( فوائد في متعلقات السيد المسيح عليه السلام )
( الأولى ) في حليته وسيرته ، أما حليته فعند من حديث البخاري عقيل بن خالد . وفي رواية آدم كأحسن ما أنت راء من أدم الرجال سبط ينطف أحمر جعد عريض الصدر - بكسر الطاء المهملة أي يقطر - زاد في رواية : أنه - بتشديد الجيم أي سرحها - وفي رواية - له لمة - أي بكسر اللام وتشديد الميم - أحسن ما أنت راء من اللمم قد رجلها . وفي حديث لمته بين منكبيه رجل الشعر يقطر رأسه ماء رضي الله عنهما مرفوعا : " ابن عباس عيسى ابن مريم عليه السلام مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس - زاد في حديث ورأيت بنحوه : أبي هريرة - يعني الحمام - ولا منافاة بين الحمرة والأدمة لجواز أن تكون أدمته صافية كما مر : لا يجد ريح نفسه كافر إلا مات . كأنما خرج من ديماس
وأما سيرته كما تقدم ويقتل القرد ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام ويتحد الدين فلا يعبد إلا الله ، ويترك الصدقة أي الزكاة لعدم من يقبلها ، وتظهر الكنوز في زمنه ولا يرغب في اقتناء المال ، ويرفع الشحناء والتباغض وينزع الله سم كل ذي سم حتى تلعب الأولاد بالحيات والعقارب فلا تضرهم ، وترعى الشاة مع الذئب فلا يضرها ، وتملأ الأرض سلما - وينعدم القتال ، وتنبت الأرض نبتها كعهد فيكسر الصليب ويقتل الخنزير آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم ، وكذا الرمانة ، وترخص الخيل لعدم القتال ، ويغلو الثور لأن الأرض تحرث كلها . ويكون مقررا لشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا أنه رسول لهذه الأمة كما مر ، ويكون [ ص: 96 ] قد علم أحكام هذه الشريعة بأمر الله تعالى وهو في السماء قبل أن ينزل .
وزعم بعض العلماء أن بنزول سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام يرفع التكليف . وهذا مردود للأخبار الواردة أنه يكون مقررا لأحكام هذه الشريعة ومجددا لها إذ هي آخر الشرائع ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم آخر الرسل ، والدنيا لا تبقى بلا تكليف ، فإن بقاء الدنيا إنما يكون بمقتضى التكليف إلى أن لا يقال في الأرض الله الله ، ذكره القرطبي في تذكرته .
وفي الحديث أنه قال صلى الله عليه وسلم : وتسلب قريش ملكها . قال الحافظ السخاوي في كتابه القناعة في القول المختصر : معنى ذلك لا يبقى لقريش اختصاص بشيء دون مراجعته فلا يعارض ذلك خبر " وابن حجر " . قال لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان البرزنجي في الإشاعة : ويدل لهذا حديث جابر عند مسلم " " وعلى هذا فلا منافاة أن يكون فيقول أميرهم تعال صل لنا فيقول لا إن بعضهم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة المهدي أميرا حتى في زمن عيسى عليه السلام ويكون مراجعته في الأمور لعيسى عليه السلام للتبرك والتيمن به .
فإن قلت كيف يصح خبر لا يزال هذا الأمر في قريش مع مشاهدتنا انفصال قريش عن الملك منذ أزمان ، فالجواب استحقاقها لهذا الأمر وإن ظلمها ظالم .
وأما عيسى فيظهر كمال العدل فلا يأخذ حقهم وربما أن يكون بقاء الأمر في قريش ولو مراجعة ، ولا شك أن قريشا يراجعون ، على أن ملوك زماننا يزعمون أنهم إنما يتملكون بالنيابة عن قريش ويعملون صورة نيابة عن نقيب السادة الأشراف على أن لبني هاشم استقلالا بالأمر في محلات كالحجاز واليمن والمغرب وغيرها .
ثم إنه لا يخفى أنه لا يحسن أن يقول إن الأمر في أيام عيسى يكون للمهدي مع كون عيسى رسولا من أولي العزم معصوما والمهدي رجل مجتهد ، نعم يكون المهدي من خواص السيد عيسى بل وزيره والمقرب لديه يراجعه في الأمور وتصدر عنه الشورى وبالله التوفيق .