبِّبِ الْأَسْبَابِ وَالْأَرْزَاقِ ) ) ( ( حَيٌّ عَلِيمٌ قَادِرٌ مَوْجُودُ
قَامَتْ بِهِ الْأَشْيَاءُ وَالْوُجُودُ ) )
( ( الْحَمْدُ ) ) لُغَةً : الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ وَالتَّبْجِيلِ ، وَعُرْفًا فِعْلٌ يُنْبِئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ عَلَى الْحَامِدِ وَغَيْرِهِ . وَالشُّكْرُ لُغَةً : هُوَ الْحَمْدُ اصْطِلَاحًا ، وَعُرْفًا : صَرْفُ الْعَبْدِ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ فِي مَا خُلِقَ لِأَجْلِهِ ، فَبَيْنَ
nindex.php?page=treesubj&link=29484الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ ، يَجْتَمِعَانِ فِيمَا إِذَا كَانَ بِاللِّسَانِ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ ، وَيَنْفَرِدُ الْحَمْدُ فِيمَا إِذَا كَانَ ( بِاللِّسَانِ لَا فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ ، وَيَنْفَرِدُ الشُّكْرُ فِيمَا إِذَا كَانَ ) بِغَيْرِ اللِّسَانِ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ . وَاخْتَارَ الْجُمْلَةَ الِاسْمِيَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى الدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّجَدُّدِ وَالْحُدُوثِ ; لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ عَلَى نَسَقِ الْكِتَابِ الْعَظِيمِ أَلْيَقُ بِالْمَقَامِ ، وَتَفَاؤُلًا بِذَلِكَ . وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ خَبَرِيَّةً لَفْظًا ، فَهِيَ إِنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى . وَاخْتَارَ مَادَّةَ الْحَمْدِ ; لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْحَاءِ الْحَلْقِيَّةِ ، وَالْمِيمِ الشَّفَوِيَّةِ ، وَالدَّالِ اللِّسَانِيَّةِ فِي اسْتِعْمَالِهَا بِالثَّنَاءِ عَلَى رَبِّ الْبَرِيَّةِ ، حَتَّى لَا يَخْلُوَ مَخْرَجٌ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ بِالْكُلِّيَّةِ . وَ " الْ " فِي الْحَمْدِ لِلِاسْتِغْرَاقِ ، أَوِ الْجِنْسِ ، أَوِ الْعَهْدِ ، أَيْ كُلُّ الْحَمْدِ مُسْتَحَقٌّ ، أَوْ جِنْسُهُ مُخْتَصٌّ وَمَمْلُوكٌ " لِلَّهِ " ، وَعَلَامَةُ الِ الِاسْتِغْرَاقِيَّةِ أَنْ يَخْلُفَهَا كُلٌّ وَنَحْوُهَا ، وَالِ الْجِنْسِيَّةُ إِذَا تَعَقَّبَتْهَا لَامُ الِاخْتِصَاصِ كَانَ الْمَعْنَى : جِنْسُ الْحَمْدِ مُخْتَصٌّ وَمَمْلُوكٌ لَهُ - تَعَالَى - فَتُفِيدُ مَا أَفَادَتْهُ الِ الِاسْتِغْرَاقِيَّةُ ضِمْنًا . وَإِنْ كَانَتْ الْ لِلْعَهْدِ ، فَالْمَعْهُودُ ثَنَاءُ اللَّهِ عَلَى نَفْسِهِ ، وَثَنَاءُ مَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَخَوَاصِّ خَلْقِهِ ، وَلَا نَظَرَ لِغَيْرِ ثَنَائِهِمْ . وَاللَّامُ فِي لِلَّهِ لِلْمِلْكِ أَوِ الِاسْتِحْقَاقِ أَوِ الِاخْتِصَاصِ . وَلَمَّا ابْتَدَأَ بِالْبَسْمَلَةِ ابْتِدَاءً حَقِيقِيًّا ، وَهُوَ الْإِتْيَانُ بِهَا قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ أَعْقَبَهَا بِالْحَمْدَلَةِ ابْتِدَاءً إِضَافِيًّا ، أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهَا ، وَهُوَ مَا يُقَدَّمُ عَلَى الشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ جَمْعًا بَيْنَ حَدِيثَيِ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ ، وَلَمْ يَعْكِسْ لِمُوَافَقَةِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ
[ ص: 38 ] افْتَتَحُوا كِتَابَتَهُ فِي الْإِمَامِ الْكَبِيرِ بِالتَّسْمِيَةِ ، وَالْحَمْدَلَةُ تَلَوْهَا ، وَتَبِعَهُمْ جَمِيعُ مَنْ كَتَبَ الْمُصْحَفَ بَعْدَهُمْ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ آيَةٌ ، وَمَنْ لَا يَقُولُ ذَلِكَ ، فَكَانَ أَوْلَى .