فالأول العلل ، وهي الشربة الثانية . ويقال علل بعد نهل . والفعل يعلون علا وعللا ، والإبل نفسها تعل عللا . قال :
عافتا الماء فلم نعطنهما إنما يعطن من يرجو العلل
وفي الحديث : " إذا عله ففيه القود " ، أي إذا كرر عليه الضرب . وأصله في المشرب . قال الأخطل :
إذا ما نديمي علني ثم علني ثلاث زجاجات لهن هدير
[ ص: 13 ] ويقال أعل القوم ، إذا شربت إبلهم عللا . قال : في المثل : " ما زيارتك إيانا إلا سوم عالة " أي مثل الإبل التي تعل . و " عرض عليه سوم عالة " . وإنما قيل هذا لأنها إذا كرر عليها الشرب كان أقل لشربها الثاني . ابن الأعرابي
ومن هذا الباب العلالة ، وهي بقية اللبن . وبقية كل شيء علالة ، حتى يقال لبقية جري الفرس علالة . قال :
إلا علالة أو بدا هة قارح نهد الجزاره
وهذا كله من القياس الأول; لأن تلك البقية يعاد عليها بالحلب . ولذلك يقولون : عاللت الناقة ، إذا حلبتها ثم رفقت بها ساعة لتفيق ، ثم حلبتها ، فتلك المعالة والعلال . واسم اللبن العلالة . ويقال إن علالة السير أن تظن الناقة قد ونت فتضربها تستحثها في السير . يقال ناقة كريمة العلالة . وربما قالوا للرجل يمدح بالسخاء : هو كريم العلالة ، والمعنى أنه يكرر العطاء على باقي حاله . قال :
فإلا تكن عقبي فإن علالة على الجهد من ولد الزناد هضوم
وقال منظور بن مرثد في تعال الناقة في السير :
وقد تعاللت ذميل العنس بالسوط في ديمومة كالترس
والأصل الآخر : العائق يعوق . قال الخليل : العلة حدث يشغل صاحبه عن وجهه . ويقال اعتله عن كذا ، أي اعتاقه . قال :
[ ص: 14 ] فاعتله الدهر وللدهر علل
والأصل الثالث : العلة : المرض ، وصاحبها معتل . قال : عل المريض يعل علة فهو عليل . ورجل عللة ، أي كثير العلل . ابن الأعرابي
ومن هذا الباب وهو باب الضعف : العل من الرجال : المسن الذي تضاءل وصغر جسمه . قال المتنخل :
ليس بعل كبير لا حراك به لكن أثيلة صافي اللون مقتبل
قال : وكل مسن من الحيوان عل . قال : العل : الضعيف من كبر أو مرض . قال ابن الأعرابي الخليل : العل : القراد الكبير . ولعله أن يكون ذهب إلى أنه الذي أتت عليه مدة طويلة فصار كالمسن .
وبقيت في الباب : اليعاليل ، وقد اختلفوا فيها ، فقال أبو عبيد : اليعاليل : سحائب بيض . وقال أبو عمرو : بئر يعاليل صار فيها المطر والماء مرة بعد مرة . قال : وهو من العلل . ويعاليل لا واحد لها . وهذا الذي قاله الشيباني أصح; لأنه أقيس .
ومما شذ عن هذه الأصول إن صح قولها إن العلعل : الذكر من القنابر . والعلعل : رأس الرهابة مما يلي الخاصرة . والعلعل : عضو الرجل . وكل هذا كلام [ ص: 15 ] وكذلك قولهم : إنه لعلان بركوب الخيل ، إذا لم يك ماهرا . وينشدون في ذلك ما لا يصح ولا يعول عليه .
وأما قولهم : لعل كذا يكون ، فهي كلمة تقرب من الأصل الثالث ، الذي يدل على الضعف ، وذلك أنه خلاف التحقيق ، يقولون : لعل أخاك يزورنا ، ففي ذلك تقريب وإطماع دون التحقيق وتأكيد القول . ويقولون : عل في معنى لعل . ويقولون لعلني ولعلي . قال :
وأشرف بالقور اليفاع لعلني أرى نار ليلى أو يراني بصيرها
البصير : الكلب .
فأما لعل إذا جاءت في كتاب الله - تعالى - فقال قوم : إنها تقوية للرجاء والطمع . وقال آخرون : معناها كي . وحملها ناس فيما كان من إخبار الله - تعالى - على التحقيق ، واقتضب معناها من الباب الأول الذي ذكرناه في التكرير والإعادة . والله أعلم بما أراد من ذلك .