[ ص: 294 ] وأما قوله
[1] . : إنه " عدل حكيم لا يظلم أحدا ، ولا يفعل القبيح - وإلا لزم الجهل أو الحاجة
[2] ، تعالى الله عنهما " .
فيقال له :
nindex.php?page=treesubj&link=20691هذا متفق عليه بين المسلمين من حيث الجملة : أن الله لا يفعل قبيحا ولا يظلم أحدا ، ولكن النزاع في تفسير ذلك ، فهو
[3] . إذا كان خالقا لأفعال العباد هل
[4] . يقال : إنه فعل ما هو قبيح منه وظلم أم لا ؟
فأهل السنة المثبتون للقدر
[5] . يقولون : ليس هو بذلك ظالما ولا فاعلا قبيحا ،
والقدرية يقولون : لو كان خالقا لأفعال العباد كان ظالما فاعلا لما هو قبيح
[6] . .
وأما كون الفعل قبيحا من فاعله فلا يقتضي أن يكون قبيحا من خالقه ، كما أن كونه أكلا وشربا لفاعله لا
[7] . يقتضي أن يكون كذلك
[8] . لخالقه ; لأن الخالق خلقه في غيره لم يقم بذاته ، فالمتصف به من قام به الفعل لا من خلقه في غيره ، كما أنه إذا خلق لغيره لونا وريحا وحركة وقدرة وعلما
[9] [ ص: 295 ] كان ذلك الغير هو المتصف بذلك اللون والريح والحركة والقدرة والعلم ، فهو المتحرك بتلك الحركة ، والمتلون بذلك اللون ، والعالم بذلك العلم ، والقادر بتلك القدرة ، فكذلك
[10] . إذا خلق في غيره كلاما أو صلاة أو صياما
[11] . أو طوافا كان
[12] . ذلك الغير هو المتكلم بذلك الكلام ، وهو المصلي ، وهو الصائم ، وهو الطائف .
[13] . [ وكذلك إذا خلق في غيره رائحة خبيثة منتنة كان هو الخبيث المنتن ، ولم يكن الرب تعالى موصوفا بما خلقه في غيره ، وإذا خلق الإنسان هلوعا جزوعا - كما أخبر تعالى بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=19إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا ) [ سورة المعارج : 19 - 21 ] - لم يكن هو سبحانه لا هلوعا ولا جزوعا ولا منوعا ، كما تزعم
nindex.php?page=treesubj&link=30239القدرية أنه إذا جعل الإنسان ظالما كاذبا كان هو ظالما كاذبا ، تعالى عن ذلك !
وهذا يدل على قول جماهير المثبتين للقدر القائلين بأنه خالق أفعال العباد ، فإنهم يقولون :
nindex.php?page=treesubj&link=28785_29658إن الله تعالى خالق العبد وجميع ما يقوم به من إرادته وقدرته وحركاته وغير ذلك .
وذهبت طائفة منهم من
الكرامية وغيرهم ،
كالقاضي أبي خازم [14] . بن القاضي أبي يعلى ، إلى أن معنى كونه خالقا لأفعال العباد أنه خالق
[ ص: 296 ] للأسباب التي عندها يكون العبد فاعلا ويمتنع ألا يكون فاعلا ، فما علم الله أن العبد يفعله خلق الأسباب التي يصير بها فاعلا ، ويقولون : إن
nindex.php?page=treesubj&link=28785أفعال العباد وجدت من جهته لا من جهة الله ، ويقولون : إن الله تعالى موجدها كما قالوا : إن الله خالقها ، ويقولون : إنه لم يكونها ولم يجعلها ، ويقولون : إن العبد تحدث له إرادة مكتسبة . لكن قد يقولون : إنها بإرادة ضرورية يخلقها الله ، كما ذكر ذلك
القاضي أبو خازم [15] . وغيره ، وقد يقولون : بل العبد يحدث إرادته مطلقا ، كما قالته
القدرية . لكن هؤلاء يقولون إن الرب يسر خلق الأسباب التي تبعث داعية على إيقاع ما يعلم أنه يوقعه ]
[16] . .
ولكن [ على قول الجمهور ]
[17] من قال : إن
[18] . الفعل هو المفعول - [ كما يقوله
nindex.php?page=showalam&ids=15658الجهم بن صفوان ، ومن وافقه
nindex.php?page=showalam&ids=13711كالأشعري وطائفة من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ]
[19] - يقول : إن أفعال العباد هي فعل الله .
فإن قال أيضا : وهي فعل لهم
[20] . لزمه أن يكون الفعل الواحد لفاعلين ، كما يحكى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11812أبي إسحاق الإسفراييني nindex.php?page=showalam&ids=13711 [21] وإن لم يقل : هي فعل لهم
[ ص: 297 ] لزمه أن تكون أفعال العباد فعلا لله لا لعباده ، كما يقوله [
nindex.php?page=showalam&ids=15658جهم بن صفوان ]
nindex.php?page=showalam&ids=13711والأشعري [22] ومن وافقه من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم
[23] الذين يقولون : إن الخلق هو المخلوق ، وإن أفعال العباد خلق لله [ عز وجل ]
[24] . ، فتكون
[25] هي فعل الله وهي مفعول الله
[26] . ، كما أنها خلقه وهي مخلوقه .
( * وهؤلاء [ لا ] يقولون
[27] . : إن العباد فاعلون لأفعالهم حقيقة ، ولكن هم مكتسبون لها ، وإذا طولبوا
[28] بالفرق بين الفعل والكسب لم يذكروا فرقا معقولا . ولهذا كان يقال : عجائب الكلام [ ثلاثة ]
[29] . : أحوال
أبي هاشم ، وطفرة
النظام ، وكسب
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري * )
[30] .
[ ص: 298 ] وهذا الذي ينكره [ الأئمة ] وجمهور العقلاء
[31] . ، ويقولون : إنه مكابرة للحس ومخالفة للشرع والعقل
[32] .
[ وأما جمهور ] أهل السنة
[33] [ المتبعون للسلف والأئمة ]
[34] فيقولون : إن
nindex.php?page=treesubj&link=28785_28784فعل العبد فعل له حقيقة ، ولكنه مخلوق لله ومفعول لله ; لا يقولون : هو نفس فعل الله ، ويفرقون بين الخلق والمخلوق ، والفعل والمفعول .
[35] . [ وهذا الفرق الذي حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب " خلق أفعال العباد " عن العلماء قاطبة
[36] . ، وهو الذي ذكره غير واحد من السلف والأئمة ، وهو قول الحنفية وجمهور المالكية والشافعية والحنبلية ، وحكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي [37] \ 284 عن أهل السنة قاطبة ، وحكاه
الكلاباذي صاحب " التعرف لمذهب التصوف " عن جميع الصوفية
[38] . ، وهو قول أكثر طوائف أهل الكلام من الهشامية
[ ص: 299 ] وكثير من
المعتزلة والكرامية ، وهو قول
الكلابية أيضا أئمة
الأشعرية فيما ذكره
أبو علي الثقفي وغيره على قول
الكرامية : " وأثبتوا لله فعلا قائما بذاته غير المفعول ، كما أثبتوا له إرادة قديمة قائمة بذاته "
[39] ، وذكر سائر الاعتقاد الذي صنفوه لما جرى بينهم وبين
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة نزاع في مسألة القرآن ، لكن ما أدري هل ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=13464ابن كلاب نفسه أو قالوه هم بناء على هذا الأصل المستقر عندهم ؟ ]
[40] . .
[ ص: 294 ] وَأَمَّا قَوْلُهُ
[1] . : إِنَّهُ " عَدْلٌ حَكِيمٌ لَا يَظْلِمُ أَحَدًا ، وَلَا يَفْعَلُ الْقَبِيحَ - وَإِلَّا لَزِمَ الْجَهْلُ أَوِ الْحَاجَةُ
[2] ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْهُمَا " .
فَيُقَالُ لَهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=20691هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ : أَنَّ اللَّهَ لَا يَفْعَلُ قَبِيحًا وَلَا يَظْلِمُ أَحَدًا ، وَلَكِنَّ النِّزَاعَ فِي تَفْسِيرِ ذَلِكَ ، فَهُوَ
[3] . إِذَا كَانَ خَالِقًا لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ هَلْ
[4] . يُقَالُ : إِنَّهُ فَعَلَ مَا هُوَ قَبِيحٌ مِنْهُ وَظَلَمَ أَمْ لَا ؟
فَأَهْلُ السُّنَّةِ الْمُثْبِتُونَ لِلْقَدَرِ
[5] . يَقُولُونَ : لَيْسَ هُوَ بِذَلِكَ ظَالِمًا وَلَا فَاعِلًا قَبِيحًا ،
وَالْقَدَرِيَّةُ يَقُولُونَ : لَوْ كَانَ خَالِقًا لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ كَانَ ظَالِمًا فَاعِلًا لِمَا هُوَ قَبِيحٌ
[6] . .
وَأَمَّا كَوْنُ الْفِعْلِ قَبِيحًا مِنْ فَاعِلِهِ فَلَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قَبِيحًا مِنْ خَالِقِهِ ، كَمَا أَنَّ كَوْنَهُ أَكْلًا وَشُرْبًا لِفَاعِلِهِ لَا
[7] . يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ
[8] . لِخَالِقِهِ ; لِأَنَّ الْخَالِقَ خَلْقُهُ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَقُمْ بِذَاتِهِ ، فَالْمُتَّصِفُ بِهِ مَنْ قَامَ بِهِ الْفِعْلُ لَا مَنْ خَلَقَهُ فِي غَيْرِهِ ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا خَلَقَ لِغَيْرِهِ لَوْنًا وَرِيحًا وَحَرَكَةً وَقُدْرَةً وَعِلْمًا
[9] [ ص: 295 ] كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ هُوَ الْمُتَّصِفَ بِذَلِكَ اللَّوْنِ وَالرِّيحِ وَالْحَرَكَةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ ، فَهُوَ الْمُتَحَرِّكُ بِتِلْكَ الْحَرَكَةِ ، وَالْمُتَلَوِّنُ بِذَلِكَ اللَّوْنِ ، وَالْعَالِمُ بِذَلِكَ الْعِلْمِ ، وَالْقَادِرُ بِتِلْكَ الْقُدْرَةِ ، فَكَذَلِكَ
[10] . إِذَا خَلَقَ فِي غَيْرِهِ كَلَامًا أَوْ صَلَاةً أَوْ صِيَامًا
[11] . أَوْ طَوَافًا كَانَ
[12] . ذَلِكَ الْغَيْرُ هُوَ الْمُتَكَلِّمَ بِذَلِكَ الْكَلَامِ ، وَهُوَ الْمُصَلِّي ، وَهُوَ الصَّائِمَ ، وَهُوَ الطَّائِفَ .
[13] . [ وَكَذَلِكَ إِذَا خَلَقَ فِي غَيْرِهِ رَائِحَةً خَبِيثَةً مُنْتِنَةً كَانَ هُوَ الْخَبِيثَ الْمُنْتِنَ ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّبُّ تَعَالَى مَوْصُوفًا بِمَا خَلَقَهُ فِي غَيْرِهِ ، وَإِذَا خَلَقَ الْإِنْسَانَ هَلُوعًا جَزُوعًا - كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=19إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ) [ سُورَةُ الْمَعَارِجِ : 19 - 21 ] - لَمْ يَكُنْ هُوَ سُبْحَانَهُ لَا هَلُوعًا وَلَا جَزُوعًا وَلَا مَنُوعًا ، كَمَا تَزْعُمُ
nindex.php?page=treesubj&link=30239الْقَدَرِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا جَعَلَ الْإِنْسَانَ ظَالِمًا كَاذِبًا كَانَ هُوَ ظَالِمًا كَاذِبًا ، تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ !
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قَوْلِ جَمَاهِيرِ الْمُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28785_29658إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُ الْعَبْدِ وَجَمِيعِ مَا يَقُومُ بِهِ مِنْ إِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَحَرَكَاتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مِنَ
الْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ ،
كَالْقَاضِي أَبِي خَازِمِ [14] . بْنِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى ، إِلَى أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ خَالِقًا لِأَفْعَالِ الْعِبَادِ أَنَّهُ خَالِقٌ
[ ص: 296 ] لِلْأَسْبَابِ الَّتِي عِنْدَهَا يَكُونُ الْعَبْدُ فَاعِلًا وَيَمْتَنِعُ أَلَّا يَكُونَ فَاعِلًا ، فَمَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ الْعَبْدَ يَفْعَلُهُ خَلَقَ الْأَسْبَابَ الَّتِي يَصِيرُ بِهَا فَاعِلًا ، وَيَقُولُونَ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28785أَفْعَالَ الْعِبَادِ وُجِدَتْ مِنْ جِهَتِهِ لَا مِنْ جِهَةِ اللَّهِ ، وَيَقُولُونَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُوجِدُهَا كَمَا قَالُوا : إِنَّ اللَّهَ خَالِقُهَا ، وَيَقُولُونَ : إِنَّهُ لَمْ يُكَوِّنْهَا وَلَمْ يَجْعَلْهَا ، وَيَقُولُونَ : إِنَّ الْعَبْدَ تَحْدُثُ لَهُ إِرَادَةٌ مُكْتَسَبَةٌ . لَكِنْ قَدْ يَقُولُونَ : إِنَّهَا بِإِرَادَةٍ ضَرُورِيَّةٍ يَخْلُقُهَا اللَّهُ ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ
الْقَاضِي أَبُو خَازِمٍ [15] . وَغَيْرُهُ ، وَقَدْ يَقُولُونَ : بَلِ الْعَبْدُ يُحْدِثُ إِرَادَتَهُ مُطْلَقًا ، كَمَا قَالَتْهُ
الْقَدَرِيَّةُ . لَكِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ إِنَّ الرَّبَّ يَسَّرَ خَلْقَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَبْعَثُ دَاعِيَةً عَلَى إِيقَاعِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُوقِعُهُ ]
[16] . .
وَلَكِنْ [ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ ]
[17] مَنْ قَالَ : إِنَّ
[18] . الْفِعْلَ هُوَ الْمَفْعُولُ - [ كَمَا يَقُولُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15658الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ ، وَمَنْ وَافَقَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13711كَالْأَشْعَرِيِّ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدَ ]
[19] - يَقُولُ : إِنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ هِيَ فِعْلُ اللَّهِ .
فَإِنْ قَالَ أَيْضًا : وَهِيَ فِعْلٌ لَهُمْ
[20] . لَزِمَهُ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الْوَاحِدُ لِفَاعِلَيْنِ ، كَمَا يُحْكَى عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11812أَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفِرَايِينِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13711 [21] وَإِنْ لَمْ يَقُلْ : هِيَ فِعْلٌ لَهُمْ
[ ص: 297 ] لَزِمَهُ أَنْ تَكُونَ أَفْعَالُ الْعِبَادِ فِعْلًا لِلَّهِ لَا لِعِبَادِهِ ، كَمَا يَقُولُهُ [
nindex.php?page=showalam&ids=15658جَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ ]
nindex.php?page=showalam&ids=13711وَالْأَشْعَرِيُّ [22] وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرُهُمْ
[23] الَّذِينَ يَقُولُونَ : إِنَّ الْخَلْقَ هُوَ الْمَخْلُوقُ ، وَإِنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ خَلْقٌ لِلَّهِ [ عَزَّ وَجَلَّ ]
[24] . ، فَتَكُونُ
[25] هِيَ فِعْلُ اللَّهِ وَهِيَ مَفْعُولُ اللَّهِ
[26] . ، كَمَا أَنَّهَا خَلْقُهُ وَهِيَ مَخْلُوقُهُ .
( * وَهَؤُلَاءِ [ لَا ] يَقُولُونَ
[27] . : إِنَّ الْعِبَادَ فَاعِلُونَ لِأَفْعَالِهِمْ حَقِيقَةً ، وَلَكِنْ هُمْ مُكْتَسِبُونَ لَهَا ، وَإِذَا طُولِبُوا
[28] بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْكَسْبِ لَمْ يَذْكُرُوا فَرْقًا مَعْقُولًا . وَلِهَذَا كَانَ يُقَالُ : عَجَائِبُ الْكَلَامِ [ ثَلَاثَةٌ ]
[29] . : أَحْوَالُ
أَبِي هَاشِمٍ ، وَطَفْرَةُ
النَّظَّامِ ، وَكَسْبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيِّ * )
[30] .
[ ص: 298 ] وَهَذَا الَّذِي يُنْكِرُهُ [ الْأَئِمَّةُ ] وَجُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ
[31] . ، وَيَقُولُونَ : إِنَّهُ مُكَابَرَةٌ لِلْحِسِّ وَمُخَالَفَةٌ لِلشَّرْعِ وَالْعَقْلِ
[32] .
[ وَأَمَّا جُمْهُورُ ] أَهْلِ السُّنَّةِ
[33] [ الْمُتَّبِعُونَ لِلسَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ ]
[34] فَيَقُولُونَ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28785_28784فِعْلَ الْعَبْدِ فِعْلٌ لَهُ حَقِيقَةً ، وَلَكِنَّهُ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ وَمَفْعُولٌ لِلَّهِ ; لَا يَقُولُونَ : هُوَ نَفْسُ فِعْلِ اللَّهِ ، وَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْخَلْقِ وَالْمَخْلُوقِ ، وَالْفِعْلِ وَالْمَفْعُولِ .
[35] . [ وَهَذَا الْفَرْقُ الَّذِي حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ " خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ " عَنِ الْعُلَمَاءِ قَاطِبَةً
[36] . ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَجُمْهُورِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ ، وَحَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13889الْبَغَوِيُّ [37] \ 284 عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ قَاطِبَةً ، وَحَكَاهُ
الْكَلَابَاذِيُّ صَاحِبُ " التَّعَرُّفِ لِمَذْهَبِ التَّصَوُّفِ " عَنْ جَمِيعِ الصُّوفِيَّةِ
[38] . ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ طَوَائِفِ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنَ الْهِشَامِيَّةِ
[ ص: 299 ] وَكَثِيرٍ مِنَ
الْمُعْتَزِلَةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ ، وَهُوَ قَوْلُ
الْكُلَّابِيَّةِ أَيْضًا أَئِمَّةُ
الْأَشْعَرِيَّةِ فِيمَا ذَكَرَهُ
أَبُو عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى قَوْلِ
الْكَرَّامِيَّةِ : " وَأَثْبَتُوا لِلَّهِ فِعْلًا قَائِمًا بِذَاتِهِ غَيْرَ الْمَفْعُولِ ، كَمَا أَثْبَتُوا لَهُ إِرَادَةً قَدِيمَةً قَائِمَةً بِذَاتِهِ "
[39] ، وَذَكَرَ سَائِرَ الِاعْتِقَادِ الَّذِي صَنَّفُوهُ لَمَّا جَرَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابْنِ خُزَيْمَةَ نِزَاعٌ فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ ، لَكِنْ مَا أَدْرِي هَلْ ذَلِكَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13464ابْنِ كُلَّابٍ نَفْسِهِ أَوْ قَالُوهُ هُمْ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْمُسْتَقِرِّ عِنْدَهُمْ ؟ ]
[40] . .