الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              ذكر جلالته عند العلماء ونبالته عند المحدثين والفقهاء .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني محمد بن عبد الملك بن زنجويه ، قال : رأيت يزيد بن هارون يصلي فجاء إليه أبو عبد الله أحمد بن حنبل فلما سلم يزيد من الصلاة التفت إلى

              أحمد بن حنبل فقال : يا أبا عبد الله ما تقول في العارية ؟ قال : مؤداة . فقال له يزيد : أخبرنا حجاج ، عن الحكم ، قال : ليست بمضمونة . فقال له أحمد بن حنبل : " قد استعار النبي صلى الله عليه وسلم من صفوان بن أمية أدرعا فقال له عارية مؤداة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : العارية مؤداة " . فسكت يزيد ، وصار إلى قول أحمد بن حنبل .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا موسى بن هارون ، ثنا نوح بن حبيب [ ص: 164 ] النرسي ، قال : رأيت أبا عبد الله أحمد بن حنبل في مسجد الخيف في سنة ثمان وتسعين ومائة مستندا إلى المنارة وجاءه أصحاب الحديث ، وهو مستند فجعل يعلمهم الفقه والحديث ويفتي لنا في المناسك .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن محمد القاضي ، قال : سمعت أبا داود السجستاني يقول : لقيت مائتين من مشايخ العلم ، فما رأيت مثل أحمد بن حنبل ; لم يكن يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا ، فإذا ذكر العلم تكلم .

              حدثنا الحسين ، ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، ثنا أحمد بن سنان القطان ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، أنه رأى أحمد بن حنبل أقبل إلينا ، وقام إليه ومن عنده فقال : هذا أعلم الناس بحديث سفيان الثوري .

              حدثنا محمد بن جعفر ، ثنا محمد بن إسماعيل بن أحمد ، ثنا أبو الفضل صالح بن أحمد بن حنبل قال : قال أبي : جاء إنسان إلى باب ابن علية ومعه كتب هشيم فجعل يلقيها علي ، وأنا أقول : هذا إسناده كذا . فجاءه المعيطي ، وكان يحفظ ، فقلت له : أجبه فيها ، فسها ، وقال : إني لم أعرف من حديثه ما لم أسمع .

              وقال أبي : وكتبت عن هشيم سنة سبع وسبعين ولم أعقل بعض سماعي ولزمته سنة ثمانين ، وإحدى وثمانين وثنتين وثلاث ، ومات في سنة ثلاث وثمانين كتبنا عنه كتاب الحج نحوا من ألف حديث ، وبعض التفسير وكتاب القضاء ، وكتبا صغارا . قال : قلت : يكون ثلاثة آلاف حديث ؟ قال : أكثر .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا إسحاق بن أحمد ، قال : سمعت أبا زرعة يقول : ما رأيت مثل أحمد بن حنبل في فنون العلم ، وما قام أحد مثل ما قام أحمد به .

              حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ، قال : سمعت أبا زرعة يقول : ما رأت عيناي مثل أحمد بن حنبل .

              قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول : حفظت كل شيء سمعته من هشيم ، وهشيم حي قبل موته .

              [ ص: 165 ]

              حدثنا الحسين بن محمد ، ثنا محمد بن أبي حاتم ، ثنا الحسن بن الحسين الرازي ، قال : سمعت علي بن المديني يقول : ليس في أصحابنا أحفظ من أبي عبد الله أحمد بن حنبل إنه لا يحدث إلا من كتابه ، ولنا فيه أسوة حسنة .

              حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن محمد القابني قال : سمعت أبي يقول : سمعت أبا قريش يقول : حكيت عن علي بن المديني ، أنه قال : ليس في أصحابنا أحفظ من أبي عبد الله فذكر مثله .

              سمعت محمد بن أحمد بن الحسن بن الصواف يقول : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول : ما رأيت أبي حدث من حفظه من غير كتاب إلا بأقل من مائة حديث .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا الحسين بن محمد بن حاتم بن عبيد ، ثنا مهنا بن يحيى الشامي قال : ما رأيت أحدا أجمع لكل خير من أحمد بن حنبل ، ورأيت سفيان بن عيينة ووكيعا وعبد الرزاق وبقية بن الوليد وضمرة بن ربيعة وكثيرا من العلماء فما رأيت مثل أحمد بن حنبل في علمه وفقهه وزهده وورعه .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن أحمد بن البراء ، قال : سمعت علي بن المديني يقول : أحمد بن حنبل سيدنا .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن علي بن شبيب السمسار ، ثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، قال : قال لي يحيى بن سعيد القطان : ما قدم علي مثل هذين الرجلين أحمد بن حنبل ويحيى بن معين .

              حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، قال : سمعت أبا عبد الرحمن بن أحمد يقول : حضر قوم من أصحاب الحديث في مجلس أبي عاصم الضحاك بن مخلد ، فقال لهم : ألا تتفقهون ، وليس فيكم فقيه ؟ وجعل يذمهم فقالوا : فينا رجل . فقال : من هو ؟ فقلنا : الساعة يجيء فلما جاء أبي قالوا : قد جاء فنظر إليه فقال له : تقدم . فقال : أكره أن أتخطى الناس . فقال أبو عاصم : هذا من فقهه ، وأخذه ، فقال : وسعوا له ، فوسعوا ، فدخل ، فأجلسه بين يديه ، فألقى [ ص: 166 ] إليه مسألة ، فأجاب ، وألقى ثانية ، فأجاب ، وثالثة ، فأجاب ومسائل فأجاب . فقال أبو عاصم : هذا من دواب البحر .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن جعفر بن سفيان الرقي ، ثنا أبو الحسن ، عن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني ، قال : قال أبو عبيد القاسم بن سلام : جالست أبا يوسف القاضي ، ومحمد بن الحسن وأكثر علي ، وقال : ويحيى بن سعيد ، وعبد الرحمن بن مهدي ، فما هبت أحدا في مسألة ما هبت أبا عبد الله أحمد بن حنبل .

              حدثنا محمد بن الفتح ، وعمر بن أحمد ، قالا : سمعنا عبد الله بن محمد بن زياد يقول : سمعت إبراهيم بن إسحاق الحربي يقول : سعيد بن المسيب في زمانه ، وسفيان الثوري في زمانه وأحمد بن حنبل في زمانه .

              حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سلم القابني قال : سمعت عبد الله بن أحمد الزوزني يقول : سمعت محمد بن الفضل بن العباس البلخي يقول : سمعت قتيبة بن سعيد يقول : لو أدرك أحمد بن حنبل عصر الثوري ومالك والأوزاعي والليث بن سعد لكان هو المقدم .

              حدثنا عمر بن أحمد بن عثمان ، ثنا عبد الله بن محمد بن زياد ، ثنا محمد بن الحسين بن أبي الحسين ، قال : سمعت سعيد بن الخليل الخراز يقول : لو كان أحمد بن حنبل في بني إسرائيل لكان آية .

              حدثنا أبي والحسين بن محمد ، قالا : ثنا أحمد بن محمد بن أبان ، ثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الصوفي قال : قال لي رجل من أهل العلم - وكان حبرا فاضلا يكنى بأبي جعفر في العشية التي دفنا فيها أبا عبد الله - : تدري من دفنا اليوم . قلت : من ؟ قال : سادس خمسة . قلت : من ؟ قال : أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وعمر بن عبد العزيز ، وأحمد بن حنبل ، قال أبو العباس : فاستحسنت ذلك منه ، وعنى بذلك أن كل واحد في زمانه .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية