[ ص: 325 ] وإذا كان كذلك ، فهو قد استدل على عدم الرؤية بكونه
[1] ليس في جهة . وهذا الموضع [ مما ] تنازع فيه
[2] مثبتو الرؤية ، فقال الجمهور
[3] بما
[4] دل عليه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=650521إنكم ترون [5] ربكم كما ترون الشمس والقمر لا تضامون في رؤيته " . وهذا الحديث متفق [ عليه ]
[6] من طرق
[7] كثيرة ، [ وهو ]
[8] مستفيض بل متواتر عند أهل العلم بالحديث
[9] ، اتفقوا على [ صحته
[10] ، مع ]
[11] أنه جاء من وجوه كثيرة قد
[ ص: 326 ] جمع طرقها أكثر
[12] أهل العلم بالحديث ،
كأبي الحسن الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبي نعيم الأصبهاني وأبي بكر الآجري وغيرهم
[13] . ( * وقد أخرج أصحاب الصحيح
[14] ذلك من وجوه متعددة توجب لمن كان عارفا بها العلم القطعي
[15] بأن لرسول الله [ - صلى الله عليه وسلم - ]
[16] قال ذلك * )
[17] . وقالت طائفة : إنه يرى [ لا ]
[18] في جهة ، لا أمام الرائي ولا خلفه ، ولا عن يمينه ولا عن يساره ، ولا فوقه ولا تحته . وهذا هو المشهور عند متأخري
[19] nindex.php?page=treesubj&link=29639_28831الأشعرية فإن هذا مبني على اختلافهم في كون البارئ [ تعالى ]
[20] فوق العرش .
nindex.php?page=treesubj&link=29639فالأشعري وقدماء أصحابه كانوا يقولون : إنه بذاته فوق العرش ، وهو مع ذلك
[21] ليس بجسم
[22] .
[ ص: 327 ] nindex.php?page=treesubj&link=29639_33675وعبد الله [ بن سعيد ] [23] بن كلاب nindex.php?page=treesubj&link=29639والحارث المحاسبي وأبو العباس القلانسي كانوا يقولون بذلك ، بل كانوا أكمل إثباتا من
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري [24] ، [ فالعلو عندهم من الصفات العقلية ، وهو عند
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري من الصفات السمعية ]
[25] ، ( 3 ونقل ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري 3 ) [26] عن أهل السنة والحديث كما فهمه عنهم
[27] . [ وكان
أبو محمد بن كلاب هو الأستاذ الذي اقتدى به
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري في طريقه هو وأئمة أصحابه
[28] كالحارث المحاسبي
وأبي العباس القلانسي وأبي سليمان الدمشقي nindex.php?page=showalam&ids=13053وأبي حاتم البستي [29] . وخلق كثير يقولون : إن اتصافه بأنه مباين للعالم عال عليه هو من الصفات المعلومة بالعقل كالعلم والقدرة ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=28728الاستواء على العرش فهو من الصفات الخبرية ، وهذا قول كثير من أصحاب الأئمة الأربعة
[30] وأكثر أهل
[ ص: 328 ] الحديث ، وهو آخر قولي
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبي يعلى وقول
أبي الحسن بن الزاغوني [31] ، وهو قول كثير من أهل الكلام من
nindex.php?page=treesubj&link=29639_33672الكرامية وغيرهم . وأما
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري فالمشهور عنه أن كليهما صفة خبرية ، وهو قول كثير من أتباع الأئمة الأربعة وهو أول
[32] قولي
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبي يعلى وقول
التميميين وغيرهم من أصحابه ]
[33] .
وكثير من متأخري [ أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري ]
[34] أنكروا أن يكون [ الله ] فوق العرش [ أو في السماء ]
[35] . وهؤلاء [
nindex.php?page=treesubj&link=29639_28713الذين ينفون الصفات الخبرية كأبي المعالي وأتباعه ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري وأئمة أصحابه يثبتون الصفات الخبرية .
[36] [ ص: 329 ] وهؤلاء ينفونها ، فنفوا هذه الصفة ; لأنها - على قول
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري - من الصفات الخبرية ، ولما لم تكن هذه الصفة عند هؤلاء عقلية ]
[37] قالوا : إنه يرى لا في جهة
[38] .
وجمهور الناس [ من ]
[39] مثبتة الرؤية ونفاتها يقولون : إن قول هؤلاء معلوم الفساد بضرورة العقل ، كقولهم في الكلام . ولهذا يذكر
أبو عبد الله الرازي أنه لا يقول بقولهم في مسألة الكلام والرؤية
[40] أحد من طوائف المسلمين .
[ ص: 325 ] وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ، فَهُوَ قَدِ اسْتَدَلَّ عَلَى عَدَمِ الرُّؤْيَةِ بِكَوْنِهِ
[1] لَيْسَ فِي جِهَةٍ . وَهَذَا الْمَوْضِعُ [ مِمَّا ] تَنَازَعَ فِيهِ
[2] مُثْبِتُو الرُّؤْيَةِ ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ
[3] بِمَا
[4] دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=650521إِنَّكُمْ تَرَوْنَ [5] رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ " . وَهَذَا الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ [ عَلَيْهِ ]
[6] مِنْ طُرُقٍ
[7] كَثِيرَةٍ ، [ وَهُوَ ]
[8] مُسْتَفِيضٌ بَلْ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ
[9] ، اتَّفَقُوا عَلَى [ صِحَّتِهِ
[10] ، مَعَ ]
[11] أَنَّهُ جَاءَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ قَدْ
[ ص: 326 ] جَمَعَ طُرُقَهَا أَكْثَرُ
[12] أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ ،
كَأَبِي الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12181وَأَبِي نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الْآجُرِّيِّ وَغَيْرِهِمْ
[13] . ( * وَقَدْ أَخْرَجَ أَصْحَابُ الصَّحِيحِ
[14] ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ تُوجِبُ لِمَنْ كَانَ عَارِفًا بِهَا الْعِلْمَ الْقَطْعِيَّ
[15] بِأَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ [ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ]
[16] قَالَ ذَلِكَ * )
[17] . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إِنَّهُ يُرَى [ لَا ]
[18] فِي جِهَةٍ ، لَا أَمَامَ الرَّائِي وَلَا خَلْفَهُ ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَا عَنْ يَسَارِهِ ، وَلَا فَوْقَهُ وَلَا تَحْتَهُ . وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ مُتَأَخِّرِي
[19] nindex.php?page=treesubj&link=29639_28831الْأَشْعَرِيَّةِ فَإِنَّ هَذَا مَبْنِيٌ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي كَوْنِ الْبَارِئِ [ تَعَالَى ]
[20] فَوْقِ الْعَرْشِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29639فَالْأَشْعَرِيُّ وَقُدَمَاءُ أَصْحَابِهِ كَانُوا يَقُولُونَ : إِنَّهُ بِذَاتِهِ فَوْقَ الْعَرْشِ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ
[21] لَيْسَ بِجِسْمٍ
[22] .
[ ص: 327 ] nindex.php?page=treesubj&link=29639_33675وَعَبْدُ اللَّهِ [ بْنُ سَعِيدِ ] [23] بْنِ كُلَّابٍ nindex.php?page=treesubj&link=29639وَالْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْقَلَانِسِيُّ كَانُوا يَقُولُونَ بِذَلِكَ ، بَلْ كَانُوا أَكْمَلَ إِثْبَاتًا مِنَ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيِّ [24] ، [ فَالْعُلُوُّ عِنْدَهُمْ مِنَ الصِّفَاتِ الْعَقْلِيَّةِ ، وَهُوَ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيِّ مِنَ الصِّفَاتِ السَّمْعِيَّةِ ]
[25] ، ( 3 وَنَقَلَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيُّ 3 ) [26] عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ كَمَا فَهِمَهُ عَنْهُمْ
[27] . [ وَكَانَ
أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ كُلَّابٍ هُوَ الْأُسْتَاذَ الَّذِي اقْتَدَى بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيُّ فِي طَرِيقِهِ هُوَ وَأَئِمَّةُ أَصْحَابِهِ
[28] كَالْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ
وَأَبِي الْعَبَّاسِ الْقَلَانِسِيِّ وَأَبِي سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13053وَأَبِي حَاتِمٍ الْبُسْتِيِّ [29] . وَخَلْقٌ كَثِيرٌ يَقُولُونَ : إِنَّ اتِّصَافَهُ بِأَنَّهُ مُبَايِنٌ لِلْعَالَمِ عَالٍ عَلَيْهِ هُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَعْلُومَةِ بِالْعَقْلِ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28728الِاسْتِوَاءُ عَلَى الْعَرْشِ فَهُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ
[30] وَأَكْثَرُ أَهْلِ
[ ص: 328 ] الْحَدِيثِ ، وَهُوَ آخِرُ قَوْلَيِ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَقَوْلُ
أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الزَّاغُونِيِّ [31] ، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=29639_33672الْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ . وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيُّ فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّ كِلَيْهِمَا صِفَةٌ خَبَرِيَّةٌ ، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ أَوَّلُ
[32] قَوْلَيِ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَقَوْلُ
التَّمِيمِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِهِ ]
[33] .
وَكَثِيرٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي [ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيِّ ]
[34] أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ [ اللَّهُ ] فَوْقَ الْعَرْشِ [ أَوْ فِي السَّمَاءِ ]
[35] . وَهَؤُلَاءِ [
nindex.php?page=treesubj&link=29639_28713الَّذِينَ يَنْفُونَ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةَ كَأَبِي الْمَعَالِي وَأَتْبَاعِهِ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيَّ وَأَئِمَّةَ أَصْحَابِهِ يُثْبِتُونَ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةَ .
[36] [ ص: 329 ] وَهَؤُلَاءِ يَنْفُونَهَا ، فَنَفَوْا هَذِهِ الصِّفَةَ ; لِأَنَّهَا - عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيِّ - مِنَ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ ، وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الصِّفَةُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ عَقْلِيَّةً ]
[37] قَالُوا : إِنَّهُ يُرَى لَا فِي جِهَةٍ
[38] .
وَجُمْهُورُ النَّاسِ [ مِنْ ]
[39] مُثْبِتَةِ الرُّؤْيَةِ وَنُفَاتِهَا يَقُولُونَ : إِنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ ، كَقَوْلِهِمْ فِي الْكَلَامِ . وَلِهَذَا يَذْكُرُ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ أَنَّهُ لَا يَقُولُ بِقَوْلِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ الْكَلَامِ وَالرُّؤْيَةِ
[40] أَحَدٌ مِنْ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ .