المسألة الثانية : احتج الجبائي بهذه الآية ، فقال : إنها تدل على أنه تعالى لم يكلف العبد بما لا يقدر عليه ; لأن قوله : ( ولو شاء الله لأعنتكم ) يدل على أنه تعالى لم يفعل ، ولو كان مكلفا بما لا يقدر العبد عليه لكان قد تجاوز حد الإعنات وحد الضيق . الإعنات والضيق في التكليف
واعلم أن وجه هذا الاستدلال أن كلمة ( لو ) تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره ، ثم سألوا أنفسهم بأن هذه الآية وردت في حق اليتيم ، وأجابوا عنه بأن ، وأيضا فولي هذا اليتيم قد لا يفعل تعالى فيه قدرة الإصلاح ; لأن هذا هو قولهم فيمن يختار خلاف الإصلاح ، وإذا كان كذلك فكيف يجوز أن يقول تعالى فيه خاصة : ( الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ولو شاء الله لأعنتكم ) مع أنه كلفه بما لا يقدر عليه ، ولا سبيل له إلى فعله ، وأيضا فالإعنات لا يصح إلا فيمن يتمكن من الشيء فيشق عليه ويضيق ، فأما من لا يتمكن ألبتة فذلك لا يصح فيه ، وعند الخصم الولي إذا اختار الصلاح فإنه لا يمكنه فعل الفساد ، وإذا لم يقدر على الفساد لا يصح أن يقال فيه : ( ولو شاء الله لأعنتكم ) .
والجواب عنه : المعارضة بمسألة العلم والداعي ، والله أعلم .