فصل .
وأما قول الرافضي : "
nindex.php?page=treesubj&link=31309إن القرآن حيث ذكر إنزال السكينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم شرك معه المؤمنين إلا هذا الموضع ، ولا نقص أعظم منه " .
[ ص: 489 ] فالجواب : أولا
[1] : أن هذا يوهم أنه
[2] ذكر ذلك في مواضع متعددة وليس كذلك ، بل لم يذكر ذلك إلا في قصة
حنين .
كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=25ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=26ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها ) [ سورة التوبة : 25 ، 26 ] فذكر إنزال السكينة على الرسول والمؤمنين بعد أن ذكر توليتهم
[3] مدبرين .
وقد ذكر إنزال السكينة على المؤمنين وليس معهم الرسول في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) [ سورة الفتح : 1 ] إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=4هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ) [ سورة الفتح : 4 ] الآية ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=18لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم ) [ سورة الفتح : 18 ] .
ويقال : ثانيا : الناس قد تنازعوا في عود الضمير في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40فأنزل الله سكينته عليه ) [ سورة التوبة : 40 ] فمنهم من قال : إنه عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال : إنه عائد إلى
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر لأنه أقرب المذكورين ولأنه كان محتاجا إلى إنزال السكينة
[4] ، فأنزل السكينة عليه كما أنزلها على المؤمنين الذين بايعوه تحت الشجرة .
[ ص: 490 ] والنبي صلى الله عليه وسلم كان مستغنيا عنها في هذه الحال
[5] لكمال طمأنينته بخلاف إنزالها يوم
حنين ، فإنه كان محتاجا إليها لانهزام جمهور أصحابه وإقبال العدو نحوه
[6] وسوقه ببغلته إلى العدو .
وعلى القول الأول يكون الضمير عائدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما عاد الضمير إليه في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40وأيده بجنود لم تروها ) [ سورة التوبة : 40 ] ; ولأن سياق الكلام كان في ذكره ، وإنما ذكر صاحبه ضمنا وتبعا .
لكن يقال : على هذا لما قال لصاحبه
[7] : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40إن الله معنا ) والنبي صلى الله عليه وسلم هو المتبوع المطاع ،
nindex.php?page=showalam&ids=1وأبو بكر تابع مطيع ، وهو صاحبه والله معهما ، فإذا حصل
[8] للمتبوع في هذه الحال سكينة وتأييد كان ذلك للتابع أيضا بحكم الحال فإنه صاحب تابع لازم ، ولم يحتج أن يذكر هنا
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر لكمال الملازمة والمصاحبة التي توجب مشاركة النبي صلى الله عليه وسلم في التأييد .
بخلاف حال المنهزمين يوم
حنين ، فإنه لو قال : فأنزل الله سكينته على رسوله وسكت لم يكن في الكلام ما يدل على نزول السكينة عليهم لكونهم بانهزامهم فارقوا الرسول ، ولكونهم لم يثبت لهم من الصحبة المطلقة التي تدل على كمال الملازمة ما ثبت
nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر .
[ ص: 491 ] nindex.php?page=showalam&ids=1وأبو بكر لما وصفه بالصحبه المطلقة الكاملة ، ووصفها في أحق
[9] الأحوال أن يفارق الصاحب فيها صاحبه ، وهو حال شدة الخوف ، كان هذا دليلا بطريق الفحوى على أنه صاحبه وقت النصر والتأييد ، فإن من كان صاحبه في حال الخوف الشديد ، فلأن يكون صاحبه في حال حصول
[10] النصر والتأييد أولى وأحرى فلم يحتج أن يذكر صحبته له في هذه الحال لدلالة الكلام والحال عليها .
وإذا علم أنه صاحبه في هذه الحال علم أن ما حصل للرسول من إنزال السكينة والتأييد بإنزال الجنود التي لم يرها الناس لصاحبه المذكور فيها أعظم مما لسائر الناس وهذا
nindex.php?page=treesubj&link=34077_28914من بلاغة القرآن وحسن بيانه .
وهذا كما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62والله ورسوله أحق أن يرضوه ) [ سورة التوبة : 62 ]
[11] ، فإن الضمير
[12] [ في قوله : ( أحق أن يرضوه ) ]
[13] إن عاد إلى الله ، فإرضاؤه لا يكون إلا بإرضاء الرسول ، وإن عاد إلى الرسول فإنه لا يكون ( * إرضاؤه إلا بإرضاء الله ، فلما كان إرضاؤهما لا يحصل أحدهما إلا مع الآخر ، وهما يحصلان بشيء * )
[14] واحد ، والمقصود بالقصد الأول إرضاء الله وإرضاء الرسول تابع ، وحد الضمير في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62أحق أن يرضوه ) ، وكذلك وحد الضمير في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها ) ; لأن نزول ذلك على أحدهما يستلزم مشاركة الآخر له ، إذ محال
[ ص: 492 ] أن ينزل
[15] ذلك على الصاحب دون المصحوب ، أو على المصحوب دون الصاحب الملازم
[16] ، فلما كان لا يحصل ذلك إلا مع الآخر وحد الضمير ، وأعاده إلى الرسول فإنه هو المقصود والصاحب تابع له .
ولو قيل : فأنزل السكينة عليهما وأيدهما ، لأوهم أن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر شريك في النبوة ،
كهارون مع
موسى حيث قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا ) الآية [ سورة القصص : 35 ] ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=114ولقد مننا على موسى وهارون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=115ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=116ونصرناهم فكانوا هم الغالبين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=117وآتيناهما الكتاب المستبين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=118وهديناهما الصراط المستقيم ) [ سورة الصافات : 114 - 118 ] ، فذكرهما أولا وقومهما فيما يشركونهما
[17] فيه .
كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=26فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ) [ سورة الفتح : 26 ] إذ ليس في الكلام ما يقتضي حصول النجاة والنصر لقومهما إذا نصرا ونجيا ، ثم فيما يختص بهما ذكرهما بلفظ التثنية إذا كانا شريكين في النبوة لم يفرد
موسى كما أفرد الرب نفسه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62والله ورسوله أحق أن يرضوه ) [ سورة التوبة : 62 ] ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=24أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله ) [ سورة التوبة : 24 ] .
فلو قيل : أنزل الله سكينته عليهما وأيدهما لأوهم الشركة ، بل عاد الضمير إلى الرسول المتبوع ، وتأييده تأييد لصاحبه التابع له الملازم بطريق الضرورة .
[ ص: 493 ] ولهذا لم ينصر النبي صلى الله عليه وسلم قط
[18] في موطن إلا كان
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر رضي الله عنه أعظم المنصورين بعده ، ولم يكن أحد من الصحابة أعظم يقينا وثباتا في المخاوف منه ، ولهذا قيل :
nindex.php?page=treesubj&link=31139لو وزن إيمان nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح .
كما في السنن عن
nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=651297هل رأى أحد منكم رؤيا ؟ " فقال رجل : أنا رأيت كأن ميزانا نزل من السماء فوزنت أنت nindex.php?page=showalam&ids=1وأبو بكر فرجحت أنت nindex.php?page=showalam&ids=1بأبي بكر ، ثم وزن nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر فرجح nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ، ثم وزن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان فرجح nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، ثم رفع الميزان فاستاء لها النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " خلافة نبوة ، ثم يؤتي الله الملك من يشاء "
[19] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبو بكر بن عياش : ما سبقهم
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر بصلاة ولا صيام ، ولكن بشيء وقر في قلبه .
فَصْلٌ .
وَأَمَّا قَوْلُ الرَّافِضِيِّ : "
nindex.php?page=treesubj&link=31309إِنَّ الْقُرْآنَ حَيْثُ ذَكَرَ إِنْزَالَ السَّكِينَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرَكَ مَعَهُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعَ ، وَلَا نَقْصَ أَعْظَمَ مِنْهُ " .
[ ص: 489 ] فَالْجَوَابُ : أَوَّلًا
[1] : أَنَّ هَذَا يُوهِمُ أَنَّهُ
[2] ذَكَرَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ إِلَّا فِي قِصَّةِ
حُنَيْنٍ .
كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=25وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=26ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ) [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 25 ، 26 ] فَذَكَرَ إِنْزَالَ السَّكِينَةِ عَلَى الرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ تَوَلِّيَتَهُمْ
[3] مُدْبِرِينَ .
وَقَدْ ذَكَرَ إِنْزَالَ السَّكِينَةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَيْسَ مَعَهُمُ الرَّسُولُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ) [ سُورَةُ الْفَتْحِ : 1 ] إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=4هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) [ سُورَةُ الْفَتْحِ : 4 ] الْآيَةَ ، وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=18لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ) [ سُورَةُ الْفَتْحِ : 18 ] .
وَيُقَالُ : ثَانِيًا : النَّاسُ قَدْ تَنَازَعُوا فِي عَوْدِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 40 ] فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ عَائِدٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ عَائِدٌ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ الْمَذْكُورِينَ وَلِأَنَّهُ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى إِنْزَالِ السَّكِينَةِ
[4] ، فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِ كَمَا أَنْزَلَهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ بَايَعُوهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ .
[ ص: 490 ] وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُسْتَغْنِيًا عَنْهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ
[5] لِكَمَالِ طُمَأْنِينَتِهِ بِخِلَافِ إِنْزَالِهَا يَوْمَ
حُنَيْنٍ ، فَإِنَّهُ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا لِانْهِزَامِ جُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَإِقْبَالِ الْعَدُوِّ نَحْوَهُ
[6] وَسَوْقِهِ بِبَغْلَتِهِ إِلَى الْعَدُوِّ .
وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ الضَّمِيرُ عَائِدًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا عَادَ الضَّمِيرُ إِلَيْهِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ) [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 40 ] ; وَلِأَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ كَانَ فِي ذِكْرِهِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ صَاحِبِهِ ضِمْنًا وَتَبَعًا .
لَكِنْ يُقَالُ : عَلَى هَذَا لَمَّا قَالَ لِصَاحِبِهِ
[7] : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمَتْبُوعُ الْمُطَاعُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=1وَأَبُو بَكْرٍ تَابِعٌ مُطِيعٌ ، وَهُوَ صَاحِبُهُ وَاللَّهُ مَعَهُمَا ، فَإِذَا حَصَلَ
[8] لِلْمَتْبُوعِ فِي هَذِهِ الْحَالِ سَكِينَةٌ وَتَأْيِيدٌ كَانَ ذَلِكَ لِلتَّابِعِ أَيْضًا بِحُكْمِ الْحَالِ فَإِنَّهُ صَاحِبٌ تَابِعٌ لَازِمٌ ، وَلَمْ يَحْتَجْ أَنْ يُذْكَرَ هَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ لِكَمَالِ الْمُلَازِمَةِ وَالْمُصَاحِبَةِ الَّتِي تُوجِبُ مُشَارَكَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّأْيِيدِ .
بِخِلَافِ حَالِ الْمُنْهَزِمِينَ يَوْمَ
حُنَيْنٍ ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى نُزُولِ السَّكِينَةِ عَلَيْهِمْ لِكَوْنِهِمْ بِانْهِزَامِهِمْ فَارَقُوا الرَّسُولَ ، وَلِكَوْنِهِمْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ مِنَ الصُّحْبَةِ الْمُطْلَقَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْمُلَازَمَةِ مَا ثَبَتَ
nindex.php?page=showalam&ids=1لِأَبِي بَكْرٍ .
[ ص: 491 ] nindex.php?page=showalam&ids=1وَأَبُو بَكْرٍ لَمَّا وَصَفَهُ بِالصَّحْبِهِ الْمُطْلَقَةِ الْكَامِلَةِ ، وَوَصَفَهَا فِي أَحَقِّ
[9] الْأَحْوَالِ أَنْ يُفَارِقَ الصَّاحِبُ فِيهَا صَاحِبَهُ ، وَهُوَ حَالُ شِدَّةِ الْخَوْفِ ، كَانَ هَذَا دَلِيلًا بِطَرِيقِ الْفَحْوَى عَلَى أَنَّهُ صَاحِبُهُ وَقْتَ النَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ صَاحِبُهُ فِي حَالِ الْخَوْفِ الشَّدِيدِ ، فَلَأَنْ يَكُونَ صَاحِبُهُ فِي حَالِ حُصُولِ
[10] النَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ أَوْلَى وَأَحْرَى فَلَمْ يَحْتَجْ أَنَّ يَذْكُرَ صُحْبَتَهُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ وَالْحَالِ عَلَيْهَا .
وَإِذَا عُلِمَ أَنَّهُ صَاحِبُهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ عُلِمَ أَنَّ مَا حَصَلَ لِلرَّسُولِ مِنْ إِنْزَالِ السَّكِينَةِ وَالتَّأْيِيدِ بِإِنْزَالِ الْجُنُودِ الَّتِي لَمْ يَرَهَا النَّاسُ لِصَاحِبِهِ الْمَذْكُورِ فِيهَا أَعْظَمُ مِمَّا لِسَائِرِ النَّاسِ وَهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=34077_28914مِنْ بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ وَحُسْنِ بَيَانِهِ .
وَهَذَا كَمَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ ) [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 62 ]
[11] ، فَإِنَّ الضَّمِيرَ
[12] [ فِي قَوْلِهِ : ( أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ ) ]
[13] إِنْ عَادَ إِلَى اللَّهِ ، فَإِرْضَاؤُهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِإِرْضَاءِ الرَّسُولِ ، وَإِنْ عَادَ إِلَى الرَّسُولِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ ( * إِرْضَاؤُهُ إِلَّا بِإِرْضَاءِ اللَّهِ ، فَلَمَّا كَانَ إِرْضَاؤُهُمَا لَا يَحْصُلُ أَحَدُهُمَا إِلَّا مَعَ الْآخَرِ ، وَهُمَا يَحْصُلَانِ بِشَيْءٍ * )
[14] وَاحِدٍ ، وَالْمَقْصُودُ بِالْقَصْدِ الْأَوَّلِ إِرْضَاءُ اللَّهِ وَإِرْضَاءُ الرَّسُولِ تَابِعٌ ، وَحَّدَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ ) ، وَكَذَلِكَ وَحَّدَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ) ; لِأَنَّ نُزُولَ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِهِمَا يَسْتَلْزِمُ مُشَارَكَةَ الْآخَرِ لَهُ ، إِذْ مُحَالٌ
[ ص: 492 ] أَنْ يَنْزِلَ
[15] ذَلِكَ عَلَى الصَّاحِبِ دُونَ الْمَصْحُوبِ ، أَوْ عَلَى الْمَصْحُوبِ دُونَ الصَّاحِبِ الْمُلَازِمِ
[16] ، فَلَمَّا كَانَ لَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إِلَّا مَعَ الْآخَرِ وَحَّدَ الضَّمِيرَ ، وَأَعَادَهُ إِلَى الرَّسُولِ فَإِنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَالصَّاحِبُ تَابِعٌ لَهُ .
وَلَوْ قِيلَ : فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمَا وَأَيَّدَهُمَا ، لَأَوْهَمَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ شَرِيكٌ فِي النُّبُوَّةِ ،
كَهَارُونَ مَعَ
مُوسَى حَيْثُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا ) الْآيَةَ [ سُورَةُ الْقَصَصِ : 35 ] ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=114وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=115وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=116وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=117وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=118وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) [ سُورَةُ الصَّافَّاتِ : 114 - 118 ] ، فَذَكَرَهُمَا أَوَّلًا وَقَوْمَهُمَا فِيمَا يُشْرِكُونَهُمَا
[17] فِيهِ .
كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=26فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) [ سُورَةُ الْفَتْحِ : 26 ] إِذْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَا يَقْتَضِي حُصُولَ النَّجَاةِ وَالنَّصْرِ لِقَوْمِهِمَا إِذَا نُصِرَا وَنُجِّيَا ، ثُمَّ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِمَا ذَكَرَهُمَا بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ إِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي النُّبُوَّةِ لَمْ يُفْرِدْ
مُوسَى كَمَا أَفْرَدَ الرَّبُّ نَفْسَهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ ) [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 62 ] ، وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=24أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ ) [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 24 ] .
فَلَوْ قِيلَ : أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِمَا وَأَيَّدَهُمَا لَأَوْهَمَ الشَّرِكَةَ ، بَلْ عَادَ الضَّمِيرُ إِلَى الرَّسُولِ الْمَتْبُوعِ ، وَتَأْيِيدُهُ تَأْيِيدٌ لِصَاحِبِهِ التَّابِعِ لَهُ الْمُلَازِمِ بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ .
[ ص: 493 ] وَلِهَذَا لَمْ يُنْصَرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ
[18] فِي مَوْطِنٍ إِلَّا كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَعْظَمَ الْمَنْصُورِينَ بَعْدَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَعْظَمُ يَقِينًا وَثَبَاتًا فِي الْمَخَاوِفِ مِنْهُ ، وَلِهَذَا قِيلَ :
nindex.php?page=treesubj&link=31139لَوْ وُزِنَ إِيمَانُ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ بِإِيمَانِ أَهْلِ الْأَرْضِ لَرَجَحَ .
كَمَا فِي السُّنَنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=130أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=651297هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا رَأَيْتُ كَأَنَّ مِيزَانًا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ فَوُزِنْتَ أَنْتَ nindex.php?page=showalam&ids=1وَأَبُو بَكْرٍ فَرَجَحْتَ أَنْتَ nindex.php?page=showalam&ids=1بِأَبِي بَكْرٍ ، ثُمَّ وُزِنَ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرُ فَرَجَحَ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ وُزِنَ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانُ فَرَجَحَ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ ، ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ فَاسْتَاءَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " خِلَافَةُ نُبُوَّةٍ ، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ "
[19] .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11948أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ : مَا سَبَقَهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ ، وَلَكِنْ بِشَيْءٍ وَقَرَ فِي قَلْبِهِ .